أصبحت قضية التربية و التنشئة السليمة للأطفال واحدة من أهم القضايا التي تشغل المجتمع بشكل عام و الآباء بشكل خاص.
فالجميع يرغب في معرفة الأسس و القواعد السليمة التي يجب اتباعها لإخراج و تنشئة جيل جديد سوي يستطيع إفادة نفسه و أسرته بل و إفادة العالم بأسره.
و لكن مما لا شك أن هذه المهمة ليست بالسهلة على الإطلاق.
فنحن نعيش و نحيى فى ظل العديد من التطورات و التغييرات التي تفرض علينا دون أي اختيار بأن نواكبها و نسير في اتجاهها حتى نستطيع المواصلة و الإستمرار.
ولكن السؤال هنا ما هو المطلوب من الآباء فعله لكي يتمكنوا من الوصول بأبنائهم إلى بر الأمان؟، و أين نجد الصواب ؟ وكيف نتجب الخطأ ؟
كل هذا سنحاول من أن نتطلع عليه في موقعنا موقع مقالات و أن نقدم إجابة للتساؤلات التي تدور في عقول الجميع.
ما هى التنشئة السليمة للأطفال ؟ وما الذي تعنيه ؟
إن التنشئة السليمة للأطفال لهي مهمة من المهام الأصعب و الأكثر أهمية التي يمكن للإنسان أن يواجهها في حياته.
فتلك المهمة ببساطة تعني أن نحاول بأن ننشيء جيل جديد سوي و متزن نفسياً
و من ثم يكون قادر على الإعتماد على ذاته و يستطيع بأن يفيد نفسه و من حوله و لاسيما المجتمع بأكمله.
و عادة ما تأتي معرفة كل شخص بكيفية تنشئة طفل من محيطه وتربيته التي نشأ و ترعرع عليها.
و قد تنتج تلك المعرفة أيضاً من تكرار أنماط تجارب الوالدين الاجتماعية و نقلها إلى أبنائهم.
ما هي العلاقة بين الوالدين و الطفل و ما هي أهميتها ؟
عندما يتعلق الأمر بالحياة الأسرية يسعى الجميع جاهدين لمعرفة كيف يمكن أن تصبح العلاقة بين الوالدين و الأطفال مثالية
حيث تعمل أساليب الأبوة الإيجابية على تنشئة الأطفال على الانضباط و القيم الأخلاقية الجيدة.
و في الواقع هذا هو حلم كل الآباء والأمهات، ولكنه ومع ذلك فإن هذا الدور ليس بالأمر السهل على الإطلاق.
فمن الضروري معرفة أن علاقة الطفل بأبويه هي طريق ذو اتجاهين، أو بتعبير أدق فإنها في الواقع شراكة بين الوالدين و طفلهما.
و لتوضيح تلك العلاقة الوطيدة بشكل أكبر دعونا نضرب لكم مثال بسيط يمكن من خلاله تقريب الصورة بشكبل أكبر لحضراتكم.
لنتخيل بأن الطفل هنا هو حديقة صغيرة و لكن تلك الحديقة حتى الآن خالية من الثمار و الأزهار أي أنها حديقة فارغة لا تحوى على أي شيء
و بعدها يأتى الأب و الأم اللذان يتقمصان دور “البستاني” لزراعة تلك الحديقة و الإهتمام بها
ويقومون بزراعة كل ما يشتهون و يفضلون من ثمار و أزهار و فاكهة و بعد تلك الخطوة تأتي مرحلة الحصاد، تُرى ماذا يجني كلاً منهما ؟
بلا أدنى شك سيحصد كل فرد ما جنى، فنحن نجني أول ما نجنيه على أبنائنا
ففي حالة زراعتنا و غرسنا للقيم و الأخلاق الحميدة فسنجني من كل خيرات الله ونعمه، أما في حالة إهمالنا لتلك الحديقة حينها فيا بئس الحصاد.
ما هو دور الآباء في التنشئة السليمة للأطفال ؟
إن كل طفل لديه الطرق و الأساليب الخاصة به في الفهم و التلقي و التي تختلف من طفل لاخر.
و كذلك يختلف الأطفال فيما بينهم في بعض الصفات من معدلات التعلم أو معدلات النمو سواء كانت جسدية أو عاطفية أو اجتماعية أو فكرية.
و مما لا شك فيه أن كل طفل يتمتع بمواطن قوة و كذلك أيضا بمواطن ضعف.
لذا وجب على الأباء فهم حقيقية أن كل طفل يحتاج إلى أنواع مختلفة من الدعم لتلبية احتياجاته الفردية
و ذلك لأن كل طفل هو فرد فريد يجب العناية به، فيجب على الآباء والممارسين فهم واحترام احتياجات أطفالهم.
كذلك عند التعامل مع الأطفال بشكل فردي، يجب أن نفهم ونحترم شخصياتهم و قدراتهم و ثقافتهم
و أن نتفهم صعوبات التعلم أو العوائق التي تقف أمامهم، وذلك لمحاولة مساعداتهم في تخطيها و تجاوزها.
