الانفصال ليس بالأمر السهل، و قد تم كتابة كتب و روايات كثيرة تخص هذا الموضوع، و الموقف يزداد صعوبة إذا كان بين الأزواج أولاد، و لذلك يمكن أن يكون الطلاق حالة حساسة للغاية، و إذا كنت تشعر بالإرهاق و التعب خوفاً من آثار هذا القرار، فذكر نفسك أنك تفعل ما هو مناسب لك و لعائلتك، و أنك متأكد من أن كل محاولات التوافق فشلت، و تأثير الطلاق على الأطفال كبير.
لذا، من الآن فصاعدًا، ابذل قصار جهدك للتخطيط للطلاق و عليك أن تفهم آثاره جيداً.
تأثير الطلاق على الأطفال و مشاعرهم في ضوء قرار الانفصال
تأثير الطلاق على الأطفال يمكن ان يكون مدمر في بعض الأحيان، فيؤثر الطلاق على الأطفال سواء علي مشاعرهم أو أفعالهم، و من أثاره علي الأطفال أنهم يشعرون بالغضب و يصبحون خجولين أو قلقين و في بعض الأحيان قد ينخفض المستوى الدراسي لهم، و الأطفال الصغار تظهر عليهم علامات قلق الانفصال، مثل زيادة البكاء أو التعلق و التبول اللأارادي، و غيرهما.
1- يشعرون بالغضب
قد يشعر الأطفال بالغضب من الطلاق، لأن عالمهم كله سوف يتغير، و لذلك عليك أن تعذرهم في هذا الشعور.
الغضب طبيعي في جميع المراحل العمرية للإنسان، لكنه موجود بشكل خاص مع الأطفال و المراهقين في سن المدرسة.
و قد تنشأ هذه العواطف خوفاً من مشاعر الهجر أو الشعور بالضياع، بل قد يتم توجيه الغضب إلى الداخل.
حيث يلوم بعض الأطفال أنفسهم على طلاق والديهم.
2- الإنسحاب من المجتمع
قد تلاحظ أيضاً أن طفل الانفصال أصبح خجولاً أو قلقاً، و قد يبدو أنهم يخشون المواقف الاجتماعية، مثل الاختلاط مع الأصدقاء أو حضور الأحداث المدرسية.
و ذلك لأن الأطفال يقومون بالربط بين الطلاق و الانسحاب الاجتماعي.
لذا فإن تعزيز ثقة طفلك و الحوار معه يساعده على الخروج من قوقعته مرة أخرى.
اقرأ ايضًا: التغلب علي عناد الأطفال باستخدام طريقة الوقت المستقطع
3- انخفاض المستوى الدراسي
من الناحية الأكاديمية، قد يحصل الأطفال الذين يمرون بالطلاق على درجات أقل بل و يواجهون معدل تسرب من التعليم بشكل كامل أعلى مقارنة بأقرانهم.
و بالنظر للأبحاث التربوية نجد أنه يمكن ملاحظة هذه التأثيرات في وقت مبكر من سن 6.
و لكن قد تكون أكثر وضوحاً عندما يصل الأطفال إلى سن 13 إلى 18 عاماً.
هناك عدة أسباب محتملة لهذا الارتباط، بما في ذلك أن الأطفال قد يشعرون بالإهمال أو الاكتئاب أو التشتيت بسبب الصراع المتزايد بين والديهم.
و مع مرور الوقت، قد تتحول اللامبالاة إلى الرغبة في ترك التعليم.
4- الشعور بالقلق
قد تظهر على الأطفال الصغار علامات قلق الانفصال، مثل زيادة البكاء أو التعلق.
و هذا يعد أيضاً علامة فارقة في التطور تميل إلى البدء بين عمر 6 إلى 9 أشهر و تزول بمقدار 18 شهراً.
و مع ذلك، قد يُظهر الأطفال الصغار الأكبر سنًا علامات قلق الانفصال بدرجة أعلى من الأطفال الأصغر سناً.
5- رجوع الأطفال للخلف
الأطفال الصغار و مرحلة ما قبل المدرسة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 شهرا و 6 سنوات من العمر قد يعودون إلى سلوكيات أقلعوا عنها، مثل:
- التبول اللاإرادي.
- مص الإبهام.
- نوبات الغضب المتكررة.
إذا لاحظت ذلك، فقد يكون علامة على زيادة الضغط على طفلك أو صعوبته في التعيش مع هذا القرار.
