يحتفل المصريين كل عام فى هذا التوقيت بعيد شم النسيم لكن هذا العام مختلف بكل المقاييس بعد انتشار وباء فيروس كورونا المستجد . شم النسيم العيد الفرعونى الأصل الذى ارتبط بالتنزه فى الحدائق و تناول الأسماك المملحة و تلوين البيض هل ستختفى تلك العادات هذا العام؟ و كما ارتبط الإحتفال بشم النسيم بالتنزه الحدائق، ارتبط أيضاً بظهور حالات التسمم المتكررة فى كل عام. فماذا عن شم النسيم فى زمن الكورونا ؟ سوف نتناول فى هذا المقال شم النسيم من نواحى متنوعة نذكرها تباعاً .
تاريخ الإحتفال بشم النسيم
- إن أول من احتفلوا بشم النسيم هم المصريين القدماء من أكثر ما يقرب من ٥٠٠٠ عام .
- شم النسيم كلمة قبطية أصلها كلمة شمو التى تعرضت للتحريف مع مرور الزمن و أضيف عليها كلمة النسيم التى تعبر عن حال الجو فى فصل الربيع لتصبح شم النسيم.
- كان القدماء المصريين يحتفلون بهذا اليوم بمراقبة الشمس وقت الغروب أمام الواجهة الشمالية للهرم حيث يظهر وقتها قرص الشمس كما لو كان يجلس فوق قمة الهرم الذى تخترقه أشعة الشمس و تجعله يظهر مقسوم لنصفين.
- تحول الإحتفال بعد ذلك من مراقبة الشمس ليوم تخرج فيه الناس إلى الحدائق و المنتزهات و يتناولون فيه بعض الأطعمة المرتبطة بالاحتفال.
الأطعمة المرتبطة بشم النسيم :
مع مرور الوقت أصبحت هناك أنواع معينة من الاكل مرتبطة بالاحتفال بشم النسيم و هى الأسماك المملحة و على رأسها الفسيخ،البيض الملون،البصل و الخس .هذه الأنواع ارتبطت بمعطيات البيئة المصرية الفرعونية نفسها كالتالى :
- البيض : اعتقد المصريون القدماء أن البيض هو رمز خلق الحياة و تناوله فى شم النسيم كان من الشعائر المقدسة لديهم . كما نقشوا عليه أمنياتهم التى يريدون تحقيقها فى العام الجديد التى تطورت فيما بعد لتصبح الرسومات و الألوان التى نراها الآن فى شم النسيم.
- خس شم النسيم : ارتبط الإحتفال بشم النسيم أيضاً بنبات الخس حيث يكتمل نمو الخس وقت الربيع . قد ظهر نبات الخس منقوشاً فى المعابد فى تاريخ المصرى القديم.
- البصل : ارتبط البصل أيضاً باحتفالات شم النسيم و ذلك لاعتقادهم بأنه يطرد الأرواح الشريرة كما ذكر في أساطيرهم.
- الأسماك المملحة : كان يقدس القدماء المصريين النيل و يعتقدون أن أصل الحياة بدأت فى الماء .لذلك قاموا بالاهتمام بالأسماك و قاموا بتجفيفها و تمليحها. أصبح شم النسيم مرتبطاً بالفسيخ و الملوحة و الرنجة. و لكن يتسبب الفسيخ فى ظهور حالات تسمم كل عام
كيف يسبب الفسيخ التسمم ؟
يتم عمل الفسيخ عن طريق غسل السمك و تركه فترة ليجف مما يسمح للبيكتريا القيام بالتحلل الذاتى للسمك (Autolysis) و ده بيسمح للبيكتريا أنها تشتغل على مكوناته فيصبح لحمه طرى جداً و بعد فترة يتم وضع الملح عليه . هذا النوع من البكتريا يسمى Clostridium botulinum .
يوجد نوع من الحشرات يسمى بالذباب الأزرق (blue bottle fly) يشم رائحة أى كائن ميت على بعد ١٥ كم و يضع عليه بيضه و هذا يسبب التسمم .لذلك لابد التأكد من أن مصدر هذا الفسيخ مصدر موثوق منه و الأفضل عمله فى المنزل و التأكد من نظافته .
من هم الممنوعين من أكل الأسماك المملحة ؟
يحتوى الفسيخ على نسبة عالية جداً من الأملاح لذا يجب على الأشخاص الذين لديهم مشاكل لها علاقة بمستوى المياه و الأملاح فى الجسم الإبتعاد عنه و هم
- مرضى ضغط الدم : ينصح بعدم تناولهم للأسماك المملحة .
