لقد زاد الأمر جداً في المجتمع و أصبح محلاً للإستنكار و أمراً مثيراً للإستغراب و أيضاً مقلق على هذا المجتمع
إلى أين وصل و كيف وصل لهذا الحد من الإستهتار و التهاون في أمر قيمه و دينه و خلقه فما أسهل الحلف بـ يمين الله ” و الله ، أقسم بالله ، ورب الكعبة ”
و في النهاية تجد كذبا و حنثاً بالإيمان و يكون أقل ما عند الناس من قيمة هي الإيمان و القسم بالله
لهذه الدرجة وصل بنا الحال و الإستهزاء و عدم تقدير هذا اليمين الذي نحلف به و نقسم على البر به.
جزاء اليمين الغموس
قال صلي الله عليه و سلم «من حلف على يمينٍ صبرٍ (أي كاذباً) يقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فيها فاجر
لقي الله وهو عليه غضبان»
، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا
يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ “
وفي حديث آخر: «إن أعرابياً جاء إلى رسول الله ﷺ يسأله عن الكبائر، فقال: الإشراك بالله، قال:
ثم ماذا؟ قال: اليمين الغموس، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال امرئ مسلم، يعني بيمين
هو فيها كاذب» أخرجه البخاري من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما.
قال صاحب لسان العرب: واليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار
انظر إلى حجم ما نفعله يوميا عدة مرات ؟
أنظر لحجم الوعيد و حجم الكبائر ؟ أنظر لكلام الرسول صلى الله عليه و سلم عن اليمين و يكفي أنه ذكرها
فلهذا دلالة عظيمة و على أهميتها و على وجوب توقيرها و إحترامها و تقديرها و عدم اللغو فيها و لا الإستهانة به .
هل لليمين الغموس كفارة؟
و تجد هذا واضحا أيضاً في كلام العلماء و على ما يترتب على هذه اليمين الكاذبة و ما تدره على صاحبها من
فواجع على نفسها في الدنيا قبل الآخرة.
فمذهب الجمهور أنها لا كفارة فيها لأنها من الكبائر، وهي أعظم إثماً من أن تكفرها كفارة يمين،
وقالوا: إنها يمين مكر وخديعة وكذب وغير منعقدة، فلا كفارة فيها، وإنما الواجب فيها التوبة لله تعالى،
ورد ما اقتطع بها من حق للغير.
وذهب الإمام الشافعي إلى وجوب الكفارة فيها، وهو رواية عن الإمام أحمد، لذا يجد البعض أن
من الأحوط لهذه اليمين هو التوبة و الندم و الإستغفار و العزم على عدم العودة لمثلها أبد اً
و يكون ذلك بإخلاص نية و عزم أكيد علي هذا الأمر لا بنية مؤقتة و حسب بل أيضاً على التكفير
بكفارة عن هذا اليمين احتياطا و هذا تغليظا للأمر و ليشعر الفرد بعظم ما قام به من كبيرة عظيمة
و إثم نبه عليه النبي صلي الله عليه و سلم من استغلال الحلف بالله في الغش والنصب.
كن مع الله متأدباً
إن الإستهانة بالقسم و اليمين ليقدح في نزاهة الفرد و أمانته و أدبه مع الله قبل أدبه مع الناس
فكيف بمن لا يوقر يمين الله أن يوقر كلمة قالها ؟!
إن إحترامك لقسم الله و يمينك هو دلالة علي صحة إيمانك وأدبك مع الله الذي سيترتب عليه أدبك
مع العباد و الخلق و لابد أن يكن هناك حدا تقف فيه متأدبا مع الله ناظرا إليه بقلبك عالما أنه عليك مطلع
و لك مراقب وربوا ابنائكم على أن قسم الله عظيم وعقابه شديد لا يجوز الحلف به كذبا فلتكن عينك على نفسك
فعين الله لا تنام عنك .