في البحث عن الذات
عيناي مفتوحتان لكني أعجز عن الإبصار، أنظر الى داخلي و لا يوجد إلا الظلام حالك، أكاد لا أرى شيئا … شخص ما يبحث في ذلك المكان المهجور، و الغبار بدا و كأنه كسى كل الزوايا حتى أن هناك نسيج عنكبوت … غريب هذا، في وسط اللاحياة يمكن أن توجد الحياة … ذلك الشخص مازال يبحث، يضرب الجدران بكفيه، مهلا … إنها تبدو كمرايا سوداء اللون … هذه بادرة أمل … إنه يحدث فوضى بداخلي، صوت الضرب على الزجاج يتصاعد رويدا رويدا و الألم في رأسي يزداد … لقد بدأ يصرخ الآن، يقول شيء لا أتبينه، لا أفهم أي كلمة مما يتحدث به … أعتقد أني بحاجة الى مترجم … و يستمر الصراخ … و مازلت لا أفهم …
بدأ الصوت يخفت قليلا، أعتقد أنه تنبه أني لا أعي ما يقول … عاد الى الوراء و جلس فوق الأرض و لكن يبدو أنه اصطدم بشيء ما، في ذلك الفراغ المرعب و تلك العزلة هناك حجر … هو لم يعرف ماهو و لكني تيقنت أنه ذلك الإيمان بالله الذي لم يتزحزح … فِكرة خطرت في عقله، أعتقد أنه قرر كسر المرايا؛ يريد أن يرى إن كان هناك شيء وراءها، في أي عالم هو محاصر … كان يحطمها واحدة تلو الأخرى … دمر كل المكان و لكن لا يهم الأمر لقد كان موحشا على أي حال، مؤلم كان التواجد به … راقبته و هو ينهار و كل معتقداتي تنهار معه، أوثان لم أكن أدري حتي أني أعبدها …
استطاع تحطيم كل شيء ماعدا جدار واحد و لكن بين كل ذلك الحطام لم يوجد أي مخرج و لا أي قبس من نور … لعله وراء هذا الأخير لكن ماذا لو لم يوجد خلفه أي شيء … أمل زائف خير من حقيقة مرة، تراجع و لم يستطع أن يفعلها … جلس ينظر اليه فقط … الحقيقة أني أردت أن أعرف أي جدار ذا الذي لم يأبى الإنكسار… جلس برهة ينظر اليه تارة والى الخراب الذي أحاله بداخلي تارة أخرى … أظنه فهم أخيرا أن عليه كسره، لا فائدة ترجى من بقائه … اقترب حاملا الحجر و بدأ يضرب مجددا … صوت الصدى كان يعلو بداخلي، مع كل ضربة ألم فظيع؛ شيء يكسر في روحي … ظهر شرخ طفيف في المرآة، لم تُكسر لكن السواد يزول عنها … لقد اختفى كله الأن، تبدو مرآة عادية … كانت تريد أن تبوح بمكنونتها و أنا أيضا كنت أريد أن أعرف ما هو هذا الوثن المترسخ الذي كنت أعبده … اقترب منها، أمر غريب هي لا تعكس صورته … تبدو و كأنها تبث صور عني … لحظات من تمجيد الذات … كل ما أعرفه أو ما ظننتني أعرف … لقد كان يكسرني أو على الأقل كان يكسر آخر ماتبقى من اعتقاداتي عن نفسي … ذلك التَشدق بمعرفة غير موجودة أصلا … لقد كنت الباحث و المانع في نفس الوقت … كنت الحاجز الذي يمنع النور عني … هو لم يأبه كثيرا لتلك الصور، لم تكن تعني له شيئا على أي حال … قرر مواصلة كسر المرآة … لحظة واحدة … بعدها كان كل شيء قد تدمر و ملأ الخراب المكان … مع كسر آخر المرايا لم أعد موجودة في الداخل … لكن نور لم أرى له مثيلا قَط ملأ المكان … ابتسم رغم أني لم أره يفعل من قبل … عرف أن كل ما عليه فعله الآن هو اعادة البناء و لكن هذه المرة ستكون الجدران زجاجية تسمح دائما بمرور النور، كما أن هناك دائما حجر أساس قوي …
في طور إعادة البناء و التشييد … مع تحياتي .