نظافة البيئة وعلاقتها بجودة الحياة
ترتبط جودة الحياة ببيئة الفرد؛ فالعوامل البيئية تعد من المحددات الأساسية لإدراك الفرد لجودة الحياة؛ حيث يهاجر الفرد من بيئة إلى أخرى لاعتقاده بأن الرفاهية في البيئة الجديدة أيسر وأفضل، وجودة الحياة مفهوم محلي أكثر منه عالمي، خاصة في العوامل المحلية المرتبطة والمحددة لهذا المفهوم.
ويقصد بجودة البيئة ” المحافظة على البيئة واستخدامها بوعي من قبل الإنسان باعتباره كائناً اجتماعياً يعيش في إطار بيئة طبيعية خلقها الله وسخرها له وبيئة صناعية كونها هو بعقله وإرادته وسلوكه “.
وجودة البيئة سواء كانت طبيعية أو صناعية هي مسئولية الإنسان على المستوى الفردي والجماعي، فالموارد الطبيعية من ماء وهواء ومصادر للطاقة ومعادن بالإضافة إلى النباتات والحيوانات، كلها تمثل مقومات حياة الإنسان من غذاء ومأوى وكساء وتحتاج ممن سخرت له وهو الإنسان الحفاظ عليها والوعي في التعامل معها، فلا يهدر تلك الطاقة بسوء تفكير عقلي أو سلوكي فتنقلب تلك النعم إلى نقم تفسد حياته بصفة عامة.
ولا تقتصر جودة البيئة على الموارد الطبيعية فقط بل إن السلوك الاجتماعي للفرد يمثل عاملاً مهماً في تحسين نوعية البيئة وتجويدها، وذلك من خلال ما يسمى الضبط الاجتماعي ، ويقصد به تعديل السلوك الفردي بما يتلاءم مع القيم والمعايير الاجتماعية السائدة، هذا التعديل هدفه إحداث التوازن بين إشباع حاجات الفرد ومقابلة متطلبات البيئة، لذلك فإن الجماعات الخارجة عن المجتمع هي التي تنهج نهجاً عكس ذلك فتحاول – ولو بالقوة – إخضاع سلوك المجتمع كي يتمشى مع سلوكها هي، ولا تمتثل للقواعد والمعايير الاجتماعية، ولا تتقبل التغير الاجتماعي، ومن ثم لا تتحقق جودة البيئة الاجتماعية لتلك الجماعات.
كما يضاف إلى البيئة الطبيعية والاجتماعية بيئة ثالثة يمكن أن نطلق عليها البيئة الثقافية، والمتمثلة في كل ما استحدثه الإنسان خلال تاريخه من أنشطة بشرية متعددة من مأكل وملبس ووسائل نقل حتى العادات والتقاليد والأعراف والبرامج التعليمية والتقنية كلها من مكونات البيئة الثقافية، وقد تعاظم تأثير الإنسان على البيئة في القرن العشرين بما استحدثه من تقنيات معظمها جاء لاستنزاف موارد البيئة، مما يهدد الأجيال القادمة حتى وصل الأمر إلى حالة يمكن وصفها : ” بمرحلة اللاعودة “.
ولكي تتحقق جودة البيئة بمكوناتها الطبيعية والاجتماعية والثقافية يجب الاهتمام بحقوق الإنسان البيئية والتي يمكن إيجازها في بعض المبادئ الأساسية وهي:
1. حق الإنسان في الاستخدام الأمثل للموارد البيئية الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال استغلال الموارد الطبيعية لضمان تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون الإجحاف بحقوق الأجيال القادمة، وضمان المحافظة على البيئة وعدم تعرض مكوناتها للتلوث أو الاستنزاف.
2. حق الإنسان في الاستثمار الأمثل للموارد البيئية ومنع تلوثها، ويقصد بالاستثمار الاستفادة من الموارد المائية المتاحة مثلاً في الحصول على المياه الصحية والصالحة للشرب.
3. حق الإنسان في استثمار الأرض بالشكل المناسب من خلال التوسع العمراني المقنن مع المحافظة على رقعة الأرض الزراعية بل والتوسع في استصلاحها ومقاومة التصحر.
4. حق الإنسان في التمتع بالحياة البرية والطبيعية من خلال إدارة المحميات الطبيعية بشكل أفضل، والمحافظة على التنوع الحيوي في النباتات والحيوانات خاصة المهددة بالانقراض والفناء.
5. حق الإنسان في بيئة خالية من التلوث بكافة أشكاله ( الهواء – الماء – التربة – الغذاء – المبيدات – النفايات )، وأيضاً التلوث السمعي المتمثل في الضوضاء.
6. حق الإنسان في التوعية البيئية والمشاركة الفاعلة قي التخطيط، وصنع القرارات المتعلقة بالأنشطة البيئية والتنموية المختلفة.
7. حق الإنسان في تلقي المساعدات عند فقد ممتلكاته الشخصية والتعويضات نتيجة الأضرار الناجمة عن حالات الكوارث الطبيعية أو في حالات الحروب والأزمات.
وهكذا يتضح ارتباط جودة النظام البيئي بجودة حياة الإنسان وسعادته وتحقيق رفاهيته. ولكي تتحقق جودة البيئة الثقافية يبرز تفعيل أهمية التعليم والتثقيف والتنوير بقضايا علاقة الإنسان ببيئته وحقوقه وواجباته، باعتباره المدخل السليم لترشيد سلوكه وتبصيره بعواقب أعماله وسلوكياته أثناء تفاعله مع معطيات البيئة.