مراحل النوم
فى الوقت الذى يبدأ فيه أغلبنا فى طقوس النوم الصغيرة كل ليلة، تبدأ معامل النوم فى العمل، وتتركز هذه الجهود حول جهاز لتكبير و تسجيل موجات المخ و هذا الجهاز يسمى رسام المخ الكهربائى.
و يسير الإكتشاف الذى وصل إليه علماء النوم بسرعة مذهلة حول النوم و مراحل النوم، إذ تتجتمع فى أمريكا و أوروبا مكتبة جديدة من المعلومات القائمة على دراسات على متطوعي المعامل من البشر و الحيوانات.
رحلة الليل الطويلة
قد يشعر المرء بالنوم و كأنه غطاء من الظلام تتخلله الأحلام و أنه وقت يتوقف فيه العقل عن العمل.
طوال الليل ينجرف الشخص إلى أعلى وأسفل خلال مستويات مختلفة من الوعى و كأنه يسبح فوق أمواج.
و قد أستطاع علماء الأبحاث أن يرسموا خطوط بيانية لمراحل رحلة الليل الطويلة و ذلك بواسطة رسام المخ الكهربائي.
و هى تبدأ بينما يكون المرء لا يزال مستيقظاً، ولكن موجات مخه تكون منخفضة و سريعة و غير منتظمة.
و قد صنف العلماء موجات المخ كالتالي:
- موجات بيتا و هى تكون فى وقت اليقظة.
- موجات ألفا و هى تكون فى حال الإسترخاء.
- موجات ثيتا و هي تكون فى حالة النوم الخفيف.
- موجات دلتا و هى تكون فى حالة النوم العميق.
إن إيقاع “ألفا” تلك حالة من الإسترخاء الهادىء الخالي من الأفكار المركزة.
ثم تزداد موجات “الفا” ضآلة، و يمر عقل الإنسان من بوابات اللاوعى فيرتجف جسمه نتيجة نوبة نشاط بالمخ.
وهى ذات صلة بنوبة الصرع، إلا إنها تعتبر شيئا عادياً فى النوم.
وقد تتلاشى فى جزء من الثانية ويستمر الهبوط، وسرعان ما يستغرق الإنسان فى النوم العميق و تظهر موجات أشد حدة تشبه التلال و هى موجات دلتا.
مراحل النوم
المرحلة الأولى من مراحل النوم
فى المرحلة رقم ١ تكون موجات مخ الشخص النائم صغيرة ضيقة و غير منتظمة مع سرعة فى التغيير.
و قد يشعر النائم بأنه يطفو على الماء أو ينجرف مع أفكار متكاسلة و أحلام.
إن عضلاته ترتخى و ضربات قلبه تزداد بطئاً، و هو يستيقظ بسهولة، و ربما أصر على أنه لم يكن نائماً.
المرحلة الثانية من مراحل النوم
بعد دقائق قليلة من المرحلة ١ يهبط النائم إلى مستوى آخر، حيث المرحلة رقم ٢.
إن موجات مخه الآن ترسم موجات سريعة تبدو بوضوح على الرسم الذى ينتجه رسام المخ الكهربائى.
و تتأرجح العينان ببطء من ناحية أخرى و لكن إذا فتح القائم بالتجربة أحد الجفون برقة فإن النائم لن يرى شيئاً، و يواصل النائم الهبوط إلى المرحلة رقم ٣.
المرحلة الثالثة من مراحل النوم
و تمتاز بموجات كبيرة ضئيلة تحدث مرة كل ثانية، و تكون عضلات النائم مسترخية، و تنفسه منتظماً.
بينما تبطىء ضربات قلبه و تنخفض درجة حرارته و يهبط ضغط دمه.
و بعد أن يستغرق النائم فى النوم بحوالى ٢٠ أو ٣٠ دقيقة يصل إلى المرحلة الرابعة.
المرحلة الرابعة من مراحل النوم
وهى أعمق مستوى و تمتاز بموجات مخية كبيرة و بطيئة تسمى موجات “دلتا” ترسم موجات تشبه التلال.
و هى بلا أحلام نسبياً، و يكون التنفس سهلاً و ضربات القلب و ضغط الدم و حرارة الجسم فى هبوط.
بعد ٢٠ دقيقة يبدأ النائم فى العودة من المرحلة رقم ٤ بعد أن يكون أمضى حوالى ٩٠ دقيقة فى النوم.
