نظرة سريعة على ظاهرة التنمر المدرسي
هل سبق و تعرضت للعنف أو التنمر المدرسي ؟ هل سخر منك أحدك و ثبط من عزيمتك و قدرتك على الوصول إلى ما تريد في المدرسة ؟
هل تعرضت للإساءة و الإهانة من شخص ما سواء كان مقرب منك أو حتى لا تعرف من هو؟
إذا كانت إجابتك بنعم يؤسفني أن أخبرك بأنك قد تعرضت لظاهرة التنمر، تلك الظاهرة التي بدأت في الإنتشار على نطاق واسع وفي مختلف الأرجاء، و التي بلا شك تؤدى إلى عواقب و نتائج وخيمة، لذلك دعونا نلقى نظرة و نتعرف على ماهية تلك الظاهرة.
ما هو التنمر المدرسي وماذا يعني ؟
يشير التنمر إلى السلوك العدواني بحيث يهيمن فيه شخص و يسيطر على شخص آخر.
فإنه يشير إلى إكراه السلطة على الآخرين بحيث يمكن للفرد السيطرة عليهم و التحكم فيهم، فالتنمر هو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف (في الغالب جسديا).
و هو من الأفعال المتكررة على مر الزمن و التي تنطوي على خلل (قد يكون حقيقيا أو متصوراً) في ميزان القوى بالنسبة للشخص ذي القوة الأكبر أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقل منها في القوة.
فالتنمر عادة يكون بأشكال مختلفة؛ قد يكون لفظيا أو جسديا او حتى بالإيماءات، كما يمكن أن يكون التنمر عن طريق التحرش الفعلي و الاعتداء البدني، أو غيرها من أساليب الإكراه الأكثر دهاء.
أنواع التنمر المدرسي و أشكاله المختلفة
هناك أنواع مختلفة من التنمر، مثل:
البلطجة الجسدية: عندما تحاول الفتوات إيذاء شخص ما أو تعذيبه جسديًا ، أو حتى لمس شخص ما دون موافقته، يمكن اعتبارها بلطجة جسدية.
التنمر اللفظي: هو عندما يسخر الشخص أو يضايق الشخص الآخر باللفظ.
البلطجة النفسية: عندما يكون هناك شخص أو مجموعة من الأشخاص يثرثرون عن شخص آخر أو يستبعدونهم من أن يكونوا جزءًا من المجموعة، يمكن أن يوصفوا بالبلطجة النفسية.
التنمر عبر الإنترنت: عندما يستغل المتسللون وسائل التواصل الاجتماعي لإهانة أو إيذاء شخص ما،و قد يصدرون تعليقات سيئة ومهينة على الشخص، و بالتالي يجعلون الشخص الآخر يشعر بالحرج، و قد يقوم المتنمرون أيضًا بنشر معلومات شخصية أو صور أو مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، و ذلك لتشويه صورة شخص ما.
و يمتد التنمر ليشمل جميع الفئات و الأشخاص في مختلف الفئات العمرية المختلفة.
و لكننا سنحاول من خلال هذا المقال التركيز بشكل نسبي على ظاهرة التنمر لدى الأطفال حيث أنها تعد من أكثر المراحل العمرية التي يتعرض فيها الأفراد للتنمر.
و يؤسفنا أن نقول بأن التعرض لمثل هذه الظاهرة هو من أهم وأبرز الأسباب التي تقود بدورها إلى العنف و الجريمة في مختلف المجتمعات.
فالطفل ينمو وبداخله رغبة قوية للإنتقام و يعاني من العديد من الأزمات النفسية، والتي بدورها تدفعه إلى الإنحرف عن الطريق السليم، فالتنمر في المدارس له آثار سلبية على الطلاب الفرديين وعلى المناخ المدرسي ككل. يمكن أن تسبب البلطجة مشاكل طويلة الأجل لضحاياها كما سبق و ذكرنا.
ظاهرة التنمر المدرسي
يحدث التنمر في كافة أنحاء المدرسة، فيمكن أن يحدث في أي جزء تقريباً داخل أو حول محيط مبنى المدرسة، و على الرغم من ذلك فأنه يحدث في أكثر الأحيان في قاعات التربية البدنية، أو الاستراحة، أو المداخل، أو الحمامات، أو في حافلة المدرسة و أماكن انتظار الحافلات.
فأحياناً ما يكون التنمر في المدارس من مجموعة من الطلاب لديهم القدرة على عزل أحد الطلبة بوجه خاص و يكتسبوا ولاء بعض المتفرجين الذين يريدون تجنب أن يصبحوا هم الضحية التالية.
و يقوم هؤلاء المتنمرون بتخويف و استنزاف قوة هدفهم قبل الاعتداء عليهم جسدياً. فغالباً الأشخاص الذين يمكن اعتبارهم أهداف معرضة للتنمر في المدرسة هم التلاميذ الذين يعتبرون في الغالب غريبي الأطوار أو مختلفين عن باقي زملائهم، مما يجعل تعاملهم مع الموقف أصعب.
فالبلطجة المدرسية هي فعل يرتبط جسديا أو لفظيا أو عاطفيا أو إلكترونيا بالضحية، حيث يأتي التخويف المدرسي دائمًا مع مجموعة من الطلاب الذين يخضعون لسيطرة قائد ما يسمى بالمجموعة.
