سيمفونية الوداع
سيمفونية الوداع
ممدد هناك على أرضية باردة فى غرفة كئيبة بلا أثاث, مظلمة رغم أن نافذتها الكبيرة مفتوحة على مصراعيها,
فقد كانت ليلة بلا قمر وبلا نجوم , تتصارع الرياح وتعصف بالأشجار التى تلطم النافذة بعنف
وتسبح داخل الغرفة تعبث بشعره الناعم وتبعثر ملابسه وتحرك جفناه صعودا وهبوطا,
تهزأ بضعفه واستسلامه فتكاد تحمله لتظفر به فى ذلك الأفق الواسع.. لا يزال راقدا يتألم فى صمت
لا رغبة له فى الحياه عيناه حمراء بلون كؤوس النبيذ الأحمر الذى أدمنه لينسى تلك العيون الخضراء,
كانت يوما بين يديه والأن أين هى؟
يسمع خطواتها .. يميزها بلاشك.. تتسع عيناه ويحاول النهوض فلا يقوى,
هاهى واقفة بجواره يحاول أن يجمع تفاصيلها حتى لا يفوته شىء, ملامحها الحزينة, عبوسها,
ماذا ترتدى وكيف صففت شعرها, عيناهااااا أه من عيناها يتورد خداه كأنما الحياة دبت فى أوصاله من جديد
يتنهد ويمد يده محاولا لمس يدها, تبتعد وتدير وجهها نحو النافذة تتأمل الأشجار والبوم فوقها لا يظهر منه
غير عيون لامعة مخيفة تشعل سيجارة وتناوله أاياها يتنفسها بنهم وتدمع عيناه أين كنت ؟
تركتينى للشوق والألم ليفتك بى, تركتينى للشيطان يلهو بأفكارى ,يؤلف الأكاذيب ليدنس ذكراك
أنت حبيبتى الشفافة لم يمس ثوبك النقى سوى الرياح , لم يتخلل شعرك سوى النسيم , حتى أنا لم أحظ منك
سوى بوعد ان تكونى لى. لما أخلفت وعدك حبيبتى؟ لما تركتنى لأشباح الذكريات تؤرقنى تدفعنى للجنون؟؟
تتجاهله وتهمهم ألحان تلك السيمفونيه التى ترددت فى أحلامه الأيام الماضية سيمفونية ” الوداع” !
يجن ويصرخ أصمتى لا لن ترحلى ولن يكون اليوم يوم وداع بل اليوم يوم زفاف أحبينى من جديد
إشفقى على دونك الموت المحتم أبقى أبقى وأنقذينى .. أعلم مدى حزنك وأننى قد ألمتك
أعلم أننى أسأت الظن بك حبيبتى لا تلومينى بل ألقى باللوم على كل من أحبوك وقالوا عنك الأقاويل
لأنك تجاهلتيهم ألقى باللوم على نوبات جنونى.. تجلس على الشرفة وتتمايل على ذلك اللحن
ويتطاير شعرها الذهبى الطويل , يخاف أن تسقط فينهض بصعوبة متحاملا على نفسه ليطبق عليها ذراعيه
فيحتضن الهواء يصرخ مذعورا وينظر لأسفل ليراقبها وهى تتهاوى لترتطم بأرض حديقته الخلفية
يجرى فى هلع متأرجحا على السلالم .. يتكوم فى أرض الحديقة حيث سقطت
فيجد الأرض تبتلعها حتى لا يبقى سوى قطعة من فستانها يصرخ ويضرب بيداه الأرض يحفر بسرعة ليخرجها ..
جسد لا حياة فيه به طعنة غائرة يحتضنها وينام بجوارها للأبد.