كلما زاد التواصل بين العقل والقلب والروح، أنار الإنسان تلك الطاقة الداخلية والكامنة بداخله والتي نطلق عليها “السلام الداخلي”. ولكن كيف يؤثر التصالح مع الذات والسلام الداخلي على الانسان ؟
وكلما زاد سعي الإنسان نحو مزيد من “المصالحة مع النفس”، كلما استطاع أن يحقق السلام الداخلي لنفسه بنفسه.
وبين هذا وذاك، تظل المساحة الشخصية للإنسان هي الجسر الذي يؤهل فيه الإنسان نفسه لتحقيق الدرجات المُثلى من هذا التواصل الروحاني العميق والعظيم.
ولمزيد من المعلومات عن “السلام الداخلي” و “المصالحة مع النفس”، نتحدث في ما يلي بمقالنا في مقالات.
التعريف السيكولوجي للسلام الداخلي ..”المصالحة مع النفس”
تُعرف السيكلوجيا مصطلح السلام الداخلي بأنه ” حالة السلام التي يحياها الإنسان مع تكوينه العقلي والروحي مع ما يكفي من معرفته وفهمه للحفاظ على قوة النفس في مواجهة أي توتر“.
وبناءاً عليه فمن لديه إحساس بالسلام الداخلي هو إنسان يشعر بـ”راحة البال“، فلا يشعر بالقلق ولا التوتر حيال “عظيم الأمور” بل إن جل ما يشعر به هو ” السعادة والرضا”.
ومما سبق نستطيع أن نستشف أن “التصالح مع الذات” يعني : “القدرة على تقبل الأخطاء، والاعتراف بها بشكل طبيعي وإيجابي، دون أي داعي للتوتر أو القلق أو الخجل منها، ومواراتها تحت أقنعة الكبرياء وما إلى ذلك” .
وبناءاً عليه، فإن من يتمتع بالمصالحة مع الذات هو أكثر الناس قدرة على تقبل نقاط الضعف في الآخرين، ونواقصهم، بل ومساعدتهم في تخطي ما يواجهونه من أزمات بصورة إيجابية وقوية.
أما بالنسبة للـ”المساحة الشخصية” أو “الخاصة” فهي تلك الفترة التي يحتاجها الإنسان لتصفية نفسه مما شابها، أو أثر عليها بالسلب، وبالتالي أدى إلى تأثر سلامه الداخلية، أو قدرته في التصالح مع نفسه، وقد يحتاجها الإنسان أيضاً لمزيد من التفكير، وإعادة حساباته في جو صحي بعيداً عن أي تدخلات، وسعياً للوصول إلى نتيجة مرضية يعود بها للتعامل مع العالم بكل معطياته ومتغيراته بدرجة أقوى من ذي قبل.
وبناءاً عليه فإن حصولنا على المساحة الشخصية هو أمر ضروري، مهما كان الوضع الاجتماعي أو الدور الذي نقوم به هو أمر ضروري من أجل القدرة على الاستمرار بقلوب وأرواح سليمة.
أهم النصائح لتحقيق السلام الداخلي والتصالح مع النفس
ممارسة العبادات المتعلقة بالديانة التي ينتمي إليها الإنسان والتي تزيد من فهم الإنسان لذاته،
وزيادة تواصله مع روحه، مثل : الصلاة، أورياضات التأمل، واليوغا والتي ذاع صيتها في هذا الشأن.
تطبيق بعض التغييرات الإيجابية من فترة إلى أخرى على الإنسان وعلى المحيط حوله، بما يجدد نشاطه، ودوافعه، وثقته بكيانه؛ مثل : قضاء أكبر وقت ممكن مع الأصدقاء والعائلة، أحصل على جلسات التدليك بانتظام، احصل على إجازتك وابدأ مشروعك الخاص، تعلم شيئاً جديداً، واحرص على ممارسة بعض التمرينات الرياضية، كذلك خذ فرصتك في تعلم شيئاً جديداً، تناول طعاماً صحياً ، وخذا قسطاً من الراحة من أجل التنزه أو الاسترخاء.
احرص على تخصيص بعض الوقت للتفاعل مع الأطفال، فهو قادرون على مدك بالطاقة الإيجابية بسبب فطرتهم.
الاهتمام بالنفس بشكل دائم يعد من أكبر المحفزات التي تساعد على تحقيق الرضا عن النفس،
والشعور بالسعادة، وتعد خطوة رئيسية نحو تحقيق السلام النفسي.
كذلك فإن تجنب تضخيم الأمور، وجلد الذات، يعتبر خدوة أساسية في تحقيق التوازن بين النفس
والروح. هذا بالإضافة إلى التعامل بتلقائية ودون تكلف؛ فالمهم إرضاء نفسك أولاً كي ينعكس
رضاءك عن نفسك على مظهرك الخارجي فيصبح تقبل الآخرين لك أمراً منطقياً .
تذكر هذه الرباعية الإيجابية من أجل تحقيق التصالح مع النفس وتقبلها ” الإبتسامة، التسامح،
التقبل، التفاؤل، عدم التعصب”.
التقدير ثم التقدير ثم التقدير! قدر أبسط مجهود تقوم به، وكن ممتناً لجميع لحظات السعادة التي
تتحقق لك بمحض الصدفة، أو تلك التي نجح في أن تصنعها لنفسك، وكن مقدراً بالمقابل لما
يفعله الآخرين لأنفسهم، أو لك.
تمسك بجوهرك، واشعر بحبك لذاتك، فلا يتفق حب المظاهر والانبهار بها أو اعتبارها معياراً
للحكم على الشخصيات مع تحقيق التصالح مع النفس أو الوصول للسلام الداخلي.
يقول تنازين غياتسو الدالي لاما الرابع عشر “…. يمكن تحقيق السلام للعالم من خلال السلام
الداخلي، حيث تتضح أهمية المسؤولية الفردية؛ يجب أولاً أن نتوصل للسلام داخل أنفسنا،
ثم يتوسع تدريجياً ليشمل عائلاتنا، مجتمعاتنا، وفي نهاية المطاف الكوكب بأكمله“