أن يتحول الكاتب بمثابة أب هذا ما لم نفهمه جميعاً.فى حالة الدكتور أحمد خالد توفيق تسائل الجميع لماذا كل هذة الضجة؟ وخاصة من لم يقرأون له شئ .ولكن جميع من تربّى على يديه من الشباب وجميعهم آباء اليوم يعلمون جيداً ما مقدار الصلة بين العرّاب والشباب.ويحتفظون بسلاسل العرّاب لإهدائها لأولادهم عند نفس السن الذى بدأون هم فيه هذة الغواية.
نُبذة
وُلد العرّاب فى طنطا عام ١٩٦٢ .
ودرس وتخصص فى طب المناطق الحارة.
وربما يفسر هذا لنا ما سر حديث الدكتور بكثرة عن هذة المناطق والخلط الرائع بين الأدب و الطب .
و الأعمال البارزة الكثير منها السلاسل مثل ما وراء الطبيعة وفانتازيا ومنها الكثير من الروايات مثل يوتوبيا والسنجة وهناك العديد من المقالات المنفصلة والتى تم جمعها فى كثير من الكتب .
حكاية العرّاب
كلما أمعنت التفكير لا أعلم بالضبط متى بدأت حكاية العرّاب مع أبنائه .لم يتخذ الأمر فى البداية هذا الشكل أبدا ،كانت مجرد سلاسل من كتابة حكايات الرعب لم يكن رعباً بالمعنى الحرفى للكلمة ولكنه كان تشويقا ممتعاً ،يدفع الأدرينالين فى عروقك بخبث و لذة لا يدركها إلا من إعتاد قراءة السلاسل .وقام بمصادقة رفعت إسماعيل هذا الرجل الأقرب للواقعية ذو الملامح الغير جميلة والقريبة لقلوبنا إلى حد لا يوصف. وخفة دمه التى تصبح جزء لا يتجزأ من متعتك الخالصة.
وأدهم صبرى حيث المغامرات التى تتمتع بقدر مرعب من الذكاء.
فى البداية إعتقدت أنها مجرد قصص للمراهقين جيدة وقيمة وسينتهى دورها يوماً ما ولكنى فوجئت بأنها إدمان ولا تنتهى بل تنغرس فى أرواحنا وعقولنا حتى وإن قررنا التوقف.فالنبتة قد زُرعت ورُويت والطرح لم يكن بإيدينا.
ما خبئته لنا سلاسل العرّاب
الأمر لم يكن للمتعة فقط كما إعتقدت أنا فى البداية ولكن العرّاب إستطاع بمهارة تفوق الخيال تنمية خيالنا وتدريب عقولنا على طريقة التفكير العلمى وأهدانا كم من المعلومات العامة لا يمكن إستيعابها بالطرق العادية .وفوق هذا كله بث أُلفة بيننا وبينه غير مفهومة جعلته يأخذ مكانة الأب وليس مجرد كاتب مفضّل .ربما يعود هذا للأوقات التى إنتظرنا فيها صدور العدد الجديد بنفس لهفة إنتظار والدك يوم عودته من السفر .أو أن الحكايات فى العدد تذكرنا بجلسة الخميس ما بعد العشاء والذى ينطلق والدك فيها بحكايات كثيرة عن البلد زمان والسياسة والسفر وما حدث له ولوالده وجده .والإحتمال الأكثر ظنا عندى أن الكثير رأى فى هذا ما لم يكن موجوداً بحياته من أب وحكايات ويوم خميس وعودة بعد سفر.
متى أصبح العرّاب رمز؟
مع ظهور ثورة ٢٥يناير
وظهور الكثير من الرموز التى ساندت الشباب ودعمتها كان من أكثرهم دعماً بكل ما تحمله الكلمة ولكن القضية ليست هنا .بعد الثورة ومع إختلاف الظروف السياسية والإنقسامات المتعددة وإختلاف الأحزاب وضياع الناس بين هذا وذاك وسقطت الرموز رمزاً وراء الاخر إلا من رحم ربى. إلا العرابّ الذى لم يخزل أبنائه يوماً.ولا تخلى عنهم معنويـا أو مادياً أو بأى حالِ من الأحوال.ظل السند والعون والرمز الذى لا يسقط .
عبقرية العرّاب
من قرأ للعرّاب رواياته يدرك مدى العبقرية والقدرة على التنبؤ الناتجة عن عقل مميز و وذكاء حاد وثقافة واسعة وخبرة وحكمة لا تُوصف ورغم كل ما كان يملكه من فن وذكاء وثقافة وشرف ونبل إلا أنه آية فى التواضع والإخلاص .لم يتكبر يوما ولم يرد زائرا أو يرفض مُريد من مريديه.
رحم الله العرّاب الذى لم يخزلنا يوما .
