إنه وقت قراءة القصة! نعم، سنقرأ القصة سوياً ، قصة لتعلم بها أطفالك حرف الجيم وسنتعرف على أهم ما بها من كلمات. لنتذكرها جيداً، ونتعلمها. إنه أمر جيد وتربوي من طراز فريد، لم تتغير قيمته، منذ زمن قديم. فالأطفال كثيراً ما ينجذبون لتفاصيل القصة، ويحبون الاستماع إليها من الآباء والأجداد. ويتعلقون بتفاصيلها، والمعلومات التي يعرفونها، والتي يمكن لمن يقص القصة عليهم، أن يساعدهم في حفظها عن طريق إعادة حكي القصة، وهو أمر يبرع الأطفال فيه لأنهم على الفطرة، يستقبلون المعلومات بشكل أسرع مما نستقبله نحن.
قصة الحاج جميل وشجرة الجميز
بعد أن استيقظ الحاج جميل، ذهب للتوضأ وصلاة الصبح، ومن ثم جلس لتلاوة وِرد من القرآن الكريم.
وفجأة دخلت قطته، التي عاشرته طوال عشر سنوات، فابتسم لها وقال : أهلاً، جميلة، هل تناولتي فطورك؟ فصدر عنها مواء ، فابتسم الحاج جميل، وقال لها: إذن هيا بنا نطمئن على حال الأرض والمزارعين.
واتجه الحاج جميل بعد ذلك إلى باب المنزل، وبمجرد ما رأي امتداد المزرعة أمامه، تنيرها أشعة الشمس، وضوء الصباح، ابتسم.
أخذ الحاج جميل يسير، وتتبعه قطته جميلة، وكان أينما ظهر ألقى بالتحية على جيرانه، وعلى المزارعين، ووقف للحظة يراقب العمل بالمزرعة.
كان الفلاحون يقومون بحرث الأرض، وتقليبها، مستخدمين الفؤوس، والجرار، وكان طائر أبو فصادة يعاونهم في الأمر فيطير عندما يجد الحشرات يلتقطها بفمه.
أراد الحاج جميل أن يستريح قليلاً ، فذهب إلى شجرة الجميز المفضلة لديه، فأخذ يستريح في ظلها، ويتذكر كم أحب الجلوس في ظل هذه الشجرة في سنوات طفولته وشبابه، وكيف كان ينظفها بنفسه، وكيف أحبت قطته جميلة الجلوس في ظلها معه.
وهنا صدر صوت صياح من أحد الأطفال، قائلاً: جدي! ابتسم الحاج جميل ونهض، فارتمى الطفل الصغير في حضنه، فقال له الحاج جميل: أهلاً ياجاسر، أهلاص ياحفيدي العزيز، أين بابا وماما؟ فرد جمال : بابا جمال وماما جهاد يقومون بركن السيارة، وسيأتون حالاً.
اجتمعت الأسرة بعد صلاة الجمعة، حول مائدة الغذاء لتناول الطعام، والذي احتوى على مالذ وطاب، ثم سأل جاسر جده: هل سنأكل الجميز ياجدي؟ فابتسم الجد وقال: أجل ياجاسر، سنأكله ولكن بعد أن تغسل يديك، ونجتمع سوياً بغرفة المعيشة.
وأخذ الحاج جميل يحكي لحفيده، عن سنوات طفولته، وحبه للجلوس يذاكر، ويلعب، ويحكي لشجرة
الجميز التي ارتبط بها كثيراً، فقال له جاسر: أنا أيضاً أحبها يا جدي، وأحب أن أجلس معك في ظلها.
وهنا قرر الجد أخذ حفيده، ليجلسا عند الشجرة، وقال له: أوصيك يابني أن تحافظ على الشجر والنبات، إن وجودها بالقرب من منزلك لطالما كان أمراً جميلاً ومحفزاً. ابتسم جاسر، وقال لجده: سأفعل ياجدي! سأفعل.