كما يمكن أن تكون هذه السلوكيات مقلقة للغاية.
و قد لا تعرف من أين تبدأ بمساعدة طفلك، فالحل هنا هو الاطمئنان المستمر و جعله يتكيف مع تلك المشكلة بإحاطته بالحب و الأمان.
6- تأثير الطلاق على الأطفال : تتغير أنماط الأكل والنوم
يحدث للأطفال الذين يعانون من الانفصال و خاصة أولئك الذين لم يبلغوا 6 سنوات من العمر، اضطرابات في الأكل و النوم إما أن يكون ذلك بالإفراط فيهما أو بالإقلال منهما.
يواجه الأطفال في معظم الفئات العمرية أيضاً مشاكل في النوم، مما قد يساهم في زيادة الوزن.
هذا يعود إلى الانحدار الحاصل في حياتهم، و لكنه يشمل أيضاً أشياء مثل الكوابيس أو الإيمان بالوحوش أو كائنات خيالية أخرى مخيفة تولد مشاعر القلق و الخوف من وقت النوم.
اقرأ ايضًا: التخلص من الوحدة: 7 سبل لتتوقف عن الشعور بالوحدة
7- تأثير الطلاق على الأطفال : قد يختارون الجانبين
هناك دراسة تؤكد أن الأطفال يمرون بالتنافر المعرفي و صراع الولاء بعد قرار الانفصال.
و هذا يفسر بوضوح سبب عدم شعورهم بالارتياح و ذلك لأنهم عالقون في المنتصف، و لا يعرفون ما إذا كان ينبغي عليهم الوقوف مع أحد الوالدين ضد الآخر.
و هذا كله قد يؤدي إلى زيادة آلام المعدة و الصداع بالنسبة للأطفال.
كما أن صراع الولاء قد يصبح أكثر وضوحاً خاصة مع تقدم الأطفال في السن.
و ذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى انقطاع تام في الاتصال بأحد الوالدين (على الرغم من أن الوالد المختار قد يتغير سلباً مع مرور الوقت)
8- تأثير الطلاق على الأطفال : المرور بالاكتئاب
بينما قد يشعر الطفل في البداية بانخفاض أو حزن بشأن الطلاق.
تشير الدراسات إلى أن أطفال الطلاق معرضون لخطر الإصابة بمرض الاكتئاب.
و الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن البعض منهم أكثر عرضة لمخاطر الانتحار.
في حين أن هذه المشاكل يمكن أن تؤثر على الأطفال في أي عمر، إلا أنها تميل إلى أن تكون أكثر بروزاً مع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 عاماً و أكثر.
و قد يكون الفتيان معرضين لخطر الأفكار الانتحارية أكثر من الفتيات، وفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال.
و لذلك اللجوء للأطباء والمعالجين النفسيين أمر حاسم و ضروري في مسألة الانتحار.
9- تأثير الطلاق على الأطفال : الانخراط في السلوكيات الخطرة
من الممكن أيضاً تعاطي الكحول والمخدرات و السلوك العدواني و المقدمة المبكرة للنشاط الجنسي.
على سبيل المثال، تظهر الدراسات أن الفتيات المراهقات يميلن إلى ممارسة الجنس في سن مبكرة عندما يعشن في منزل لا يوجد فيه الأب.
و ذلك بسبب عدم وجود من يهذب الطباع البهيمية و يحاصرها بالتربية و المراقبة.
و ذلك بالطبع حال حياة الأب و انفصاله عن الأم.
اقرأ ايضًا: أشكال الدعم العاطفي و أبرز وسائل الدعم للآخرين
10- تأثير الطلاق على الأطفال : يواجهون صراعات في إطار علاقتهم
تظهر الدراسات أنه عند طلاق الوالدين، هناك احتمال كبير لأن ينتهي أبناؤهم نهاية ليست جيدة على الإطلاق.
و الفكرة هنا هي أن الانقسام بين الوالدين قد يغير موقف الطفل تجاه العلاقات بشكل عام.
وقد يكونون أقل حماسة للدخول في علاقات طويلة الأمد و ملتزمة أو يرغبون في الإقلاع عن العلاقات تماماً.
نصائح مهمة تساعدك على التمهيد لموضوع الطلاق
إليك بعض النصائح المهمة التي تساعدك على التمهيد لموضوع الطلاق و إعلام أولادك بقرب حدوثه:
- اعرض الموضوع قبل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من تنفيذ القرار، فهذا يمنح الأطفال بعض الوقت للتنبؤ بالموقف و محاولة معالجته.
