إن الصحابة نجوم في السماء مسيرتهم نور و سعيهم مثال،رجال غير الرجال و قلوب غير القلوب تجلت فيهم
معاني السمو و الرقي و القيم و الإتباع و التسليم ، تجلت فيهم معاني الإيمان القويم و اليقين بالرسالة و الغاية.
ومن هؤلاء النجوم و الدرر صحابي جليل تفرد في حياته بسمات و في سعيه بنهج إختلف فيه عن غيره من ا
لصحاب الكرام إنه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري.
الإمام أبو ذر الغفاري
الصحابي الذى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم “رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده،
ويبعث وحده”
اسمه:
لقد اختلف في اسمه إلى عدة أقوال نذكر منها :
قيل أن اسمه هو جندب بن جنادة وقيل اسمه برير بن جنادة و قيل هو جندب بن السكن وقيل برير بن عشرقة
وقيل برير بن عبدالله واسمه بالكامل :
جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة،
و أمه هي : رملة بنت الوقيعة الغفارية .
حياته قبل الإسلام
كان أبو ذر معروفا بشجاعته في الجاهلية ونشأ في قبيلة غفار التي كانت على طريق القوافل بين اليمن والشام،
وكانت مشتهرة بالسطو على القوافل فكان أبو ذر الغفاري يكتسب عيشه من قطع الطرق في ظهر النهار
بمفرده فيأخذ منهم ما يكفيه.
حياته في الإسلام
عرفنا أن مهنته كانت السطو في الجاهلية ولكن حينما أتت إليه الأخبار بأن هناك رسول اسمه محمد يدعو
بالتوحيد في مكة أسرع فأرسل أخيه أنيس ليتفقد الخبر وكان من السابقين إلى الإسلام فيقال أنه كان رابع أو
خامس خمسة في دخول الإسلام.
قصة إسلامه
رغم أن مهنته كانت السطو إلا أنه لم يعبد الأصنام وحينما خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل أخيه أنيس
ليئتيه بالخبر الصحيح فقال لأنيس اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ويأتيه الخبر
من السماء واسمع من قوله ثم ائتني ” فانطلق أخيه ثم عاد إليه قائلا ” رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ويقول كلاما
ما هو بالشعر فقال أبي ذر: “ما شفيتني مما أردت”
فذهب إلى مكة ليزود بنفسه وكره أبي ذر أن يعرفه محمد حتى أتى الليل واضطجع فلما رآه على عرف أنه
غريب فاستضافه ثلاثة أيام ثم سأله عن سبب قدومه إلى مكة فقال ابي ذر
” إن أعطيتني عهدا وميثاقا أن ترشدني فعلت” ففعل علي فأخبره عما يريد وقال له:
” إنه حق وإنه رسول الله ” فأن أصبحت فاتبعني وإن أمضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي عند رسول الله.
وظل يتبع علي حتى دخل للرسول صلى الله عليه وسلم وسمع من قوله فأسلم في الوقت نفسه ثم أمره النبي
صلى الله عليه وسلم قائلا إرجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيهم أمري”
فرد أبو ذر قائلا:
والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم”، وذهب حتى أتى إلى مسجد فنادى:
«أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله”،
فقام القوم يضربوه إلى أن أتى العباس ، فأنقذه منهم ، وقال: «ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار! وأنه من
طريق تجارتكم إلى الشام؟”.
وامتثل بعد ذلك ابي ذر لأوامر النبي وأخذ ينشر الدعوة حتى أسلم معه نصف قومه وبقي النصف الأخر
على دينه إلى أن ذهب إلى يثرب وأسلم البقية منهم وتبعهم قبيلة أسلم فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم
لهم وقال ” غفار غفر الله لها و سلم سلامها ”
دور أبو ذر في الإسلام
تبع الإمام أبا ذر النبي ولازمه في غزواته وحمل راية قبيلته في غزوة حنين وكانوا أثناء السير يعلمون
الرسول بأسماء من تخلف عنهم فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم دعوهم حتى قيل يا رسول الله تخلف
أبو ذر وكان بعير أبي ذر قد ابطأ به فأخذ متاعه وجعله على ظهره وتبع الجيش إلى أن رآه رجل وقال إن
لهذا رجلا يمشي على الطريق فقال النبي كأنه أبا ذر وحينما تأمله القوم قالو أنه والله أبو ذر
فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ” رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده .
أحاديث أبو ذر الغفاري
كان أبا ذر بالإضافة لكونه تاجرا كان داعية ومحدثا،فكان يتلقى علمه من النبي(ص) مباشرة و كان كثير السؤال
إلي أن أصبح عالما كبيرا وله قيمته فكان علي نفس المستوى مع بن مسعود وقد تتلمذ على يديه الإمام انس بن مالك
لأبي ذر ٢٨١ حديثا إتفق مسلم وبخاري على إثني عشر حديثا منها والبخاري على حديثين ومسلم على
تسعة عشر حديثا.
وعلي الرغم من ذلك فلم يخرج من علمه إلا القليل حتي قال في ذلك الإمام علي
«أبو ذر وعاء ملئ علمًا، أوكى عليه، فلم يخرج منه شيء حتى قُبض.
مكانة الإمام أبا ذر عند النبي(ص)
فقد كان للإمام أ بوذر محبة ومكانة كبيرة عند النبي ،وقد روي في ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص
أنه سمع النبي يقول ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر» وأيضا روي عن أبو هريرة أن النبي قال«من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر» إن ابا ذر صحابي تجلت فيه قدرة الشخص و سعي الفرد و قدرة هذا الفرد علي الإنجاز و التفرد .