عندما تنتهي من مرحلة الجامعة، فمن غير المحتمل أنك عند بداية عملية البحث عن وظيفة أن توجه لنفسك سؤالاً نصه: “هل الشركات التي أتقدم لها ترغب في رؤيتي كقائد جدير في منصب القيادة عندهم؟”، ففي نهاية المطاف، الجهد الذي تقوم به أثناء البحث عن وظائف غرضه الأساسي الالتحاق بالوظيفة، و ليس التقدم للمنافسة على منصب نائب رئيس الشركة مثلاً، و لكن هل تعلم أن هناك اهتماماً كبيرا بقدراتك القيادية عند النظر في قرار توظيفك اليوم.
إذاً ليس من السابق لأوانه أبدًا البدء في التفكير في مهاراتك القيادية و صياغة أسلوبك للرد على أسئلة المقابلة حول موضوع المهارات القيادية، و نظرًا لأن أنماط القيادة متعددة و مختلفة بشكل كبير، فمن الجيد أيضًا أن تبدأ في التفكير مبكرًا في حياتك المهنية بأسلوبك الخاص و كيف يمكن أن تتطور بحيث تكون مستعدًا للاستفادة من فرص العمل المستقبلية عندما تأتي في طريقك.
ما هي أهمية القيادة ؟
عندما تجري مقابلة عمل، فإنك في الواقع ينظر إليك كمرشح لوظيفتين:
- الوظيفة الأولى:
وظيفة اليوم -الوظيفة التي تقدمت لها- و بالتالي ينبغي عليك أن تستعد جيداً لها، لأنك رأيت وصف الوظيفة و درست مدى التقارب بين خبراتك و خلفيتك عن تلك الوظيفة وبين حاجة الشركة، و هذه الوظيفة في الحقيقة من السهل على صاحب العمل أن يحكم بقبولك فيها أو برفضك. - الوظيفة الثانية:
التي تتقدم إليها، من ناحية أخرى، هي أكثر صعوبة بالنسبة لصاحب العمل، لأنها بحاجة إلى التفكير في مدى ملاءمتك لخطط النمو التي تستطيع رسمها للمؤسسة التي ستعمل بها، و قد يكون من الصعب عليك الاستعداد لذلك مبكراً، و سيكون عليك معرفة كيفية التحدث عن إمكانات قيادتك، حتى لو لم تكن لديك خبرة حقيقية بعد.
فعليك أن تعلم أنه لن يوظفك أحد –خاصة في القطاع الخاص-للجلوس على مقعد أو لمجرد شغل المكان، و ستحتاج إلى أن تتوافر لديك ما يكفي من المهارات الشخصية لتبدو -على الأقل-لصاحب العمل أنه يمكنك أن تتعلم بسرعة لقيادة الفرق أو المشاريع.
ما أنواع و عناصر القيادة المختلفة ؟
في الشركات الناشئة غالباً ما تأتي فرصة الإدارة وتولي المناصب للمعينين من وقت قريب، و في نفس الوقت تقوم بعض الشركات الكبيرة بتقرير و تطبيق ما يسمى “ذوي السلم المزدوج” و هو يعتبر تقسيم رسمي بين المديرين الذين لديهم مسؤوليات قيادية “مباشرة”، و أولئك الذين يرغبون في البقاء كأتباع، و لكن حتى أولئك الذين يقررون البقاء في صفوف الأتباع -على مقاعد البدلاء-على هذا السلم المزدوج، يجب عليهم أيضاً ممارسة القيادة “غير المباشرة”.
و بالتالي تعتبر كل من القيادة المباشرة و غير المباشرة مهمة، و يبحث أصحاب العمل عن المرشحين الذين يظهرون دليلاً على وجود أياً منهما سواء القيادة المباشرة أو غير المباشرة.
القيادة المباشرة
في الحقيقة إن القيادة المباشرة تمارس من خلال العلاقة التقليدية بين الرئيس والمرؤوسين، و من المحتمل أنك لم تحصل على هذه التجربة خلال مراحل حياتك المختلفة؛ و في الحقيقة هناك بعض الطلاب والشباب الذين مارسوا هذا الدور، كالمشرفين على مطعم صغير يملكه الأب مثلاً فيقوم الأولاد بذلك الدور نيابة عن أبيهم، أو الشباب الذين يعملون بورشة منذ صغرهم لينفقوا على تعليمهم فقد يصبح رئيساً مباشراً للصبية المتواجدين بالورشة بتفويض من صاحب الورشة نظراً لخبراته المتراكمة منذ الصغر، فهؤلاء يمكنهم أن يقدموا القليل خلال المقابلة كدليل على الخبرة والقدرة القيادية.
و في حالة لم تتوافر لديك الفرصة للقيادة فعلى الأقل قم بالانضمام إلى (برامج إعداد القادة)، و غيرها من الدورات التدريبية المتعلقة بمجال القيادة والإدارة، و التي يمكن أن تؤصل نظرياً للقيادة في ذاتك، و هذا سيسمح لك بذكر المبادئ القيادية في المقابلة، و بتطبيق تلك المبادئ القيادية التي تعلمتها فيما بعد عندما تتولى المناصب القيادية.