و تظهر موجات مخية تدل على نوم خفيف جداً، بل و تشبه موجات اليقظة.
ويطلق عليها علمياً مرحلة نوم “حركة العين السريعة”.
ومع ذلك ليس من السهل إيقاظ النائم فى هذه الفترة ، إذ يكون راقداً و عيناه تتحركان كأنها ترقب شيئاً.
و إذا أستيقظ الآن فإنه سوف يذكر أحلامه بكل تأكيد و ربما بتفصيل تام.
و بعد حوالى عشر دقائق سوف يتقلب النائم فوق الفراش و يبدأ فى هبوط مستوى النوم للأعماق ليعود لحلم أطول.
و فى كل ليلة تتكرر الدورة كلها حوالى أربع أو خمس مرات.
أسرار نسيان الأحلام
يبدى القائمون بالأبحاث الحالية إهتماما خاصا بمرحلتين:
أولاها “حركة العين السريعة” و نوم “دلتا” التى تعتبر أقرب ما تكون إلى ما يظن أغلبنا أنه نوم عميق ومنعش.
إن اللا شعور العميق لنوم “دلتا” يكون مسيطراً فى الجزء الأول من الليل ولكن تقل سيطرته بالصباح.
و قد حرم الدكتور ويلزى و زملاؤه المتطوعين من نوم “دلتا” ليلتين لا بإيقاظهم بل بدفعهم للعودة إلى النوم الخفيف كلما أقتربوا من المرحلة الأكثر عمقاً.
و فى الليلة التالية سمحوا لهم بنوم “دلتا” أكثر من المعتاد ليعوضوا ما فقدوه.
و نوم الدلتا حالة من اللاوعى إذ أن خلايا المخ يقل توقدها و مع ذلك فإن المخ لا يكون خاملاً.
و النشاط يتبدل فى المناطق المركزية من المخ حيث تتحول النبضات الحسية إلى ما نعرفه بأسم الشعور أو الإحساس.
و نوم الدلتا مثلا هو الوقت الذى يبول فيه البعض فى الفراش.
ففى تلك الفترة قد تؤدى مخاوف الليل إلى الصراخ للطفل و قد يواصل الصياح منادياً أمه حتى ولو كان جالسا على حجرها أو منطويا بين ذراعيها.
و عندما يستيقظ لا يذكر إلا الرعب دون تفاصيل الحلم.
و الغريب أنه فى فترة دلتا التى تسودها موجات النسيان البطيئة يبدأ المصابون بمرض السير خلال نومهم ممارسة هذه العادة! و كثيرا ما يرتبط مرض السير أثناء النوم بالحلم.
وقد أشتهر السائرون وهم نيام بأنهم يقودون السيارات ويتسلقون الأشجار بل ويرتكبون جرائم القتل ثم يفسرون ذلك فيما بعد بالأحلام.
و فى بعض المرات، عندما أيقظوا المتطوعين فى المعمل من نوم دلتا، تذكروا بعض أجزاء مبهمة من الأحلام ولكنها جديرة بالتأمل.
و لعل السبب فى ذلك أن أحلاما كثيرة أخرى أكثر مما نعرفها تكمن دفينة فى هذا النوم العميق.
مشاهدة أفلام سينمائية للمخ!
الشخص فى حالة الحلم تصبح عضلاته المسترخية رخوة مترهلة وتبرز عيناه المغلقتان و أحيانا يلتوى وجهه، ويصبح نبضه وتنفسه غير منتظمين ، بينما يتقلب ضغط دمه صعودا وهبوطا.
و يزداد معدل إستهلاك الأكسجين وكذلك دورة الدم فى المخ و حرارته و تزيد نسبة هرمون الإدرينالين فى الدم.
إن الأمر ليبدو أشبه بعاصفة فسيولوجية يمكن مقارنتها بحالة رعب أو تأثر شديد.
و قد ذكر بعض الناس أكثر الأحلام هدوءاً بعد أن أظهرت سجلاتهم تغيرات فسيولوجية ملحوظة.
و كشفت التجارب عن أن أحلامنا تستغرق وقتها الحقيقى، رغم أن القليل منها قد يحدث فى ثوان معدودات.
و كل من رأى عينى الكلب الأليف البارزتين النصف مفتوحتين وهو يحلم، أو حركات عينى الطفل تحت جفونه المغلقة، سوف يقسم على أنها كانت تتابع الأحداث وتحركات فيلم سينمائى داخلى.
