الدين المتين هو ذاك المبدأ الذي نسعي به في الكون نبني به تصورنا عن الاشياء كلها القيم و
الأخلاق و الحق و العدل و كذلك تصورنا عن الكون و الحياة و الموت ،الخلق و العباد لكن نجد
للدين الواحد تصورات مختلفة عند منتسبيه و أفعالنا مغايرة و كل منهم يتشدق بالنص الشرعي
و يرى في نهجه الصواب و الحق
الدين من منظورين مختلفين
كثيراً من المشرعين يرى الدين من منظوره الخاص كل منهم يناقض الآخر و من أكبر التباينات التي
نراها في مسعين للدين ما بين من يرى الدين صلبا جامدا لابد فيه من الحدة و لا ألوان في مساحات
الدين سوي الأبيض و الأسود و بين ذاك الذي يري الدين مرنا حد السيولة و أنه لا ثابت في الدين و
أنه لابد له أن يكون كذلك حتى لا يشق على الناس .
في حين الدين براء من هذا و ذاك و الرسول صلي الله عليه و سلم أوضح تلك النقطة بحديث
واضح صريح عن علاقتنا بالدين كيف تكون و كيف نسعي به ،روى الإمام أحمد رحمه الله في
مسنده قوله ﷺ : “إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق”
كيفية الوصول للدين القويم
وصولك للدين القويم هو نتاج سعيك المتزن بين الحفاظ علي” قواعد ” هذا الدين بما فيها من متانة و بين لطافة سعيك داخل مساحة هذا الدين ، لا محاولة ترقيق الدين فيصبح هشاً متداعياً و لا تلمس جدر الدين الصلبة و الإصطدام بها بنية التمسك و الإلتزام .
فصاحب القلب الجامد في التعاطي مع مساحة الدين و النظرة الحادة عليه أن يعي أن الدين أعظم من عباداته و أن النسك ليست محل النظر و حده و إن سقطات الغير التي يحاول أن يعايرهم بها أو يسقط عليهم جم غضبه بسببها إنما هي نتاج فطرتهم البشرية و أن عليه تهذيب خلقه ليكتمل دينه و هذا الخلق يشمل اللطف و المودة و اللين يقول بدر الثوعي “
استكثارك من الطاعات والإنضباط الأخلاقي لا يعصمك من الخطأ؛ لكنه يجعلك تسير على أرض صلبة، كلما سقط من قلبك مبدأ «سمعت صوته تحتك فآلمك »
، أما حياة الإنغماس في اللذائذ فيصير أرضك رخوة؛ لو تسرب عمرك كله ما شعرت به.
“إذاً فالتزامك الديني و عملك يجعل لك حبلا موصولا يسعك التمسك حال السقوط الذي لابد منه و
لا مفر لا أن تصير حكما علي الناس متحديا نفسك البشرية و فطرتك الضعيفة
صلابة القلب تسيء لدينك
و كذلك فإن صلابة قلبك تكون اسوأ رسول لرسالتك و دينك الذي تود أن تنشره و ترفع رأيته
و تعلي شأنه حتي في معاملاتك ستكون فظا لا يتمني المرء التعامل معك رغم ما يظهر عليك
من علامات الإلتزام أو السمت الديني، يقول بيجوفيتش :
“اللهم احفظني من أهل الإستقامة و الأمانة، الذين لا قلب لهم ، اللهم احفظني من نزاهتهم عديمة القلب “
و لقد نبه القرآن الكريم علي هذا المعني في التوازن بين سلوكك مع غيرك و بين صلابة دينك
و تعاملك فأثر التقوي ف القلب يظهر جلياً ف العلاقات الإجتماعية و السلوك الإنساني أكثر منه
في النسك و الطقوس التعبدية و إن شئت فاقرأ
“إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ «امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ» ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ”
_ الحجرات
و قولوا للناس حسنى
علاقتك بالله و إيمانك به و تسليمك له لابد أن يجد أثره العباد … و قولوا للناس حسناوعن أبي
هريرة قال رسول الله ﷺ : إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا : الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون
وإن أبغضكم إلي : المشّاؤون بالنميمة، المُفرقون بين الأحبة، الملتمسون للبرآء العيب _ الالباني
طقوسك و نسكك التعبدية لله وحدها لا تجدي ، حفظ حياة الناس و حقوقهم وحده لا يجدي ،
و كذلك إلتزامك الأخلاقي و سيرك على القيم وحده لا يجدي ،و إن شئت فاقرأ
” وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ”
_ الفرقان
و كما أن التصور إن صلابة القلب و الحدة في الطباع هي من الدين و حفظا له كذلك تمييعه و تليينه
للحد الذي لا يكن له قاعدة ثابتة أمراً خاطئا أيضاً أنت لست أحكم من المشرع و لا أعدل منه و لا
أرحم بعباده منه هو يعلم و أنت لا تعلم أنت لا تعلم حكمته في الأمور كلها و لا تعلم غيبه فلا تدعي
بفهمك القاصر الذي تود به تقطيع الدين و اجتزاءه إنك تخفف على الناس … الله يرى الصالح لعباده
فهو اللطيف الخبير فادفع عن نفسك انشغالها بأمر الدين فادين متين جميل و لكن سعينا نحن نحوه
و به هو ما قد يصيبه الخلل فأول ما علينا فعله تجاه هذا الدين هي اعادة بناء تصوراتنا عنه على
الصورة التي أردها لا كنا نريد نحن غلواً أو تهاوناً