قيل هو خيط رفيع دقيق كما الشعره ، و ان الخط المستقيم هو اقصر مسافه بين النقطتين ، فهو مثال للسهل الممتنع.
و كمثله صراطنا فى الدنيا هو ان تسير على الطريق دون افراط ولا تفريط، فتكون متخيرا لصحبة صالحه تعينك بصلاحها ، الا انه وجب عليك التفرد و الانفراد فى علاقتك بخالقك مستعيذا به من كل ماهو دونه.
وان تكون بكل طريق أُريد به وجهه وان لا تعلق بأى من الطرق.
ان تعى الخط الخفى الفارق بين الإيمان و عدم التكذيب ، و بين الاتباع وعدم الابتداع.
وتتعلم كيف يستقى قلبك الوان العلوم من منابع الخلق ،ثم تأتى بين يدى الخالق فتستعيذ بعلمه من سائر علومك و تتبرأ مما تريد لما يريد.
هو ان تكون فى كل شيء ولا تنمتى لأى شيء فإن ولائك الاول و الاخير هو للأول الاخر.
الصراط المستقيم هو السهل الممتنع الذى هو ايسر من اليسر ذاتها ، و اصعب من الصعوبة عينها.
هو ان يخرج المرء من حيرته و يرتاح منها ، بفهمها و المكوث فيها، و بأن يعلم ان العلة فى الثبات لا فى الحيره، و أن العلة فى الراحه لا فى دوام العمل.
و ان الراحة فى العمل، و الشقاء فى الراحه بدوام الكسل.
و ان استقامتك على الصراط هى استقامتك على عهدك بأن لا اله الا الله.
هى ان توقن ان الله كافٍ عبيده بقيوميته و ديوميته وانما امره للشيء ان يقول له كن فيكون، وكفى به عليما حكيما مجيبا لقوله(واذا سألك عبادى عنى فانى قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان)، وفى الوقت ذاته تتفهم عظم قيمة العلماء و العرافين ،
فتتكفف العلم من صدورهم مقبلا أيادى الخير التى قدمت العلوم لك.
هو ان تسعى بكل جوارحك مادمت حيا و ، حين تسأل بفراش الموت ، كيف تجدك ؟ تقول و الله ما أدرى ما يفعل بى ولا أملك لنفسى شيئا ، إلا حسن الظن بالله الرؤوف الرحيم.
فصراطك المستقيم فى الدنيا فى ان تحيا فى حياد، وان لا تكون انت مرجعيتك فى حياديتك ، بل هى مرجعيه الاهيه لا بشريه.
فحتى الحياد له اصول وقواعد بمعايير يستند اليها و يتعلل بها، فمتى كنت انت نفسك مرجعيتك فى هذه الحياديه فقد ضيقت على نفسك لمحدودية علمك، وان كانت مرجعيتك هى علم العليم الخبير ، و كان سندك ان الله يعلم وانتم لا تعلمون، فقد استعذت من ضيق علمك بواسع علمه ، و أصبح قلبك متقبلا لكل صورة للحق فى علم الله،ولم تحصر الحق فى صور محدوده لم يتعرف على سواها علمك و شخصك.
ولا ضاع فى انفتاح العلوم من تبرأ من العلوم لعلم العليم، وما كان لله بمضيع عبد كان لله ملتجأه متبرئ مما عند العالمين لما عنده.
و الحال اشبه ببهلوان على حبل رفيع بأعلى السيرك، وضجيج صاخب بأصوات للجميع ، تتعالى فتوشك ان تنال منه ،و ما هو إلا مؤدٍ بسيط موضوع بأعلى السيرك لا لعلوه وانما لان حبله مثبت ها هنا ، وما عليه الا ان يتجاهل كل ذاك الصخب ليعبر على خط غاية الدقه ، غاية المتانه ، كما انه شديد القصر متى ابتدأ به أوشك أن ينتهى….. فلا يغرنك علوك فهو علو للطريق وليس لك ولا يغرنك قصر الطريق فإن استقامته هى سبب قصره، و هى ذاتها سر صعوبته… اللهم فإهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين….أمين.