غادر عدد كبير من سكان الدول الاسكندنافية أوطانهم للبحث عن ثرواتهم في مكان آخر منذ عام 800 م إلى القرن الحادي عشر تقريباً، و بدأ هؤلاء المحاربون المعروفون باسم الفايكنج أو نورثمين (Northmen)، بمداهمة المواقع الساحلية في بريطانيا، و خاصة الأديرة غير المحمية في الجزر البريطانية، على مدى تلك القرون الثلاثة، تركوا بصماتهم كقراصنة و تجار و أيضاً مستوطنين في معظم أنحاء بريطانيا و القارة الأوروبية، و كذلك أجزاء من روسيا الحديثة و أيسلندا و جرينلاند و نيوفاوندلاند، و من هنا يبدو أن عصر الفايكنج بدأ.
1- من هم الفايكنج ؟
على عكس بعض المفاهيم الشائعة للفايكنج، هم لم يكونوا “عرقًا” مرتبطًا بروابط ذات أصل و دم مشترك أو حب وطني يجمعهم، و لا يمكن تعريفهم بأي تعرييف جامع. يأتي معظم الفايكنج الذين تتداول تلك القصص الشهيرة عنهم من المناطق المعروفة الآن باسم الدنمارك و النرويج و السويد.
كما توجد بعض الإشارات في السجلات التاريخية علي وجود بعضهم في فنلندا و إستونيا أيضاً.
كان أساسهم المشترك الذي جعلهم مختلفين عن الشعوب الأوروبية التي واجهوها أنهم جاؤوا من أراضٍ بعيدة، و لم يكونوا “متحضرين” و الأهم من ذلك – أنهم لم يكونوا مسيحيين مثل بقية الدول الأوروبية.
الأسباب الدقيقة لخروج الفايكنج من وطنهم و إستعمار أراضٍ جديدة غير مؤكدة.
و اقترح البعض أن ذلك يرجع إلى الاكتظاظ السكاني لوطنهم، لكن السبب المرجح أن الفايكنج كانوا يبحثون عن الثروات، و ليس الأرض، و في القرن الثامن الميلادي، كانت أوروبا تزداد ثراءً.
كما تعلم الاسكندنافيون تقنيات الإبحار الجديدة و إخترعوا سفن يمكنها حمل الكثير من المحاربين و المعدات.
و عملو في بعد علي تزويد معلوماتهم حول الثروات الإقتصادية و الصراعات الداخلية المصاحبة بين الممالك الأوروبية.
كما سعوا لتوسيع أنشطة البحث عن مستعمرات جديدة في بحر الشمال وما بعده.
اقرا ايضًا: الجزيرة الغارقة (( فيلة )) أسطورة السحر والجمال
2- غارات الفايكنج
في عام 793 م، أبحر جيش صغير من الفايكينج (غالباً كانوا من النرويج) مباشرة عبر بحر الشمال، ثم شكلوا هجوم على دير ليندسفارن قبالة ساحل نورثمبرلاند في شمال شرق إنجلترا.
و كان ذلك الهجوم هو بداية عصر الفايكنج، و لم يدمروا الدير تمامًا، لكن الهجوم هز العالم الديني الأوروبي تماماً.
و على عكس الجماعات الأخرى، لم يكن هؤلاء الغزاة الجدد الغريبون يحترمون المؤسسات الدينية مثل الأديرة، التي غالبًا ما تُركت دون حراسة بالقرب من الشاطئ. و بعد ذلك بعامين، ضربت غارات الفايكنج أديرة الجزيرة غير المحمية في سكاي و إيونا (في هيبرايدس) و كذلك راثلين (قبالة الساحل الشمالي الشرقي لأيرلندا).
جاءت أول غارة مسجلة في أوروبا عام 799، في دير جزيرة سانت فيليبيرت في نويرموتييه، بالقرب من مصب نهر لوار.
لعدة عقود، حصر الفايكنج أنفسهم في غارات الكر و الفر ضد الأهداف الساحلية في الجزر البريطانية (خاصة أيرلندا) و باقي أوروبا بالطبع.
ثم استفادوا من الصراعات الداخلية في أوروبا لتوسيع نشاطهم إلى الداخل.
و بعد وفاة لويس، إمبراطور فرانكا (فرنسا وألمانيا الحديثة)، في عام 840، طلب ابنه لوثار بالفعل دعم أسطول من الفايكنج في صراع على السلطة مع إخوته.
3- عصر الفايكنج و الفتوحات في الجزر البريطانية
بحلول منتصف القرن التاسع، أصبحت أيرلندا و اسكتلندا و إنجلترا أهدافاً رئيسية للفايكنج.
سيطر الفايكنج على الجزر الشمالية في اسكتلندا (جزر شتلاند و أوركني)، و هبريدس و معظم أراضي اسكتلندا.
أسسوا المدن التجارية الأولى لهم في أيرلندا و استخدموا قاعدتهم على الساحل الأيرلندي لشن هجمات داخل أيرلندا و عبر البحر الأيرلندي إلى إنجلترا.
بدء بدأ الملك شارل ملك فرانسيا في الدفاع عن غرب موطنه من خلال تكريس أعداد كبيرة من جنوده لمواجهة أخطار الفايكينج عام 862 م.
كما عمل علي تحصين المدن و الأديرة و الأنهار و المناطق الساحلية.
و بدأت قوات الفايكنج في التركيز على الهجوم علي إنجلترا أكثر من فرانسيا.
