القميص المسحور
القميص المسحور أو كما يطلق عليه أيضا قميص المأمون أو القميص المبارك أو الحصن المكنون ،هناك من لم يسمع عن هذا القميص وهناك من سمع عنه خاصة من قرأ رواية الفيل الأزرق للكاتب أحمد مراد أو من شاهد فيلم الفيل الأزرق المأخوذ عن تلك الرواية والتي قام ببطولته الفنان كريم عبد العزيز وتم عرض الفيلم في جزئين عام 2014 وعام 2019
وتم ذكر القميص في أحد مشاهد الفيلم الذي جسده كريم عبد العزيز وهو يقوم بسرقة القميص المسحور من المتحف الإسلامي وهنا ذاع صيت هذا القميص الذي سوف نتحدث عنه في هذه المقالة.
وسائل الحماية في العصر الصفوي
لقد كان شائع أو مألوف في عهد الخلافة الصفوية والعثمانية الإعتقاد في أمور السحر والشعوذة ،
حيث كانت الطلاسم وصناعة التمائم والأحجبة وسيلة هامة من وسائل الدفاع أو الحماية ضد أي
مخاطر قد يتعرض لها الشخص سواء من الأمراض أو الحماية من الأعمال السفلية و أيضا وسيلة
لجلب النصر في المعارك الحربية ووسيلة من جلب الحظ والتي كان من المعروف في تلك الآونة
كثرة الفتوحات والمعارك،فكان يلجأ الحاكم والأمراء والظباط الى مثل تلك الأشياء
وكانت هذه التمائم أو الأحجبة عبارة عن قطعة من القماش أو الورق الأبيض يقوم الساحر أو
المشعوذ بكتابة مجموعة من الطلاسم بداخلها ، وكانت هذه الطلاسم عبارة عن مجموعة من
الآيات القرآنية ، والأرقام وبعض الكتابات بلغات غير مفهومة تكتب بلونين هم الأحمر والأسود
داخل أشكال هندسية ( دوائر أو مثلثات أو مربعات) ترسم بمنتهى الدقة و بأسلوب ونمط معين
لا يعلمه إلا المشعوذ ، وكانت كل تميمة أو حجاب لها غرض معين تختلف فيه نوعية وشكل الطلاسم المكتوبة.
قصة القميص المسحور
قميص المأمون أو القميص المسحور والذي صنع في عهد الدولة الصفوية بإيران موجود حاليا
بالمتحف الإسلامي بالقاهرة، والذي يبلغ عمره 349 سنة، وقصة وصوله إلى المتحف الإسلامي
تبدأ سنة 1913 عندما أتى به السيد ماكس هيرتز كبير مهندسي المعماريين والذي كان يشغل
وقتها منصب نائب رئيس المتحف الإسلامي في مصر، وقد اجتمع السيد هرتز بالمسؤليين في
وزارة الأوقاف واخبرهم بأن شخص ما يدعى مصطفى بك شمس الدين أتى إليه
بقميص غريب الشكل مصنوع من اجود أنواع الكتان و مرسوم عليه نقوشات هندسية كما كانت
عليه بقع من الدماء و ألح عليه بشراء ذلك القميص مدعيا أنه قطعة أثرية قيمة لا تقدر بثمن ولا
أحد يعلم سر إصرار مصطفى شمس الدين على بيع القميص ،وبالفعل قام السيد هرتز بشراء
القميص بمبلغ 5 جنيهات مصرية وأتى به إلى المتحف وظل موجود الى يومنا هذا.
أوصاف القميص
هو قميص رجالي مصنوع من الكتان ،طوله 137سم، وعرض الصدر 89سم ، عرض الوسط
92سم فتحة الرقبة 16 سم و طول الزراع20سم باتساع 30سم وهو ليس محاك بخيط.
