ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من المنحنيات التي انتقلت بمرحلة “إدمان الإنترنت”. ولعل أبرز هذه المنحنيات، ما قام المختصون في علم النفس بتعريفه بالFOMO وسنتعرف اليوم في موقع مقالات على ما هي ظاهرة الـFOMO ؟
ويُترجم الاختصار “FOMO” إلى “Fear Of Missing Out“، أو الخوف من تفويت أمر ما، وقد ارتبطت هذه الظاهرة بمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لتجعلهم يشعرون بالخوف دائماً من فقدان العلاقات الاجتماعية بسبب قضائهم الوقت في استخدام حساباتهم المختلفة عليها.
وهو ما جعل العديد من وسائل الاعلام بصدد رصد تأثير هذه الظاهرة، وهذا المرض النفسي، الذي أصبح يؤثر على قطاع كبير من المواطنين بمنطقة الشرق الأوسط.
علاقة الـFOMO بإدمان مواقع التواصل الاجتماعي
نجحت العديد من المؤسسات المعنية بدراسة هذه الظاهرة، والتي بدأت في الظهور والتأثير بحياة الأفراد خاصة في العشر سنوات الأخيرة.
على سبيل المثال، تؤكد أحدث الإحصائيات أن نسبة لا تقل عن 7 بيليون شخص على مستوى الكرة العالم لديهم حسابات على الـSocial Media أو مواقع التواصل الاجتماعي، وبينهم ما يقرب من 2 بيليون شخص يعتمدون فقط على استخدام الـFacebook .
الأمر الذي أدت معه أسباب متعددة في “عدم” قضاء الوقت إلا على التواصل أو الاتصال أو العمل أو المراسلة وغيرها من المهام التي كانت تعتمد على التواصل البشري، ولكن بشكل إلكتروني.
وهذا ما أدى بالطبع إلى تأثر مهارات التواصل بشكل كبير بين الأفراد، وكان أبرز مظاهر هذا التأثر هو الخلل الذي أصاب لغة الجسد، والذي يبدو بشكل واضح في الأجيال القادمة
كما ظهرت العديد من الاضطرابات، و الانفعالات الزائدة عن الحد الطبيعي، هذا بالإضافة إلى زيادة الأرق، و الأمراض الناتجة عن ضعف أو سوء التغذية، وكثيراً من الأمراض النادرة والتي لا تستطيع كثير من المنظمات استيعابها إلا بالدراسة أولاً.
ولقد نتج أيضاً عن ظاهرة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي زيادة معدلات الانتحار، والحوادث، والكثير من التغيرات الاجتماعية التي طرأت على حياة المجتمع الشرقي، بل وساهمت في عجز الأجيال القادمة عن تقبل قيم حياتية كثيرة.
و أصبحت منصات التواصل الاجتماعي المختلفة على درجة عالية من الخطورة؛ إذ أخذت من “فبركة” الأخبار وسيلة لتحقيق النجاح؛ عن طريق زيادة التفاعل والمشاهدات التي تتصل اتصالا وثيقاً بالطريقة التي يُصاغ بها الخبر، مثل ” شاهد قبل الحذف….” أو ” ….. لايفوتكم” .
لقد زادت خطورة الإدمان لمواقع التواصل الاجتماعي، إلى الدرجة التي بدأت معها الطاقات
الابداعية، والذهنية، والبدنية، في الاندثار. هذا بالإضافة إلى التأثير بشكل سلبي كبير على الفطرة بحياة الإنسان.
ومن هنا، ظهرت الـFOMO كفوبيا تصيب مدمني مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تجعلهم
بشكل إرادي يصابون بدرجة كبيرة من عدم التركيز، أو النسيان، وعدم القدرة على استرجاع
التفاصيل بدقة، وبالتالي، الشعور بالخوف القهري من تفويت أمر ما.
فيترتب على هذا الخوف كثرة ارتباطهم بشكل مبالغ فيه بالأفراد حولهم، خوفاً من تفويت أو
فقدان علاقة ما، أو مناسبة ما.
وهذا إن نتج عن أمر، فقد نتج عن ارتباط مدمنى الـSocial Media بالألواح الإلكترونية،
وأجهزة المحمول، والذي يزيد استخدامهم لها عن المعدل الطبيعي والذي قدره بعض علماء النفس بساعتين يومياً.
وقد اختلف الأمر وفقاً لنتائج أحدث الدراسات المتعلقة بإدمان مواقع التواصل الاجتماعي، بين
“ثقافة” التعامل مع هذه المواقع بين المجتمعين الشرقي والغربي؛ فأغلب الأفراد الذين خضعوا
للدراسة من المجتمع الغربي يرون في التأثر بالتواصل الاجتماعي خطورة على حياتهم الاجتماعية
وحضارتهم. بينما اختلف الأمر بالنسبة للمجتمعات العربية التي يحرص مستخدمي مواقع التواصل
الاجتماعي على “توثيق” أدق اللحظات التي تخص حياتهم الاجتماعية أولاً بأول!
كما برز ذلك الاتجاه الذي يدعو للـ”عمل من المنزل” مع زيادة فرص العمل أو الدراسة بمقابل
مادي مرتفع عن طريق التطبيقات والمواقع المختلفة.
كيف نتجنب التأثير السلبي للـSocial Media ؟
لعل السبب الأقوى والأكثر تأثيراً في عدم التعرض لإدمان التواصل الاجتماعي أو التعرض
للـFOMO هو محاولة ترشيد الاستخدام لعدد ساعات التواصل الاجتماعي.
أما فيما يتعلق بالعمل، فلابد أن يتم أخذ قسط من الراحة يتراوح بين نصف ساعة وساعة للعاملين
بشكل رئيسي على الانترنت.
كما أن الحرص على رفع الهواتف الالكترونية، أو ماشابه عن أيدي أفراد الأسرة، وضرورة
العمل على تخصيص وقت للتواصل بين الأفراد، والتعرف على أحوالهم، وزيادة الروابط بينهم
بالزيارات العائلية، والرحلات، وغيرها.
ويأتي الوقت الذي يخصصه الفرد للقاء الأصدقاء، أو السفر، أو ممارسة الرياضة، وكذا ممارسة
الأنشطة الاجتماعية المتعلقة مثلاً بالعمل التطوعي على رأس ما يقاوم به الشخص إدمانه لمواقع
التواصل الاجتماعي وما يترتب عليه من آثار سلبية.
إن الإيمان بضرورة الاستمتاع بالحياة، وأن الوقت هو أغلى ما منحه الله عز وجل للإنسان،
من الأمور التي تحيل حياتنا دائماً إلى الأفضل.