في موجة هجمات الفايكنج علي إنجلترا، تمكنت مملكة واحدة فقط (ويسيكس) في جنوب بريطانيا من المقاومة بنجاح.
غزت جيوش الفايكنج (الدنماركية) إيست أنجليا و نورثمبرلاند كما فككت مملكة ميرسيا القديمة التي كانت تقع في وسط بيرطانيا.
بينما في عام 871 م أصبح الملك ألفريد العظيم هو الملك الوحيد الذي هَزم بشكل حاسم الجيش الدنماركي في إنجلترا.
بعد مغادرة الفايكينج لمملكة ويسيكس القديمة استقر الدنماركيون في الشمال، في منطقة تعرف باسم “دانيلو”.
أصبح العديد منهم مزارعين و تجارا ً و أسسوا مدينة يورك كمدينة تجارية رائدة.
في النصف الأول من القرن العاشر، بدأت الجيوش الإنجليزية بقيادة أحفاد الملك ألفريد العظيم في استعادة المناطق الاسكندنافية في إنجلترا.
و تم طرد آخر ملك إسكندنافي (إريك بلوداكس)، و تم قتل حوالي 952 شخص في تلك الواقعة.
كما وحد اللغة الإنجليزية كي تصبح هي اللغة الوحيدة التي يمكن إستخدامها في البلاد.
اقرا ايضًا: سبت الساحرات (الساحرات فى العصور الوسطى)
4- عصر الفايكنج و الهيمنة الدنماركية
في منتصف القرن العاشر كان عهد الملك هارالد بلوتوث ملك الدنمارك و كان ملك قوي موحد و مسيحي و كانت تلك بداية عصر الفايكنج الثاني.
قام بارسال غارات واسعة النطاق ضربت سواحل أوروبا و خاصة إنجلترا.
حيث كان أحفاد الملك ألفريد ضعفاء و لا يمتلكون نفس كفاءة و دهاء جدهم الملك ألفريد.
و قاد ابن الملك هارالد المتمرد (سفين فوركبيرد)، غارات الفايكنج على إنجلترا بدءاً من عام 991 م و غزا المملكة بأكملها في عام 1013، مما أدى إلى نفي الملك إيثيلريد.
توفي سفين في العام التالي، تاركاً ابنه كنوت (أو كانوت) ليحكم إمبراطورية إسكندنافية (تضم إنجلترا و الدنمارك و النرويج) على بحر الشمال.
اقرا ايضًا: أقدم كتب في العالم : إليك أقدم 8 كتب موجودة على الإطلاق
5- نهاية عصر الفايكنج
كانت نهاية عصر الفايكنج في إنجلترا عام 1066م .
و بحلول ذلك الوقت، كانت جميع الممالك الاسكندنافية مسيحية، كما إختلطت ثقافاتهم العنيفة و الدموية مع الثقافات الأوروربية و اندمجوا في المجتمع، و اليوم، يمكن العثور على علامات تركوها الفايكنج في المفردات و أسماء الأماكن في المناطق التي استقروا فيها، بما في ذلك شمال إنجلترا و اسكتلندا و روسيا.
و في أيسلندا، ترك الفايكنج مجموعة كبيرة من الأدب و الملحمات الآيسلندية، حيث احتفلوا هناك بأكبر انتصارات ماضيهم المجيد.
6- راجنار لوثبروك بطل الفايكنج
راجنار لوثبروك، بطل الفايكينغ الذي تحولت قصة حياته إلى أسطورة في الأدب الأوروبي في العصور الوسطى.
وفقاً للعديد من المصادر التي تحكي و تروي عن العصور الوسطي، ذُكر فيها أن راجنار لوثبروك كان ملكاً دنماركياً و محارباً من الفايكنج في القرن التاسع.
و هناك الكثير من الغموض في المعلومات المعروفة عنه.
و لكن يمكنك القول أنه لا يوجد حاكم في تاريخ الفايكينج أكثر شهرة من راجنار لوثبروك.
لقد بدأ كمزارع و لكنه انتصر في العديد من الحروب التي كان من المستحيل الفوز بها و سرعان ما أصبح ملك خليج كاتيغات، و نقل حال و وضع موطنه من قرية زراعية صغيره إلي إمبراطورية تتحكم في العديد من دول العالم و لديها العديد من المستعمرات.
لكن خلال أحد الغزوات التي هجم بهاعلي باريس تم هزيمتة هزيمة ساحقة.
و بعد الهزيمة الساحقة بعدة سنوات قضاها في العزلة بعيداً عن شعبه و موطنه عاد الي كاتيغات بحثاً عن الانتقام.
لكن رفض شعبه أن يحارب معه ضد إنجلترا من أجل الثأر، و لم يتمكن من الحصول علي أي دعم لتنفيذ خطتة.
يقال إن راجنار كان والدًا لثلاثة أبناء – هالفدان و إنواير (إيفار) و هوبا (أوبي) – الذين.
و وفقاً لعدة مصادر من العصور الوسطى، قادوا غزو الفايكنج لشرق أنجليا في عام 865 م.
ربما كان ذلك الغزو سعياً للانتقام لموت والدهم راجنار، أو ربما كانوا يطالبون بالأرض التي اعتقدوا أن لهم الحق فيها لأن والدهم راجنر قد قام بغزوها سابقاً.
المصادر:
اقرا ايضًا: كهوف يتومو جلوورم المذهله فى نيوزيلندا