الجنة نعيم القلب لا الجوارح
نعيم الجنة
فكرة نعيم الجنة أراها ف دوام الخير و زوال الكدر و إنتهاء الخوف و إستقرار النفس لا في قيمة النعم و لا تعدد صورها مهما بلغت من زينة و جمال و متعة فانظر الى قوله تعالى في صورة الزخرف
“وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن «يَكْفُرُ» بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ(33)ولِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ(34)زُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ(35)”
لو وضعت ” يؤمن” بدل من ” يكفر” لقُبلت شرط حذف ما تلاها ألا وهو ” وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا”
فالكفر و النعم و الدنيا بينهما إتساق = معادلة ربانية .
و حتي عندما ذكر أهل التقوي لم يذكر النعم فيقول الله تعالى ” وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ”
أي إن الدوام لهم و السكينة لهم و الحفظ من تبدل الحال لهم لا النعم فحسب،
فالنعم قدمت لغيرهم ف الدنيا الفارق ف السكينة و الأمن من الفزع وإتقاء سؤ الحال بعد رغده و هذا لا يكون إلا لصاحب الآخرة.
“وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ” _ النمل
“بِكُلِّ فَاكِهَةٍ «آمِنِينَ»” _ الدخان
“سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ” _ محمد
” يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ” _البلد
شيء من ريح الجنة
و أعلم أن طالما متع الجوارح ليست فقط كل ما ستحصل عليه أو ما تنتظره في الجنة إذا فمن العقل ألا تكون تلك غايتك في الدنيا فإنك فيها و لو كنت في نعيم الجوارح فإنك لن تصل أبدا لنعيم القلب وهدوءه وسكينته و طمأنينة روحك فمن الصعب على الإنسان في الدنيا أن يحصل على كل النعم (راحة النفس والقلب ) ، فسعيك في الدنيا إذا لابد أن يكون مرتكزا علي تحصيل ما يضمن لك نعيم الجنة الحقيقي من راحة قلبك و روحك و أمنك من العذاب فهذا هو الأساس الذي أتينا من أجله على هذه الدنيا.
هنا الجنة يا سادة في راحة قلوبكم فمتي سكن قلبك و اطمئن فقد لمسك شئ م ريح الجنة فإبتسم.
أنظر إلى الدنيا بعين المسافر فيها لا المقيم
السعي الحقيقي أن تجتهد في الدنيا لتنال الجنة وهذا السعي سيدفعك دفعا للتصالح مع محيطك و مجتمعك و نفع نفسك بأعمال الخير و تقوي الله و التوقف عند حدوده و حرماته و هذا لا يمنعك أبدا من تحصيل متع الدنيا بقدرأن يضعها في ميزانها الصحيح فلا تشغل قلبك عن ذكر الله و لا تقف عندها و تترك قيمك و أخلاقك و روابطك الإنسانية من أجلها بل تكن مجرد سبل للعيش لا هي العيش ذاته و إنك عندما تتحصل عليها تكن علي يقين بأنها من رزق الله لك ساقه اليك لتحفظه و تحمد الله عليه و تنفقه في مرضاته و أنه نتاج طاعتك له فإذا فقدته فلا تأسف عليه لأنك تعلم أن هذا قد يكون إبتلاء من الله لك بفقدك هذا المال مما يدفعك لمزيد من الطاعة و العبادة لتنال رضا الله عنك الذي يضمن راحتك الأبدية و الحقيقة يوم تلقاه .
وبهذا اليقين تحمي نفسك من تقلبات الدهر ومناكبه فأنت بداخلك تعلم أن لله الأمر في كل شيء وأنك ما أخذت شيء من متع الدنيا الا ابتغاء مرضات الله فمتى جاء أو ذهب فالحمد لله على كل حال.
فانظر إلي الدنيا بعين المسافر فيها لا المقيم و تمتع بما فيها بعين الزاهد لا المغتر و ابتغي فيما آتاك الدار الأخرة.