التنمر من أكثر المشاكل انتشارا في مدارسنا هذه الأيام، ومن المحزن أن يتعرض أطفالنا لمثل هذه التجربة سواء كانوا ضحايا، شهود، أو حتى متنمرين.
يولد الأطفال في هذا العالم مع قدر عالى من البراءة دون شعور بأى أحقاد، فيأتي شخص بالغ أو طفل تعرض لسوء المعاملة أو الغضب و يضايقة ويبدأ بالتنمر عليه.
و تستمر الحلقة المفرغة. و غالبا ما يصاب الأطفال المعرضين للتنمر للاكتئاب و يفقدون ثقتهم بنفسهم.
و بسبب هذه الحلقة المفرغة المستمرة، فان كنت شخصا متنمرا، ابحث عن من يمارس التنمر عليك.
ما هو التنمر ؟
حتى نفهم أسباب التنمر ونتعرف على بعض الحلول لهذه المشكلة، لنتعرف أولا على معني التنمر و كيف يتعرض له أطفالنا.
التنمر هو ايذاء جسدي، أو اهانة لفظية و عاطفية، و قد يكون تحرش جنسي أو عنصرية. و من الممكن أن يتحول في بعض الأحيان لمشكلة كبيرة و خطيرة، كسلوك اجرامي.
فالتنمر الجسدي على سبيل المثال هو أن يضرب أحدهم، يقرصك، يعضك، يشد شعرك، أو يجعلك تتعثر.
و التنمر اللفظي أو العاطفي هو أن يضايقك شخص ما باستمرار ويدعوك بأسم تكرهه،يضحك الأخرين عليك، ينشر الشائعات عنك، و يتركك خارج الأنشطة الاجتماعية.
أما التنمر الجنسي فهو أن يلمسك أى أحد بطريقة غير لائقة، يدلى بتعليقات جنسية، أو يحدق في جسدك.
التنمر العنصري هو أ يوجه لك الناس افتراءات عنصرية ضدك، يسخر من لونك، بشرتك، لهجتك، أو حتى الطعام الذي تأكله. أو أن يسخر من وطنك، أو دينك.
وبالتالى نستخلص من ذلك أن التنمر هو أن يستمر أى شخص في قول أو فعل شيء مسئ لشخص أخر على يكون له فوقية علية أو أن يشعر بالقوة الشخصية بالتسلط.
لماذا يتعرض الأطفال لـ التنمر ؟
ان هذا السؤال من أكثر الأسئلة المطروحة على الساحة في محاولة لفهم سلوك التنم، ولكي نفهم بشكل مفصل لماذا يمارس الأطفال خاصة هذا التصرف العدواني، يجب تجنب الافتراضيات المعتادة بأن جميع المتنمرين وحيدين ويحتاجون للحب.
أقرأ ايضاً :التنمر المدرسي بين الأطفال
الأنترنت سلاح ذو حدين
الأسرة هي ملجأ الاول للامن والامان
ما هي دوافع التنمر ؟
القوة :
يميل الاطفال المتنمرين للرغبة في السيطرة والتحكم في الأخرين وتتسم معاملاتهم مع الاخرين بفرض الشروط، و ان لم تسر الأمور كما يرغبون يلجأون للتنمر.
ويظهر ذلك بشكل خاص في الفتيات التي يلجأن للتنمر لفرض السيطرة على باقي الفتيات.
كما يمارسه الرياضيين أصحاب الأجسام القوية لاثبات قوتهم على الاخرين و في بعض الأحيان على بعضهم البعض للقضاء على منافسيهم.
الشعبية :
في بعض الأحيان يكون التنمر نوع من أنواع الظهور الاجتماعي.
فالأطفال الذين يحبون التميز و يعرفهم الجميع يميلون للسخرية من الاخرين واطلاق النكات عليهم.
و في بعض الأحيان ينشرون الشائعات والثرثرات الكاذبة للتقليل من الاخرين، فهم يرون أن ذلك يكسبهم قوة اجتماعية.
الانتقام :
يميل الاطفال أو المراهقون الذين تعرضوا للتنمر للانتقام من ذلك السلوك عبر تصويبه لأطفال اخرين.
و يفسرون سلوكهم هذا على أنه نتيجة عادلة لما تعرضوا له ويشعرهم هذا بالراحة، و غالبا ما يبحثون عن أطفال أضعف منهم.
المشاكل المنزلية :
الاطفال القادمين من بيئة منزلية مسيئة لهم يميلون لممارسة التنمر أكثر من باقي الاطفال، لأن العنف والعدوانية هما ما يتعلم منهما السلوكيات.
و كذلك ان كان الأباء متغيبين عن حياة أولادهم، عندها يميل هؤلاء أيضا لممارسة التنمر ليستعيدوا السيطرة و التحكم في حياتهم.
كما أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر عبر السخرية والعنف من اخوانهم الأكبر منهم، يمارسون تنمر مشابة له على أطفال أخرين لمحاكاة سلوك اخوانهم.
السعادة :
عندما يشعر بعض الأطفال بالضجر وفقد وسائل التسلية يميلون للتنمر لاضافة بعض الدراما والاثارة لحياتهم المملة.