القيادة الغير مباشرة
أما القيادة غير المباشرة فغالباً ما يتم البحث عنها من خلال النظر لما يسمى (بالقيادة عبر التأثير في المحيطين بكأ)
و في الحقيقة لا تحتاج القيادة أن تكون مرتبطة بالواقع بشكل كبير خاصة في بداية حياتك المهنية.
مثال ذلك: ربما طلبت منك رابطة ما بعد الدكتوراه أن تجمع باحثين وتضعوا معاً خطة ناجحة للتطوير الوظيفي في مجالك البحثي، و يطلب منك أن تكون رئيساً لهؤلاء الباحثين، فهذه التجربة تضعك بشكل مباشر في دور قيادي، و توضح لصاحب العمل أنك من النوع الذي يمكنه تحفيز مجموعة للعمل معًا على هدف مشترك، فهذه التجربة تمكنك بعد الانفصال عن الآخرين من إجراء مقابلة شخصية للتقدم للسفر للخارج كعضو هيئة تدريس، أو أي وظيفة تتناسب مع درجتك العملية، و لا شك أنها ستكون مقابلة رائعة.
ما هي الأنماط القيادية ؟
كل شخص لديه نهج ونمط مختلف في القيادة، فالبشر مختلفون في الصفات والطبائع، و بحكم تربيتهم وبيئتهم، فهذا التنوع و الاختلاف نجده بصورة كبيرة في القادة أيضاً.
و هذه بعض الأمثلة على بعض النماذج الأصلية الرائدة، و ما يرتبط بها من نقاط قوة وضعف:
١- القائد الأبوي والقائد الديمقراطي
من السهل تحديد قادة الوالدين في رؤساء العمل، فسنجد ذلك الشخص القائد و الوالد في نفس الوقت يأخذ موظفيه في متناول بده كما لو كان الوالد مع أطفاله، و يحميهم و يؤويهم، و لكن لسوء الحظ المناخ الذي يصنعه القائد الوالد يجعل الموظفين خاملين و متكاسلين و معتمدين عليه بشكل كبير، مما قد يبطئ تطورهم الوظيفي، و بالتالي يضر بالمؤسسة ككل.
ومن ناحية أخرى يبدو القائد الديمقراطي رائعًا في البداية لأن كل موظف في المؤسسة يحق له التصويت وإبداء الرأي، و لكن في النهاية لا شيء يتم فعله لأنه من الصعب غالبًا العثور على الإجماع.
يحتاج القائد الأبوي إلى يقلل من التدليل للموظفين فهو يحتاج المزيد من الجدية، و يجب على القائد الديمقراطي أن يتعلم اتخاذ القرارات، لأن التقدم غالبًا ما يتوقف بسبب نقص الحماسة والجرأة.
٢- القائد الاستبدادي والقائد السلبي
فالقائد الاستبدادي لا يهتم كثيرا بالآخرين و يرفض أن ينظر إليهم باعتبارهم أشخاصاً يتمتعون بمهارات فريدة، فهذا القائد يعتقد أن الموظفين هم أدوات لإنجاز العمل و فقط، و العمل مع هذا القائد أمر سيء للغاية.
و على النقيض من ذلك، يشعر بعض القادة بأن موظفيهم يمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون، فلا توجيهات ولا تعليمات، وقد يبدو في بداية الأمر أن العمل مع مثل هذا القائد يعد أمراً عظيماً، وذلك إلى أن تجد أنك ضائع أو مطرود من عملك لأنك لا تملك سوى القليل من الدعم.
إذاً التسلط والتجبر والجمود مرفوض، و كذلك السلبية والخنوع و ترك الأمور تسير بدون ضابط مرفوض أيضاً.
٣- القائد الاستشاري
أفضل نهج للإدارة رأيته هو النهج الاستشاري، وهنا يفترض القائد الاستشاري أن مهارات كل فرد فريدة و قيمة، فيقوم بالتشاور معهم رغبة منه في تحقيق مصلحة الجميع، و بالتالي تعكس القرارات الذكاء المشترك لأعضاء الفريق.
فهذا المنهج في الحقيقية يختلف عن منهج الزعيم الديمقراطي، ففي المنهج الديمقراطي يحصل الجميع على أصوات متساوية؛ بدلاً من ذلك، في المنهج الاستشاري يتخذ القائد الاستشاري القرار بعد التماس مساهمة الجميع، و في نفس الوقت يأخذ القائد الاستشاري من القائد الأبوي منهجه في منح الفريق شعورًا بالثقة في قيادته.
القيادة الواعية
إن القادة المؤثرين من وجهة نظر أصحاب الأعمال تكمن أهميتهم في دورهم الرئيسي في إقامة التناغم الداخلي و الحفاظ عليه داخل المؤسسة أو المنظمة، فعليك أن تسارع إلى تنمية مهاراتك القيادية وترسيخها في ذاتك.