حيث يكون دافعهم هو قهر و حكم المدرسة بين الطلاب، فهم سيبدأون في البحث عن هدفهم و يبدأون مهمتهم في النهاية على هؤلاء الضحايا الضعفاء.
و بعدها يمكن تستفيد هذه المجموعة و قد تعزل طالبًا معينًا على سبيل المثال وتكتسب الولاء من المارة الذين يريدون تجنب أن يكونوا الضحية التالية، و سيقوم هؤلاء الموخوفون بالمدرسة أولاً بمضايقة هدفهم قبل مهاجمتهم جسديًا، و ذلك حتى يتمكنوا من محاصرتهم من جميع الجهات و من ثم الوصول إلى أغراضهم الدنيئة.
ظاهرة التنمر في المدارس وتأثيرها على الأطفال
عاطفياً، يعاني ضحايا البلطجة في كثير من الأحيان من مشاعر القلق الشديد و الخوف كلما كانوا في المدرسة و سوف يلقي معظم الضحية باللوم على أنفسهم في تصرفات البلطجة.
و هم يعتقدون أن ضعفهم أو عدم أهليتهم هو الذي يسهم في تعرضهم للتخويف، ومن المؤكد منه أن سلوك البلطجة هذا سوف يؤدى بدوره إلى دفع المتنمر عليهم بشكل أو بأخر إلى البلطجة للانتقام والتعبير عن غضبهم.
و يتم تصنيفهم على أنهم ضحايا الفتوات أو المتنمرين، و قد يعبر آخرون عن غضبهم بالسلوك المعادي للمجتمع، و الذي بدوره يترتب عليه الجرائم و السرقات و التخريب و غيرها من مختلف الآثار السلبية المدمرة التي تخرب المجتمعات.
و من المروع أنه من الممكن أن يؤدي هذا التنمر في المدارس إلى محاولة انتحارية لأن سلوك البلطجة الحاسم يمكن أن يؤدي إلى اختيار الضحية طريق الانتحار لإنهاء المعاناة التي يتعرض لها.
طرق للحد و التخلص من ظاهرة التنمر في المدارس
تأتي المحاولات و الجهود المبذولة هنا للحد و التخلص من تلك الظاهرة من ثلاث جهات مختلفة ألا وهم ( المعلمون، و الآباء، و وسائل الإعلام)، و الآن سوف نتجه إلى شرح مفصل لكل فئة على حدى:
دور المعلمون في الحد من ظاهرة التنمر في المدارس
يلعب المعلمون دورًا حيويًا في الإشراف على الطلاب بحيث يقومون بالأشياء الصحيحة لذلك باستخدام مهام التعليم والمشاريع على أساس أسبوعي أو شهري.
كما يتعين على المدرسين اتخاذ موقف بإن التنمر في المدارس لا يُسمح به و ليس مقبول في الفصول الدراسية والمدارس و في كل مكان.
وأيضاً يتعين على المعلمين التأكد من أنه إذا واجه أي شخص في المدرسة مشكلة البلطجة فيجب عليه فوراً إجراء محادثة شخصية مع المعلم لإتخاذ قرار حاسم و سريع.
و يجب على المعلمين اتخاذ الإجراءات فورًا بمجرد قيام الشهود بالتنمر إلى جانب تقديم الحماية و الإجراءات الفورية، كما أن المعلمون مسؤولون أيضاً عن تثقيف الطلاب حول البلطجة المدرسية، و في النهاية يجب على المعلمين أن يكونوا قدوة جيدة و أن يكونوا قدوة بين الطلاب، و أن يترك المعلمون دائمًا للطفل شعورًا بالحب و التقدير و الاحترام.
و علاوة على ذلك يجب على المعلمين تعزيز ثقافة المشاركة و المحبة بين الطلاب.
ثانياً دور الآباء
يمكن للعائلة المحبة والرعاية دائمًا إظهار الدعم للطفل، و عليهم أيضاً رفع الوعي فيما بينهم من أجل حماية طفلهم من الخطر، هذا بالإضافة إلى تشجيع أولياء الأمور على التعاون مع المدرسة على الفور للتأكد من سلامة أطفالهم، كما يجب على الآباء محاولة التواصل مع أطفالهم و فهمهم و الاستماع إلى مشاعرهم و العثور على المشكلة الرئيسية في أطفالهم، ففي حالة ما كان الطفل خجولًا على سبيل المثال يجب على الآباء حينها ترتيب و تجهيز طفلهم للمشاركة في مجموعات اجتماعية إيجابية قادرة على تلبية اهتماماته، و ذلك لإكساب الطفل الثقة بالذات.
ثالثاً دور وسائل الإعلام
إن وسائل الإعلام هي أفضل وسيلة لنقل الرسائل و الوعي تجاه الجمهور و المساهمة في الحد من ظاهرة التنمر في المدارس.
نظراً لما تتمتع به من تأثير كبير على مختلف الجماهير، لهذا يجب استغلالها لرفع الوعي بينهم، و ذلك من خلال الراديو و الصحف و محطات التليفزيون و اللافتات و غيرها، و كذلك لابد من استغلال الإنترنت لمكافحة البلطجة، حيث أنه يعد أحد الوسائط التكنولوجية التي يمكنها نشر الكلمة عبر الشبكة إلى جميع أنحاء العالم.
أقرا ايضا: التنمر الاليكتروني و كيفية مقاومة تلك الظاهرة