إنعكاسات إنتقال العمالة على أساليب المعيشة فى القرية
آدت الحالة الإقتصادية السيئة فى مصر وخاصة فى الريف المصرى على جانبيه فى القبلى والبحرى إلى هجرة الفلاحين إلى خارج قريتهم بحثا عن المال والعيشة المربحة والمريحة وخاصة أن الريف الوسائل به محدودة للغايةوبالتالى فكان هناك إنعكاسات إنتقال العمالة إلى أساليب المعيشة فى القرية كما حددها الدكتور محمد عبد النبى أستاذعلم الإجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة وهى كالتالى:التغير فى إيقاع العمل اليومى وروتين الحياة اليومية:فى الماضى كان السكان من المزارعين مثلهم مثل باقى القرى المصرية يقبلون على العمل فى المزارع منذ الصباح الباكر مصطحبين معهم ماشيتهم وأولادهم ويعملون بهمة ونشاط حتى منتصف النهار فيجلسون لتناول طعام الغذاء التى تأتى به زوجته وأبنائه فى الحقل ليتناولوا الغذاء مع بعضهم وذالك ضمن قسط من الراحة ثم يواصل الفلاح عملة مرة آخرى بهمة ونشاط حتى الغروب,ثم يعود الفلاحين مع بعضهم فى جماعات وهم يجرون بهائمهم إلى القرى فى منظر بديع بعد يوم شاق من العمل,وقبل العشاء تتناول الآسرة فى الريف العشاء مع بعضهم ثم يصلون العشاء وينامون نوم عميق,ويتيح لهم الإستيقاظ مبكرا مع مطلع الفجر وهذه هى الصورة الحقيقية للحياة الروتنية التى كان يعيشها الفلاحين فى القرى,ولكن فى الفترة الآخيرة آكدت الدراسات أن الروتين فى الحياة اليومية يختلف وذالك بعد إنتقال عديد من الفلاحين للعمل فى الخارج,حيث أصبح هناك تراجع ملحوظ فى الإستيقاظ مبكرا وغالبا يبدأ العمل بعد مطلع الشمس بفترة طويلة وتقلصت أعداد الماشية,وأصبح العمل بمواعيد رسمية كالعمل الحكومى,مما آدى إلى حالة من التكاسل والإسترخاءفى العمل وهذا بسبب إدراك الفلاحين لمحدودية آجورهم من العمل الزراعى مما جعلهم يلجأون إلى الهجرة خارج القرية,كما تقلص مفهوم الجماعة وأصبح كل فرد لا يفكر سوى فى نفسه,كما فقد الريف كثير من الزراعين من الشباب,لأن معظم الشباب آرادوا الهجرة من أجل الحصول على فرص كبيرة لا تتاح لهم فى القرية,كما آدى كل ذالك لإعتماد المزارعين على المكينة الزراعية فى العملية الزراعية بسبب نقص الزراعين والإعتماد المتزايد عليها,فهى تحل محل الحرث والرى ورش المبيدات ومقاومة الآفات وغيرها,وررهذا ما ساعد بشكل ملحوظ فى تغير والملابس الريفية التقليدية الحياة اليومية,_تزايد إنتشار سمات الحياة الحضرية فى القرى:فى الماضى كان الفلاحين يعتزوا بإرتداء الجلبابولكن نتيجة للهجرة أدخل الشباب على القرى ملابس مغايرة لطبيعة الملابس الريفية فأدخل البناطيل والقمصان أى إرتداء الملابس العصرية,كما آكدت الدراسات على إختفاء ظاهرة الحفاء وإرتداء الصنادل والحذاء وكل ما هو عصرى,وتغيرت مواعيد تناول وجبات الطعام ونوعيته بصورة كبيرة,وتجلى ذالك بوضوح بشراء رغيف الخبز بدلا من صنعه ونزول الشباب للمدن وشراء الأطعمة السريعةكما دخلت وسائل العولمة إلى القرى ودخول الدش والنت والكمبيوتر والإستعانة بالوسائل غير التقليدية خاصة فى المنزل,وذالك لتزايد الشباب على المراكز الحضرية بصورة يومية أو أسبوعية لقضاء مصالحهم وشراء لوازامهم وبالتالى تقليد الحضريين فى طريقة كلامهم وملابسهم وحياتهم وطريقة معايشتهم وأكلهم,_السيولة النقدية والتغير فى أنماط الإستهلاك:آكدت الدراسات على توافر السيولة النقديةلدى المستويات المختلفة بين سكان القرى,عكس ما كان يحدث فى الماضى فكانت تتوفر السيولة النقدية لدى فئات محددة فقط من سكان القرى مثل العمدة وشيخ البلد والأعيان فقط,وكانوا يعتبرون الموظفون وذوى الرواتب الحكومية فى مكانة عالية وأعلى وأكبر من غيرهم,حيث كان السكان بالقرى يلجأون إليهم للسلف لحين بيع منتجاتهم فى السوق,ولذالك فإن الهجرة وإنتقال العمالة إلى البلدان الآخرى آدى إلى إرسال النقود إلى القرى لأهلهم مما آدى لتوافر المال,كما تغير نظام السكن فى القرى,فكانوا يعتمدون على الحصير والمساطب والسرائر بعمدان ولكن أصبحت المنازل التى تبنى تشبه العقارات التى تبنى فى الحضر ودخلت البيوت التليفزيون الملون والدش ودخول وصلة النت ودخول الأنتريهات وآحدث غرف النوم حتى الأفراح صممت لهم قاعات أفراح داخل القرى ودخل الهاتف المحمول فى كل منزل حتى اللهجة الريفية بدأت تتغير والنوم باكرا تقلص وأصبح السهر لمشاهدة الأفلام والمسرحيات موجودا كالحضر,ومن هنا أحب أن أقول نجحت المخططات الدنيئة فى محو الأصالة المصرية الموجودة بالريف ومحوت العادات والأخلاقيات الريفية التى كانت متآصلة فى النفس وغيرت الحياة والعقول وبمنتهى الذكاء دخلت لهم من أهم الأشياء الحالة الإقتصادية أى المال,وعندما ينتشر الفقر والجوع ينسى الإنسان كل شئ من أجل المال وبهذه الطريقة وهى الهجرة محيت القرية بأصولها وطباعها وكل شئ جميل,وتوفى أجمل ما فينا هو الريف والريفيون.