وفي نهاية اليوم، حضن جاسر شجرة الجميز في وداعة، وقبل جذعها، واحتضن جده، وقال له
سأنتظر الجمعة القادمة بفارغ الصبر لأراك ونجلس نحكي كثيراً ياجدي.
وانطلق محرك السيارة، وودع الجميع الحاج جميل، الذي أخذ يشاهد منظر الغروب بالمزرعة،
ثم ذهب إلى حجرته يفكر في جاسر وينتظر مثله الجمعة القادمة بفارغ الصبر.
قصة الجمل وجمال
استيقظ جمال اليوم باكراً، وكان في حالة شديدة من الحماس والفرحة، فلقد وعده بابا جابر بالذهاب
لزيارة الأهرامات، وتمثال أبي الهول، ووعده بركوب الجمل.
وما زاد حماسة جمال، أنه ظل يشاهد فيديوهات كثيرة في الليلة السابقة عن حياة الجمل، وكيف
أنه لُقب بسفينة الصحراء، وأنه يأكل ليخزن الطعام، ليجتره في الأيام الصعبة، والتي يرتحل فيها لمسافات طويلة.
كما قرأ جمال أن الجمل يستطيع أن يحمل الكثير من الأوزان، والسير بها لمسافات طويلة لأن الله
خلق له “خُفاً” فقدمه مفترشة مما يهييء له تحمل هذا الوزن والسير به. وقرأ جمال أيضاً، أن الأنثى
من الجمل تُسمى “ناقة”.
ولقد رأى جمال صوراً كثيرة للجمل وهو يحمل زائري الاهرامات من السياح، وكذلك من
المصريين، وفرح كثيراً لرؤية الأطفال من سنه يركبون الجمل وهم في غاية الفرح.
ذهب جمال إلى الأهرامات، وكانت الرمال تكسو المكان كله، وهذا أمر طبيعي فالجمل لا يستطيع
العيش إلا في مناخ صحراوي، هذا بالإضافة إلى أنه انفعل كثيراً برؤية أبي الهول، وعلم أن
الفراعنة قد بنوه اعتقاداً منهم أنه يحمي مقابر الملوك خوفو وخفرع ومنكاورع والتي تمثلها الأهرامات.
“إنه الجمل هناك يا أبي، أريد أن أركبه ياأبي، أرجوك“، ثم اندفع يجري نحو “الجّمال” وانتظر
حتى أتى أباه، ودفع للجمال يستأجر الجمل لبعض الوقت، ورفع جمال بيديه، وأجلسه على ظهر الجمل.
مسك جمال أحد سنمات الجمل، وكان سعيداً برؤية العالم من هذا الارتفاع، وسار الجّمال بالجمل
قريباً من الأهرامات، وجمال يلوح بيديه لأبيه أثناء تصوير أبيه له.
وبعد انقضاء المدة، أنزل الجّمال جمال على الأرض، وسقاه قليلاً من الماء، ثم جعله يربت على
رقبة الجمل، وذهبا بعدها للمنزل.
جرى جمال نحو أمه يحتضنها، وأخذ يحكي لها الكثير من التفاصيل، ثم ذهب مع أمه ليغتسل،
ويغير ملابسه، حيث تناول الغذاء، ثم قضى سهرة لطيفة مع والديه، وأخذ يشاهد معهما صور
اليوم، والفيديوهات التي التقطها له أباه.
وقبل نهاية اليوم، دخل جمال غرفته، بعد أن وضع إحدى صور اليوم مع الجمل التي صمم أباه
على طباعتها له، ووضعها إلى جوار سريره، وأخذ ينظر لها في سعادة حتى نام وهو يفكر في
زيارته القادمة للأهرامات، وفي رؤيته للأصدقاء ليحكي لهم عما رآه في زيارته للأهرامات مع
أبيه بإجازة نصف العام.