- تأكد من أن لديك خطة في عقلك، حتى لو كانت مجرد خطوط عريضة، حيث أنه من المحتمل أن يكون لدى طفلك الكثير من الأسئلة حول الخدمات اللوجستية (من الذي سينتقل من المنزل، أين سينتقل الطرف الآخر، كيف ستبدو الزيارة لهم، و ما إلى ذلك)، فهذا يجعلهم يشعرون بالأمان بالنسبة لمستقبلهم بصورة نسبية.
- خصص وقتاً يكون مناسباً للأولاد، بحيث يكون وقت لا يمت لأيام الامتحانات و الدراسة بصلة، و يمكن إذا كان ملحاً أن يكون في العطلات الأسبوعية، و لكن يفضل أن يكون في الإجازة الصيفية.
- يمكن إخبار معلمي الطفل، حتى يراعوا نفسيته و يساعدوه إذا احتاج إلى ذلك دون إخباره بأنهم يعرفون بخبر طلاق والديه.
- أخبر أولادك أنك حاولت التأقلم مع شريكك و ذلك بطرق كثيرة و لكن استكمال المشوار أصبح مستحيلاً.
- أوصل مشاعر الحب لأولادك و الاحترام الشديد لشريكك، و أخبرهم أنكما تعيشان لأجلهما، و أنكما بجانبهم.
- أخبرهم أن مشاعر الغضب والحزن طبيعية، و أنكم ستعملون جميعاً للتخلص منها و المضي بصورة رائعة في الحياة.
اقرأ ايضًا: اسباب حالات الطلاق المتزايدة فى مصر
نصائح لمساعدة أطفالك على التأقلم
هناك بعض النصائح الأخرى لمساعدتهم على التأقلم مع قرار الطلاق.
- شجع طفلك على التحدث معك، اشرح أنك مكان آمن لمشاركة أي مشاعر قد تكون لديهم، و الأهم من ذلك أن تستمع إليهم بآذان مفتوحة و باهتمام شديد.
- راعي اختلاف شخصيات أولادك، و خاصة الانطوائي أو الذي لا يتكلم كثيراً، حاول أن تقرأ حالته و وجهه بشكل جيد، و قم بمحاورته و إخراج مشاعره السلبية.
- حاول القضاء على الصراع بينك و بين شريكك السابق إن أمكن (و قد لا يكون ذلك ممكنًا دائماً) عندما يتقاتل الآباء أمام أطفالهم، فمن المحتمل أن يؤدي إلى “الانحياز” أو الولاء لأحد الوالدين على الآخر.
- قم بطلب المساعدة إذا كنت بحاجة إليها، و قد يكون ذلك في شكل دعم عائلتك و أصدقائك، و لكن إذا بدأ طفلك في إظهار بعض العلامات التحذيرية، فاتصل بطبيب الأطفال أو اختصاصي الصحة العقلية، فطفلك ليس مضطراً لمواجهة مشاكله وحده.
- كن لطيف مع نفسك، حيث أنه من المرجح أن يساعد إظهار مشاعرك أمام أطفالك على التعبير عن مشاعرهم.
في الختام
كثير من الأبحاث و الكتابات تميل إلى التأكيد على أن آثار الانفصال تكون أكثر صعوبة في أول 1 إلى 3 سنوات.
بالإضافة إلى ذلك، لا يرى جميع الأطفال آثاراً سلبية من الطلاق.
حيث قد يرى الأولاد الذين يعيشون في بيئات شديدة الصراع بين الوالدين أن الانفصال شيء إيجابي و مريح للجميع.
في النهاية، يعود الأمر إلى فعل ما هو مناسب لعائلتك، و يمكن للعائلات أن تتخذ أشكالاً عديدة لعرض هذا القرار.
كل ما عليك أن تبذل قصارى جهدك لتشرح لطفلك أنه، بغض النظر عن أي شيء، ما زلتم عائلة واحدة و متماسكة.
و لا تنس، أن طفلك يريد أن يعرف أن لديه حبك و دعمك غير المشروطين بغض النظر عن حالة علاقتك مع الشريك الآخر.
المصادر
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4240051/
اقرا ايضًا: نصائح من أجل تربية الأطفال بعد الطلاق بين الزوجين و طرق مساعدة الأولاد