نحن الآن نتعرض لكتاب من أروع الكتب التى قرأتها على الإطلاق وهو كتاب دارسة الأسرة لدكتورة سامية مصطفى الخشاب أستاذ علم الإجتماع بكلية الآداب_جامعة القاهرة,ولعل هذ الباب الذى نتطرق له من أجمل وأعظم الأبواب التى طرحتها الدكتورة بكتابها وهو موضوع الطبقة الإجتماعية والتنشئة الإجتماعية,وتقول الدكتورة سامية أن عملية التنشئة الإجتماعية ترجع إلى عمليتن هما التغير والنمو التى يخضع لها الفرد كنتيجة للتفاعل اإجتماعى وتعلمه الأدوار الإجتماعية ولذلك فعملية التنشئة يمكن أن تدرس من ناحيتين هما:النظر إلى التطور والتغير الذى يحدث للفرد,والنظر إلى المؤسسات الموجودة فى البيئة الإجتماعية والتى تؤثر على الأفراد. ولكن الدكتورة ركزت على النقطة الثانية بإعتبارها مؤسسة لتنشئة الأطفال وكيف أن مكانتهما فى نسق التدرج تؤثر فى علاقاتهما بأطفالهما,فلقد ظهر الإهممام بدراسة تآثير الطبقة الإجتماعية على تنشئة الطفل منذ أكثر من أربعين عاما,حيث وجد العلماء أن التباين فى الطبقات الإجتماعية تجعل الأفراد يعيشون وقائع إجتماعية متابينة,مما يؤدى إلى تباين فى مفاهيم هؤلاء الأفراد وسلوكياتهم وآمالهم ومخاوفهم,أى أن هناك تباين ملحوظ فى القيم والعادات والمبادئ وأحيانا كثيرة الأخلاقيات,وهذا بالطبع يظهر فى قيم الوالدين طبقا لإنتمائهم الطبقية والإجتماعية مما يؤثر فى تنشئتهم لأبنائهم لأن غالبا مايلقى الوالدان على أبنائهم دورسا مستمدة من واقع حياتهم وطباقتهم,وبذالك فهم يعدون أبنائهم لأوضاع طبقية مماثلة لهم,ومن هنا نجد أنفسنا أمام أنماط مختلفة من التنشئة الإجتماعية داخل المجتمع الواحد,وتطرح الدكتورة الأبعاد الطبقية للتنشئة:أولا:الطبقة الإجتماعية وأسلوب الظبط:”يجب أن نشير إلى أن أسلوب الظبط هو العقاب”ويعتير أسلوب الضبط الذى يمارسه الوالدان من أكثر المواضيع المتناولة والشائعة التى دائما يتعرض لها من يتناولون موضوع التنشئة والطبقات الإجتماعية,وآكدت الدراسات إلى أن الطبقة الدنيا إلى إستخدام العقاب البدنى رغم أنها آكدت أنها فى الآونة الآخيرة قلت حيث توصلت إلى أن هناك علاقة سلبية بين الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية للوالدين وبين أسلوبهم فى الضبط الإجتماعى فى التنشئة,بيمنا تتجه الطبقة الوسطى إلى المناقشة العقلية حيث آكدت الدراسات أن هناك علاقة إيجابية بين الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية للوالدين وبين أسلوبهم المستخدم فى الضبط الإجتماعى. ثانيا:الطبقة الإجتماعية وإحترام الذات:آكدت الدراسات المتناولة للتنشئةأن بناء الذات عند الآبناءالسبب الأول فيه هم الوالدين وأسلوبهما فى التنشئة,فهم من يعاونون آبنائهم على بناء ذاتهم إما بالطرق الملموسة أى تدريبهم فى أنشطة مختلفة,أو إما بطرق غير ملموسة كشحنهم بإتجاهات معينة,وقد حددت عالمة الإجتماع الشهيرة”ألين كيرشهوف”مفهوم الذات بأنه”صورة الذات هى نظرة الشخص لنفسه من خلال علاقته بالبيئة المحيطة”,فالأفراد الذين ينتمون للطبقات الدنيا يشعرون مثلا بأنهم أقل من غيرهم,ويترتب على ذالك إحساس أبنائهم بمكانتهم فى المجتمع,وهذا الإحساس يوصف بالسلبى أكثر من إحساس الرياسة والرفعة,مما يؤدى لضعف الذات,ثالثا:الطبقة الإجتماعية والدافعية للإنجاز:تؤكد الدراسات أن الدافعية العالية للإنجاز لدى الأطفال الذين يتمتعون بالتدريب المبكر على الإستقلالية والإعتماد على الذات والتحرر من الضغوط والقيود,كل هذا يولد عن الطفل درجة عالية من الطموح والتفوق وراحة البال,وعلى العكس تماما فنجد الأطفال فى المستويات الدنيا الإقتصادية تتمثل فى السلبية وضغوط قوية للطاعة والإمتثال والتواكل,كما انها أيضا تميز بين الذكر والآنثى,فتخرج المرأة للحياة أقل إعتمادا على النفس بل معدومة الإعتماد بالنفس,وأن ملجأها للحماية هم الوالدين ثم الزوج,رابعا:الطبقة الإجتماعية وعلاقة القوة بين الوالدين والأطفال:آكدت الدراسات التى تهتم بدارسة التنشئة أن العلاقة بين الوالدين والآبناء تتميزبالسلطة الأبوية,وخرجت لنا الدراسة بأن هناك علاقة إيجابية بين الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية للوالدين وبين علاقة التعادل التى تربط الوالدين بأبنائهم,خامسا: الطبقة الإجتماعية والدعم العاطفى للوالدين:تظهر عاطفتهما نحو أبنائهما سواء,ويتمثل ذالك فى التدليل أو الكلام أو اللعب أكثر من الطبقات الدنيا التى لا تظهر عواطفها نحو آبنائهم,فإنشغالهم بالعمل وجلب المال الذى يكون قليل من أجل آبنائهم لا يجعلهم يفكرون فى آى شئ آخر غير لقمة العيش.