إتسع تأثير مواقع التواصل الإجتماعي إلى الدرجة التي خلق فيها إزدواجية واضحة في المعايير والقيم الأخلاقية.
فما قد يُذم في الحياة العامة، لا يُمكن أن يحاكم بنفس المعيار على الـ”سوشيال ميديا” بل إنه يُمكن أن يؤخذ على محمل الإستهزاء، أو الفكاهة أيضاً! وبناءً عليه، فنحن بصدد الكشف عن إجابة السؤال ما علاقة مشاكل مواقع التواصل الاجتماعي مع العقلية العربية في التفكير؟
من أين بدأت المشكلة؟
يرمي السؤال السابق إلى مجموعة الأسباب التي تضافرت في النهاية لجعل مجموعة من السلوكيات، وردود الأفعال “طبيعية” و “عادية” أو أنها تُشكل قانون “التواصل” على “صفحات” التواصل الإجتماعي.
فالسهولة التي تعتمد عليها هذه المواقع بتأسيس حسابات إلكترونية، وكذا سهولة الوصول إلى الشخصيات العامة، أو أي شخص يريدون، هي كانت القطرة، التي أمطرت سيل من نظاهر ضعف عديدة لا يُمكن إنكارها.
هذا بالإضافة إلى تزامن ظهور الإختراقات كجرائم بيضاء أو جرائم إلكترونية مع ظهور هذه المواقع، والتي أصبحت بدورها ثقافة فزادت بالتبعية أخلاق التطفل، والمهاجمة، والرشق بالألفاظ والسب العلني على صفحات التواصل الاجتماعي!
النطاق هنا بالطبع أعلى، وأكثر إنتشاراً، فالعالم كله يشاهد، ويُمكن خضوع أعتى الكلمات للترجمة، كما ويُمكن نشر ومشاركة وإرسال الـ “قيل” والـ “قال” ..فمن قال أن للبيوت حُرمة؟! ما بُني على سهل، فقد حُكم عليه بالسهولة، وللأسف لم تنضج الفئة العُظمى من جماهير الشعوب العربية بعد لثقافة الاستفادة من الوقت الذي يُمكن قضاءه على السوشيال ميديا.
ما هي أبرز مشاكل مواقع التواصل الاجتماعي مع أستخدام العقلية العربية لها؟
لم يتعلق الأمر وحده بسهولة الدخول بحسابات شخصية حقيقية أو مزيفة، ولكنه إمتد ليركز على الوجه الآخر لكل “تحديث” من شأنه أن يزيد من تأمين الصفحات الرسمية.
ربما نجحت بعض الفئات من التفكير في هذا النوع من التقدم التكنولوجي، وكيفية إستثماره بشكل إيجابي، فظهرت المجموعات التي تعمل بمجالات إدرات الأعمال، والترويج للتعليم، والدورات التدريبية بشتى أنواعها، والمطاعم والمقاهي، وكذا الإعلان كافة المنتجات المستعملة والجديدة المستوردة والمحلية عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي، وغيرها من ملايين الأعمال التي اتخذت من فيس بوك أو إنستجرام، أو يويتوب، أو تويتر، أو لينكدإن، أو واتس آب منصات إلكترونية للعمل بشكل رئيسي.
ربما تتسع فوائد مواقع التواصل الاجتماعي يوماً بعد يوم، لتظهر مجالات جديدة، ولكن ما يبقى هو كيفية تعامل الإنسان مع هذا الجمع من المحتويات.
فهل لديه ما يكفي من الوعي بكيفية الإستفادة من هذا التقدم؟ وهل يدرك مالهذا العالم من أبعاد لا يجب التعامل معها أبداً بسطحية، وإنما النظر إليها بشكل حقيقي ومثمر؟
إن إمتزاج الحد الفاصل بين قضاء وقت الفراغ، وإستغلال هذه المواقع بما ينفع يمثل أكبر أساس لحدوث مثل هذه المشكلة. فلقد زادت نسبة استغلال هذه المواقع لقضاء وقت الفراغ، مقابل نسبة إستغلال هذا التقدم فيما يفيد.
ولا يمكن أن ننكر التأثير الإعلامي الذي حاول أن يتخذ موضعه على هذه الصفحات خاصة بعد أحداث 25 يناير، والتي كان من أهم ملامحها زيادة مساحة التوثيق الإعلامي بالصور والفيديوهات والتقارير والعناوين، والتي انتقلت من الصفحات الشخصية إلى الصفحات العامة والتي تأسست للأغراض الإعلامية.
ما يُمكن أن نقر به أن العقلية العربية عندما تعاملت مع مواقع التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك و تويتر ، وتطبيقاتها بدأت تحتك بها كالطفل الذي يحبو لأول مرة، فتواجهه عثرات عديدة حتى يستطع الثبات، والمشي، ثم الجري، والتعلق بكل ما هو ثابت.
ربما طال الوقت على إدراك الوجه الإيجابي لهذه المواقع، ولكن هناك نسبة لا يستهان بها من العاملين على الفاظ على هذا الوجه الأقوى في مواجهة الإزدواجية التي تنتشر بالصفحات .