عليه بقعة دماء كبيرة عند الرقبة علي الجانبين
منقوش عليه رسومات هندسية مرسومة بمنتهى الدقة وكتابات وآيات قرآنية وطلاسم مكتوبة
باللون الأحمر والأسود وأهم ما يميز القميص هو وجود مربع كبير مقسم الى 42 مربع صغير
مكتوب بداخل كل منها أرقام مكتوبة بلغة الجفر ( هو كتاب بداخله مجموعة من الطلاسم و
أخبار مستقبلية و أنباء عن نهاية الحكام والدول ، كانت تدعي الشيعة أن سيدنا على هو من قام بكتابة هذا الكتاب).
لمن يعود هذا القميص؟
و جود القميص في المتحف أثار اهتمام الباحثين للكشف عن صاحب ذلك القميص وبكثير من البحث والجهد وجدوا
أن هذا القميص يعود للشيخ الصفوي صفي الثاني بن عباس الثاني الذي كان يعرف باسم سليمان الأول، وكانت
فترة حكمه بين عامي (1666-1694) ، وقد أشتهر صفي الثاني بالسكر والعربدة وفشله في ادارة الدولة حيث ضاعت في عهده حدود الدولة الصفوية و تم الإستيلاء على جزيرة قشم عند مضيق هرمز في أول سنة من حكمه
كما تم الإستيلاء على خرسان وهي أحد أهم المواقع في الدولة وكثرت في عهده المجاعات والأمراض.
وبسبب كل تلك المصائب والفشل فقد لجأ لأحد المشعوذين ليجد له حلا لرفع هذه المصائب التي وقعت على الدولة ، فاأخبره المنجم أو الساحر أن السبب وراء ذلك هو أن اليوم الذي تولى فيها الحكم كان منحوسة أو مشؤم حيث كانت الأجرام السماوية في حالة تقاطع و أن الكواكب كانت متعامدة ،كما أخبره أنه سوف يموت قريبا وسوف يموت مقتولا.
وقد انخدع الشاه سليمان الأول بكلام المنجم حتى أنه أعاد مراسم تنصيبه مرة أخرى.
و قد صنع له المشعوذ حجابا على شكل قميص و أدعى أنه سوف يحميه ويخلصه من كل هذا النحس في مقابل مبلغ ضخم من الذهب، ومن هنا أنتشر أمر هذا القميص بل و أصبح زي رسمي من وقتها يرتديه الحكام والأمراء و الجنود في الحروب على مختلف العهود بغرض الحماية.
يوجد 8 قمصان مسحورين بالإضافة للقميص الموجود في مصر موزعين في تركيا وايران والمانيا
وامريكا وظل هذا القميص ملازما لسليمان الأول على مدار حياته حتى عام 1694 وهو العام الذي
مات فيه حيث ذكر في كتاب أشهر الأحداث العالمية أن في هذه السنة في أحد الأيام سمع الحرس
صوت صراخ وتمتمات بكلمات غريبة من غرفته فدخلوا عليه وجدوه مطروح أرضا على وجهه
وفي يده زجاجة الخمر فوجدوه ميت وعلى وجهه علامات الرعب و قيل أنه مات من تأثير الخمر
بعدها ظل القميص ينتقل من شخص الى أخر الى أن وصل الى مصر ، في الحقيقة ليس هناك معلومة
عن آخر من ارتدى القميص ولكن المؤكد أنه مات مقتولا.
ما هي علاقة المأمون بالقميص المسحور؟
لا يوجد أي دليل أو أثرعلى وجود علاقة بين المأمون أحد أبناء هارون الرشيد و أحد خلفاء الدولة
العباسية و بين ذلك القميص المسحور خاصة و أن المأمون أشتهر بعلمه وحبه للعلم فهو أول من
أنشأ جامعة بالمعنى المتعارف عليه حاليا وكان أسمها بيت الحكمة ، و أشتهر بتقريب العلماء اليه
وتعظيمهم ورفع مكانتهم الإجتماعية والمادية …فليس من المعقول بعد كل هذا أن يتبع المأمون
رجل العلم الخرافات والسحر خاصة و أن الفترة الزمنية بين حكم المأمون و ظهور القميص
بعيدة وهذا ما ينفي علاقة المأمون بالقميص المسحور.