ظاهرة الأحتراق الذاتي .. حقيقة أم خيال؟
ما هو الاحتراق الذاتي؟
يمكننا تعريف ظاهرة الاحتراق الذاتي على أنها ظاهرة غامضة, عبارة عن حريق يشب تلقائيًا في جسد الضحية, دون مسبب خارجي واضح أو محدد, وقد يشمل في بعض الأحيان احتراق جلد الإنسان, حروقًا ظاهرة وواضحة من الدرجة الأولى, أو يشمل أغلب الجسم, وينجم عنه تفحم كامل للجسد والعظام, وهو الأمر المميز لتلك الظاهرة, والأكثر شهرة وانتشارًا.
أولى حالات الاحتراق الذاتي:
تبدأ القصة ذات مساء, بوقت متأخر من الليل عام 1885, في بلدة (سينيكا) الزراعية الصغيرة, بولاية (إلينوي), حين اشتعلت امرأة تدعى (ماتيلدا روني), أثناء تواجدها في مطبخها, حيث أحرقت النار بسرعة جسدها كله ما عدا قدميها, كما أودت الحادثة بحياة زوجها (باتريك), الذي وجد مختنقًا في غرفة أخرى في نفس المنزل, وقد حاولت تحقيقات الطب الشرعي حينها, تفسير أسباب حدوث الظاهرة, بتحليل وتشريح الحالات المبلغ عنها, وفي النهاية توصلت إلى فرضيات بشأن الأسباب المحتملة لحدوث تلك الوقائع, تتعلق بعادات وسلوك الضحايا, ونمط معيشتهم, ومقدار استهلاكهم للكحول, ومدى قربهم وقت حدوث الواقعة من المصادر المسببة للاشتعال.
إلا أن تلك الفرضيات كانت برمتها فرضيات سخيفة, غير منطقية, غير مبنية على أسس علمية, أستمر معها الغموض, من الوصول إلى حقيقة مؤكدة حول أسباب حدوث تلك الظاهرة.
فطبيعة الجسد البشري, غير قادرة على توليد طاقة كافية لاحتراقه ذاتيًا, فجسد الإنسان تشكل النسبة الأغلب منه ماء, وهو سائل غير قابل للاشتعال, والكحول سائل قابل بالفعل للاشتعال, ولكن الشخص سيموت بتسمم الكحول, قبل أن يتشبع بالقدر الكافي المناسب لاحتراقه, إن افترضنا ولو قليلًا أن هذا السائل مناسب للاشتعال من الأساس داخل جسد الأسنان.
تم عرض فكرة “نشأة النار في جسد الضحية”, لأول مرة قبل بول ROLLI في مقال نشر في المعاملات الفلسفية. في المجلة الطبية البريطانية, ووصف الطبيب الشرعي “غافن ثورستون” هذه الظاهرة بأنها “جذب انتباه” إلا أن الظاهرة أثبتت أنها قديمة من قبل هذا التاريخ حتى, وقد أثبتت بعض الأبحاث والمراجع أنه كان هناك حوالي 200 تقرير مسجل للاحتراق البشري الذاتي في جميع أنحاء العالم على مدى فترة من حوالي 300 سنة.
الخصائص المشتركة الأساسية لظاهرة الاحتراق الذاتي:
- الضحايا أغلبهم من المدمنين على شرب الكحول.
- الضحايا أغلبهم من كبار السن, والعجائز.
- الضحايا أغلبهم كانت هناك مواد ملتصقة بأجسادهم, سهلت انتشار النار, ولكن الأضرار التي لحقت بتلك المواد تعد طفيفة, إذا ما قورنت بالبشاعة التي وصلت إليها جثة صاحبها.
- أغلب الحوادث, حدثت داخل المنازل, ليست في العراء.
- نادرًا ما تحدث تلك الواقعة, في وجود شهود عيان عليها.
- أغلب أدوات الغرفة التي حدثت فيها ظواهر الاحتراق الذاتي لم تتأثر, والنصيب الأكبر لجسد الضحية.
التفسيرات المقترحة للظاهرة:
لم يقتنع أغلب الباحثون بإمكانية حدوث تلك الظاهرة وعلى رأسهم “بنيامين ردفورد”، كاتب العلوم ونائب رئيس تحرير مجلة العلوم المتشككين, والذي شكك في كل ما قيل عن تلك الواقعة, وافترض إن كانت تلك الواقعة حقيقة, فلم لم يرى انفجار لجسد أحد الضحايا من تلقاء نفسه في الشارع, أو أثناء حضوره لمبراة فريقه المفضل, أو أثناء تواجده في المسرح, أو أثناء احتسائهم للقهوة في “ستاربكس” المحلية, ويقول باحث الظواهر الخارقة “براين دانينغ” أن قصص حالات الاحتراق الذاتي ” هي ببساطة الحالات النادرة التي توفى ضحاياها في عزلة ثم تبع ذلك حدوث الاحتراق البطيء من مصدر اشتعال قريب “. وأشار كذلك إلى أن تقارير البشر الذين اشتعلوا فجأة ينبغي أن تسمى “قضايا الحرائق التي لم تحل”، مشيرًا إلى أن سبب مجهول لا يعني بالضرورة أن الحريق يفتقر مصدر اشتعال خارجي.
تفسيرات طبيعية:
- أغلب ضحايا الاحتراق الذاتي من كبار السن, الذين ربما يكونوا قد اشتعلت فيهم النار أثناء نومهم, ولسبب أو لأخر عجزوا عن الحركة, أو الاستغاثة فاشتعلت النار بملابسهم.
- التدخين يعد سبب عن واحدة من كل أربع حالات وفاة في الولايات المتحدة, فربما تكون الضحية قد أصيبت بأزمة قلبية, فسقط عقب السجائر على ملابسها فسبب الحريق.
- جسد الإنسان لدية القدر الكافي من الدهون, التي يمكن أن تشتعل في حالة وجود مصدر لهب بالقدر المناسب, ليعمل الجسد عمل فتيل الشمعة أثناء الاحتراق.
- أحيانًا يكون هناك تفسيرات منطقية للموت, إلا أن أنصار الفكرة بتجاهلون الأسباب العلمية والطبية, ويعولون الفكرة لصالح الروايات, والقصص الشعبية.
في النهاية, مازال البحث جاريًا, ولا يزال العلماء يجرون التحقيقات, والأبحاث, حول الأمر, محاولين الوصول إلى فرضية مناسبة, لكيفية حدوث تلك الظاهرة, وإن كنا نتعشم ظهور تفسير منطقي قريب يفك غموض اللغز, ولكن حتى ذلك الحين, إن قال لك أحدهم مجازًا (أنا أحترق شوقًا), فابتعد عنه فورًا, فربما يكون كلامه صحيح, ويحدث بعدها معك ومعه كارثة.
رائع
شكرًا جزيلًا