يتمتع الأطفال بلحظات متعددة تجمعهم بذويهم وأجدادهم، ودائماً ما يأتي على رأس هذه اللحظات تلك اللحظات التي يقص فيها الآباء قصة تتضمن معلومات قيمة ومثيرة بالنسبة للأطفال. تلك القصص التي دائماً ما تنقلهم إلى عالم الخيال، وتحفز طاقاتهم الإبداعية، وأيضاص مهاراتهم العلمية. فبحكي القصص يمكن نقل معلومات خاصة بالحيوانات مثلاً، أو الطيور، أو الوظائف. وكذلك يمكن تعليمهم الكثير من الكلمات التي تبدأ أو تتضمن مواضعاً مختلفة لأحد حروف الأبجدية العربية الفصحى. وسنتناول في الأسطر القادمة قصصاً تتضمن كلمات بـ حرف الحاء .
قصة حاتم وطائر الحسون
اعتاد حاتم أن يهديه أبواه في كل عيد ميلاد له طائراً مميزاً، فحاتم يحب الطيور كثيراً، ويحب القراءة عنها، وكذلك فهو يهتم بمتابعة كل جديد يرد بشأن الطيور على مستوى العالم، و يحب أيضاً معرفة خواص هذه الطيور، ونظام حياتها، وكيفية العناية بها.
ومثلما كان يحرص حاتم على سقاية النباتات في حديقة منزله الجميلة، وكذا العناية بالزهور الموجودة في قصاريها، والمنتشرة بكل مكان، فهو أيضاً يحب إلقاء التحية على الطيور، ومداعبتها، وإضفاء جو جميل من الهدوء والاستجمام بتشغيل بعض الموسيقى بحديقته.
وهذا العام سيبلغ حاتم الحادية عشر من عمره، وكانت له عادة الاستيقاظ صباح عيد ميلاده، لمشاركة الغناء مع الطيور، وكذلك الإفطار في حديقة المنزل مع والديه.
وعلى مائدة الإفطار قدمت والدة حاتم لابنها زهرة الحرير، وقالت له: تلك هي هديتي المتواضعة لك يا أستاذ حاتم! ابتسم حاتم في وداعة وهو يشكر أمه، ويقبلها على هديتها الجميلة، لقد قرأ حاتم عن الألبيزيا أو زهرة الحرير ويعرف كم هي جميلة، وكيف أن جمالها ونورها لا يظهر إلا ليلاً.
ونظر حاتم لأباه، وهو يسأل نفسه: “لقد أتت أمي بالزهرة، ومن المؤكد أنك يا أبي ستحضر لي الطير، هل لا زلت تتذكر أنني لا أريد سواه، بلى أعرف أنك أحضرته منذ عودتك من الجزائر”
نظر والد حاتم إليه، وقال له : حاتم! ماذا بك يابني؟ لقد شردت كثيراً، هل هناك خطب ما؟ شعر
حاتم بالتوتر والحرج، ثم نظر لوالده مرة أخرى، وقال في نفسه ” أبي؟ هل تتحدث بجدية؟! لا
يمكن أن تنسى هديتى!”
غمز والد حاتم بعينيه لوالدة حاتم، ثم أشار إليها أن تنظر إلى تعبيرات وجه حاتم، والتي كانت
تحمل شيئاً من الحزن، وخيبة أمل شديدة، وقالت أمه : ” حاتم! لا يصح أن تحمل ملامحك هذا
الحزن، إنه عيد ميلادك!” .
ابتسم حاتم على مضض، وهو ينظر لأباه، واستأذن للانصراف، وهنا.. سمع صوت تغريد رائع
ثم التفت إلى والديه: وسألهما: “أبي ، أمي هل سمعتما شيئاً؟”
ابتسمت والدة حاتم، وقالت لأباه، وهي تضحك : لن أستطع التمثيل أكثر من ذلك؟ لقد انكشف
أمرنا! ، انفرجت أسارير حاتم، واندفع نحو أباه، وهو يحتضنه، ويصيح: الحسون يا أبي! لقد
فعلتها، لم تنس هدية عيد ميلادي!
اندفع حاتم داخل المنزل كالطير، يبحث في كل مكان عن مصدر صوت طائر الحسون النادر،
حتى رآه في قفص هائل بجوار مكتب أبيه، فاقترب منه وهو يقول: مرحباً ياصديقي الجديد! لقد اشتقت إليك كثيراً.
نظر والد ووالدة حاتم في سعادة إلى حاتم وهو يمرح مع طائر الحسون، ويحاول الغناء معه،
وينظر إليه في فرحة شديدة. ثم جرى نحو والده، يحتضنه، ويشكره، وقال له : آسف يا أبي إن
ظننت أنك … فأكمل والده: أنني سأنسى هدية عيد ميلادك؟! لا ياحاتم! لا أستطيع، إنه من أغلى
أيام حياتي مع والدتك، فأنت ابننا الوحيد، ولا بد لنا أن نُسعدك ما حيينا.
نظر حاتم إليهما في سعادة ، وقال لهما : أنتما أفضل والدين في العالم! وعندما اقتربت ساعة
العصر، أتى أصحاب حاتم، وبعد أن قاما بالاحتفال معه بعيد الميلاد، وأطفأوا شموع الكعكة،
اصطحبهم حاتم إلى حيث قفص الحسون، ليغنوا معه، ويلتقطون صوراً كثيرة، واستطاع حاتم
أن ينم ولأول مرة منذ السنة الأخيرة للاحتفال بعيد ميلاده، على صوت الحسون يغرد، ولكن
بمنزله، وليس تسجيلاً صوتياً.