كما قد يختارون التنمر لجذب الانتباة وخاصة عندما يهملون من اشراف أبائهم.
فاطلاق النكات على الأخرين وايذاء مشاعرهم يشعرهم بالقوة ويجعلهم يستمتعون بالبلطجة على الاخرين.
الأحكام المسبقة :
في كثير من الأحيان يتنمر الأطفال على غيرهم بسبب اختلافهم العرقي، الديني، الجنسي، وبل وحتي ان كان لديهم حساسية من بعض أنواع الطعام.
وغالبا ما يأتي هذا النوع من العائلة، فمراقبة تصرفات العائلة العنصرية تجعل الطفل يميل لتقليد والديه.
ضغط الأصدقاء :
احيانا يرجع سبب التنمر أن الطفل يخاف أن يتم اقصاءه من مجموعة أصدقاءه فيمارس التنمر معهم حتى لو خالف هذا معتقداته الشخصية.
فالخوف من أن يكون وحيدا أو حتى أن يكون هو الهدف التالي يدفع عدد كبير من الأطفال ضمن المجموعة.
وقف التنمر
- اذا عرفت أن طفلك يتعرض للتنمر حاول القيام بالخطوات التالية التي قد تساعدك لحمايته من المتنمرين.
- تستطيع التواصل مع أهل الطفل لترى مدى تفهمهم واستجابتهم لايجاد حلول لوقف ما يتعرض له طفلك
- اسال طفلك على كل التفاصيل والمعلومات عن ما تعرض له من تنمر بالتواريخ، الأماكن، والسلوكيات.
- ان تعرض طفلك للتنمر خلال وقت المدرسة اتصل بالمدير و حدد موعد للمقابلة وطرح جميع التفاصيل.
- خلال عرضك للتفاصيل لا تصرخ أو تظهر الغضب العارم ولكن كلمه كصديق.
- اسأل عما يمكن أن يفعله لمساعدتك في ذلك واكتبه لتأكيده وحتى تحاسبه على تلك الخطوات فيما بعد.
- تابع مع طفلك لترى ان كان التنمر قد توقف، و تابع مع مدير المدرسة.
- ان استمرت المضايقة تستطيع تصعيد الأمر للادارات التعليمية حتي يستطيعوا السيطرة بكفاءة أفضل.
- وان تعرض طفلك ـ التنمر عبر الانترنت تستطيع ابلاغ الشرطة بذلك حتى تتأكد من حماية طفلك بشكل صحيح.
هذه الخطوات هي بعض من الطرق العملية لحل المشكلة بشكل فعلي ولكن يجب أيضا أن تراعي صحة الطفل النفسية وتحاول تأهيله بشكل صحيح ليستطيع تجاوز تلك المشكلة وتزيد ثقته بنفسه.
هل ابنى متنمر :
هناك بعض الاشارات التي قد تكشف لك ما اذا كان طفلك متنمر، وعليك الانتباه لها لتحاول تقويمه وحمايته من نفسه وحماية الأخرين منه:
ميل للمشاهد العنيفة ورغبة في تقليدها.
عدوانية تجاه البالغين مثل الأباء والمعلمين.
لا يظهر تعاطف عند رؤية موقف يتعرض فيه طفل للتنمر والمضايقة.
ميل للسيطرة على الأخرين والمواقف التي تتطلب اختيارات من أفراد العائلة.
متهور وسريع التهيج و التعرض للاحباط .
غالبا ما يكسر الأوامر والحدود المفروضة عليه.
يجيد التكلم بطلاقة وسعادة عما يتعرض له من مواقف صعبة ومتوترة.
هل يتعرض ابنى للتنمر:
أما فيما يلي سنعرض بعض الاشارات التي قد تبين لك ما اذا كان يتعرض ابنك للتنمر:
- أن يعود للمنزل بملابس ممزقة أو كتب أو متعلقات أخرى مفقودة.
- يكون لديه جروح وخدوش دون تبرير.
- لديه عدد قليل من الأصدقاء الذين يجلس معهم باستمرار.
- يخاف الذهاب للمدرسة، او ركوب الحافلة، أو حتى المشي لها ويحاول اختلاق الاعذار حتى لا يذهب.
- يجد صعوبة في النوم ولديه أحلام سيئة متكررة.
- يعاني من فقدان الشهية.
- يبدو حزينا ومكتئبا وفاقدا للثقة.
- يرفض القيام بالواجبات المدرسية ويتدنى مستواه الدراسي.
- يشكو بشكل متكرر من الصداع أو ألالام المعدة أو أى من الأعراض الجسدية.
هذه هي بعض الاشارات التي يجب أن تنتبه لها و خاصة ان كانت فجائية، و لكن يجب أيضا أن تسأل طفلك بعض الأسئلة عنه وعن يومه الدارسي لتظهر له اهتمامك ولكي تستطيع أن تفهم ما اذا كان يتعرض للتنمر وعندما تتأكد حاول أن تظهر دعمك وحمايتك له.
ولكن لا تذهب له لتقول بشكل مباشر: هل تتعرض للتنمر؟ فغالبا ما تميل الضحية للاحساس بالذنب فسيخفي تعرضه للتنمر حتى ينفي تهمة الضعف عنه.