- مرضى حصوات الكلى :ينصح للأشخاص لديهم نسبة عالية من الأملاح فى الدم و تكون هذه الأملاح حصوات فى الكلى أو الحالب أو المثانة بعدم تناولهم الأسماك المملحة.
- مرضى الفشل الكلوى: يجب أن يمتنعوا نهائيا ً عن تناولها.
- مرضى المراحل المتأخرة من الكبد
- مرضى القلب : خصوصاً عدم انتظام ضربات القلب لأنها مرتبطة بأنواع أملاح معينة في الدم .
- مشاكل الغدة الكظرية (فوق الكلوية)
بيكتريا كولستريديم بوتولينوم (clostridium botulinum)
يعتبر هذا النوع من البيكتريا هو المسبب للتسمم الحادث بعد تناول الأسماك المملحة و الفسيخ حيث يعتبر سم البوتولينوم الناتج عنها هو الأكثر خطورة فى العالم .
هى عبارة عن بيكتريا عصوية الشكل. تحتوى مادتها الوراثية على كروموسوم واحد .يتكاثر هذا النوع من البيكتريا لا هوائياً أى فى غياب الأكسجين .
لها مقاومة عالية للحرارة و الملوحة و الجفاف لذلك يجب على المستهلك تعريض الأسماك المملحة للحرارة قبل تناولها حتى نضمن القضاء على البيكتريا المسببة للتسمم .
ظهر في الآونة الأخيرة مصطلح يعرف باسم البوتكس(Botox) يعلم الكثير مننا أنه يستخدم فى عمليات التجميل و القضاء على التجاعيد . لكن ما لا يعلمه الكثير أن المادة المستخدمة فى تلك العمليات هى سم البوتولينوم الذى تفرزه بيكتريا clostridium botulinum المسببة للتسمم الفسيخى أيضاً.
أعراض التسمم ببيكتريا الكولستريديم بوتولينوم clostridium botulinum
قد تظهر أعراض هذا التسمم بعد ساعات محدودة أو فترة طويلة نسبياً و ذلك بحد أدنى ٤ ساعات و حد أقصى ٨ أيام
تختلف الأعراض من شخص لآخر و أكثرها شيوعاً هى
- ضيق فى التنفس لأن السم الناتج من البيكتريا يتسبب فى شلل الجهاز التنفسي مما يحتم من وضع المريض على جهاز التنفس الإصطناعى .
- اضطرابات فى الجهاز الهضمي.
- الإحساس بالتعب العام و آلام فى العظام .
- إزدواجية فى الرؤية و عدم وضوحها .
- الإحساس بالدوخة و الدوار
- ارتفاع ضغط الدم بشكل كبير و زيادة ضربات القلب .
ما هى إجراءات الوقاية اللازمة لتخفيف السموم ؟
- تناول كميات كبيرة من المياه لتساعد على تخفيف نسبة الأملاح .
- تناول مشروبات غنية بمضادات الأكسدة مثل الليمون و النعناع و الجنزبيل.
- عند شراء الأسماك المملحة يجب التأكد من مصدرها أن يكون مصدر موثوق منه.
- عمل هذه الأسماك فى المنزل أفضل من شرائها لضمان جودتها و صلاحيتها للأكل.
- لابد من تعريض تلك الأسماك إلى حرارة مباشرة قبل تناولها حتى نتخلص من البيكتريا الموجودة بها.
يصادف الإحتفال بيوم شم النسيم هذا العام انتشار وباء كورونا المستجد لذلك قامت الحكومة بالقيام ببعض الإجراءات لمحاولة الخروج بأقل قدر من الخسائر من هذه المرحلة.
حيث قررت الدولة تطبيق إجراءات الحظر يوم شم النسيم من غلق تام لكافة المحال التجارية و المولات مع إيقاف حركة التنقل بين المحافظات و أتوبيسات الرحلات و المترو و المواصلات العامة و الحركة النهرية مع الغلق الكامل لكافة المنتزهات و الشواطئ .
يجب على الجميع الإلتزام بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالحظر يوم شم النسيم و عدم الخروج من المنازل حفاظاً على الأرواح و منع الاستهلاك المضاعف لقدرات الدولة التى تقود حالياً حرباً عنيفة ضد فيروس كورونا.
كلاً من حالات فيروس كورونا و حالات التسمم تحتاج إلى أجهزة التنفس الصناعى لمحاولة إنقاذ حياتهم لذا يجب الإلتزام تضامناً مع جهود الدولة و عدم تحميلها جهود مضاعفة .