كما يجب أيضاً على الآباء التعبير عن حبهم غير المشروط لأطفالهم، و إظهار الكثير من الصبر
وكذلك تزويدهم بالدعم المستمر الذي يحتاجونه ليصبحوا واثقين من أنفسهم و سعداء، فيجب ألا يشعروهم مطلقاً بالإهمال
و من المهم أيضًا أن يحدد الآباء توقعات معقولة لأطفالهم ويخبرونهم بكلمات واضحة عما يتوقعونه منهم، وبعدها يحتاج الآباء إلى إعطائهم صورة واقعية عن إنجازاتهم.
ما هي القواعد التي يجب أن يتبعها الأباء في تنشئة الأبناء ؟
و من أهم القواعد التي لابد للآباء أن يحرصوا على تقديمها لأطفالهم هي قاعدة الإنضباط، فالإنضباط أمر بالغ الأهمية عند تربية الطفل.
حيث يحتاج جميع الأطفال لفهمه و كذلك معرفة أن لديهم حدود معينة لا يجوز على المطلق تخطيها.
فمن خلال الانضباط يتعلم الطفل أن هناك أنواع مقبولة من السلوك و أنواع أخرى غير مقبولة.
و كما يساعد وضع حدود لسلوك الأطفال على تعلمهم كيفية التصرف في المجتمع و الإلتزام بقوانينه و ضوابطه.
و كذلك من أهم و أبرز قواعد أسس التربية السليمة هي قضاء وقت كاف مع الأطفال، فيجب أن يشعر أطفالك بأنهم جزء من العائلة.
لذا حاول أن ترتب وقتًا كل يوم للجلوس معهم، و قد يحدث هذا أثناء الإفطار أو العشاء عندما تكون العائلة مجتمعة بأكملها معًا، فيجب أن يقدر الأطفال ذلك و أن يشعروا بجو عائلي ودود.
كما أنه من الضروري أن يشارك الجميع في المحادثة و يجب على الآباء الاهتمام بكل ما يقوله أطفالهم وأن ينصتوا إليهم تمام الإنصات
و أن يشعروا الطفل بأهمية ما يقوله، بل و عليهم أيضاً أن يأخذوا حديثه على محمل الجد و يضعوا كلامه بعين الإعتبار.
حينها سيشعر الطفل بأنه عضو مؤثر و فعال في أسرته، و لن يتردد بعدها في إبداء أرائه و أفكاره و لن يخشى أو يخجل من ذلك، وهذا لأنه سيكون اكتسب عنصر الثقة في الذات.
فالآباء والأمهات الذين يفكرون بصوت عالٍ مع أطفالهم، سوف يرونهم يطورون مجموعة مماثلة من الأفكار
و أيضاً سيتعلمون التحدث و التفكير بطريقة أكثر تطوراً.
وإذا كان الآباء يعبرون عن مشاعرهم من فرح أو محبة أو احترام لمشاعر الآخرين، فسيتعلم أطفالهم أنه من الجيد أن يفعلوا الشيء ذاته.
دور الجهات التعليمية المختصة في التنشئة السليمة للأطفال ؟
- تقديم الدعم و المساعدة للأطفال على التطوير و التعلم بطرق تعليمية مرحة و ممتعة من خلال التخطيط للأنشطة التي تتميز بالمرح و البهجة.
- تقديم الدعم و الإهتمام للأطفال الذين يعانون من صعوبات أو مشكلات في التعلم لتحقيق أهدافهم مثل أي أطفال آخرين، و ذلك من خلال التخطيط للأنشطة التي تناسب إهتمامهم و قدراتهم.
- تشجيع ثقافة مناهضة التمييز و العنصرية، وذلك من خلال أنشطة التخطيط التي تغطي مختلف الاحتياجات والإهتمامات بغض النظر عن العرق أو الثقافة أو الدين أو اللغة أو صعوبات التعلم أو الإعاقة أو الجنس.
- توفير المواد و المعدات المناسبة للأطفال لتحسين مهاراتهم و صقلها.
- توفير أنشطة أخرى مختلفة مثل الطهي و الخياطة و الأعمال الخشبية و الزراعة لزيادة التنسيق بين اليد والعين، و أيضاً لزيادة تنمية قدراتهم و مهاراتهم.
- تشجيع الألعاب و الأنشطة التي تنطوي على مشاركة الموارد مع الأطفال الآخرين، و ذلك لتعزيز التعاون بينهم و تعليمهم كيفية العمل في فريق.
و في النهاية نجد من خلاصة حديثنا هو أن الطفل هو الغد و المستقبل، لذلك إذا اردنا أن نتمتع بمستقبلنا و أن ننعم بغد أفضل، إذاً لابد من أن نُحسن التخطيط و الترتيب له لكي يأتي كما نريد و نأمل.