ولكن الأمر قد لا يكون كذلك، فإن حركات العين السريعة تحدث كذلك فى الشخص الذى ولد أعمى، والذى لا يحلم بصور منظورة ولكن فى صورة لمسات وأصوات.
و تحدث أثناء النوم عندما تغزو نوبات نشاط كهربائى منطقة الإبصار بالمخ ، التى ربما حركها نشاط تحت قاعدة المخ.
و قد تكهن الأطباء منذ وقت بعيد بأن الأحلام العنيفة أو المزعجة قد تكون نسبياً فى نوبات القلب و الذبحة الصدرية التى تقع ليلاً.
و عندما يستيقظ الشخص خلال الليل، فإن أحلامه تتقدم من الأحداث المبهمة التى تشبه الأفكار إلى أحلام تزداد غرابة.
أحلام علاجية
يبدو أن نوم دلتا ونوم حركة العين السريعة كلاهما ضرورى.
وقد لاحظ الدكتور وليم بجامعة ستانفورد أنه عندما حرم المتطوعين من مرحلة حركة العين السريعة، سامحاً لهم بكل المراحل الأخرى، أظهر الأشخاص علامات تدل على تغيرات متزايدة فى المخ.
وكان كل شخص يحاول فى كل ليلة متتابعة من ليالى الحرمان أن يحلم أكثر فأكثر.
و يتنبأ بعض العلماء بإحتمال أنه قد يصبح فى الإمكان تحسين حالة بعض الأمراض العقلية بواسطة نوع من العلاج بالأحلام.
أى إعطاء المريض عقاراً يزيد مرحلة حركة النوم السريعة.
و قد تحركه مركبات كيماوية عصبيه تنتج و تستخدم فى الجسم والمخ.
و قد نجحت مواد عديدة بينها جرعات دقيقة من الأدوية التى تسبب الهلوسة فى زيادة هذا النوع من النوم.
و نحن نعرف أن الأقراص المنومة والمهدئة لا تبعث النوم الطبيعى و تغير الأسلوب المعتاد فى النوم.
بل إن الأكثر أهمية من ذلك هو الأكتشاف التدريجى بأن النوم غير المريح والأرق ينتجان عن أسباب عديدة.
و عندما يفشل الشخص فى النوم بإستمرار فإن علينا أن نبحث عن السبب و لا يستطيع إلا طبيب أن يحدد أى العقاقير سوف يريحه.
فالعقار المسكن الذى يريح أحد المرضى قد يبقى غيره مستيقظاً أو يدفع شخصا مكتئباً إلى يأس أعمق!
هل يمكن أن نستغنى عن النوم؟
نستطيع إظهار أن النوم شىء ضرورى بإستبعاده بمجرد أيام قلائل.
و كلما مرت الأيام أصبح الأشخاص المشتركون فى مثل تلك التجارب سريعى التهيج ، ويروحون فى غفوات دقيقة جدا تسمى فترات النوم الدقيقة.
و تضعف الذاكرة و تحاصرهم أوهام مرئية و إحساسات وأفكار سخيفة وشعور بإختلال الإتجاه.
وأخيرا يبدأون فى التصرف كالمصابين بأمراض عقلية و تأتى نقطة التحول إلى الهذيان للكثيرين بعد حوالى ١٠٠ ساعة.
و فقد النوم المزمن أكثر شيوعا و لكنه أقل خطورة و هو موضع دراسة فى كثير من المعامل.
و الشخص الذى أختصر نومه إلى أربع ساعات أو أقل سوف يزيد بعض مراحل النوم على حساب غيرها.
و هناك أناس يبدو أنهم دربوا أنفسهم على النوم مرتين كل منهما لمدة ساعتين بدلاً من النوم طوال الليل.
و يتكهن بعض العلماء بأننا قد نقصر فترة نومنا على المراحل الضرورية مستبعدين ساعات من المراحل الإنتقالية الخفيفة.
بينما يقول البعض أننا سوف نستغنى عن النوم كلياً، لنضيف ٢٠ سنة مفيدة إلى فترة الحياة العادية.
لكننا عند هذه المرحلة من معلوماتنا لا نستطيع أن نخترع أى بديل للنوم!
أقرأ أيضا: فوائد النوم لفترة كافية للحفاظ علي صحة الجسم
المصادر
- النوم و مراحل النوم – سبرينجل لينك
- عن دراسات النوم