أنت من تكون
إحتارت العقول الإنسانية علي مر التاريخ البشري من مفكرين و علماء و أدباء و أهل الفلسفة في تحديد هوية الفرد و الإجابة علي السؤال الأعمق .. أنت من تكون ؟
و اختلفت الإجابات بإختلاف زوايا رؤية الناظر للإنسان من أي زاوية يراه و كذلك اختلفت باختلاف فهم المفكر و الباحث عن الحقيقة .
حقيقة الحياة و الموت و الطبيعة و الكون ، فكل هذه الإجابات متصلة ببعضها البعض إتصالا لا ينفك أبدا فمتي كان نظرتك للحياة علي أنها النجاح المادي فحسب علي سبيل المثال ستكون نظرتك للفرد و قيمته علي أنه مقدار ما يحققه من مادة و مال في حياته و هكذا.
تحديد قيمة الفرد
فرأي البعض أن تحديد قيمة المرء يكون بمقدار ما يساهم فيه من بناء في محيطه و كونه و مجتمعه و ما يتركه من أثر.
لكن واجه تلك النظرة أن ثمة من يأتون الحياة و يذهبون و لكن لا نعرف حتي أسماءهم و لم يتركوا أي أثر و لكن في المقابل لم يسببوا أي ضرر و لم يعبثوا بمصائر أحد و لم يكونوا عقبة في وجه الخير بل كانوا بسطاء للقدر الذي يكفيهم و يكفي أرواحهم العذبة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نبخس قيمة هؤلاء.
و يرى البعض الأخر أن قيمة الفرد في ما يحققه من إنجاز و مكانة إجتماعية و بناء لكينونته الشخصية في نظر الأخر و لكن من الذي يحدد النجاح في المجتمع ؟ من الذي يقل أن هذه المكانة رفيعة و تلك وضيعة ؟
بعض المهن صارت في بعض المجتمعات عالة و محل إستنكار و لكنها في الأخير تجدها محل النظر و التقدير.
إذا فقيمة الفرد لا يمكن أن تكون بقيمة عمله و لا حتي ماله، فالمال قيمة تكتسب و قد تكتسب أيضا بغير الطريق القويم ،فإمتلاكها إذا ليس كرامة لصاحبها و تواجدها في اليد ليس دليلا علي القدرة و التفرد و الأصالة.
قدرك على قدر علمك
لذا رأى البعض أن الفرد لا تكون قيمته إلا بالعلم فمتي كنت عالما متعلما صرت إنسانا ذو قيمة،
و كلما زاد علمك زاد تقديرك و زدت إحتراما.
لكن في بعض الأحيان نري أن العلم يهوي بصاحبه إلى واد سحيق إذا ما أستخدم هذا العلم في تحصيل مكانة شخصية بحتة لا لخدمة غيره و محيطه .
و نري كثيرا من آيات الله تتكلم عن كيف لأهل العلم أن يصبحوا في ضلال و فرقة بسبب علمهم !
كان للدكتورة هبة رؤف عزت إجابة عن هذا التساؤل ..من أنت ؟
فقالت
إسأل نفسك من أنت..”
لا ماذا تملك..
وفي أي سياق إجتماعي وُلدت ولا أي بقعة نشأت..
أنت..
ذاتك منفكة عن متاع تملكه ( أو يملكك) ، أو مكانة حصلتها، أو ألقاب تحملها.
من أنت..
ما القيمة التي تضيفها للحياة إذا فقدت المال والمكانة والسلطة.
ماذا يتبقى من ذاتك بدون القبيلة.. والعشيرة
ما كينونتك التي تتناغم مع الكون أينما حطت بك الرحال، وحيثما حملتك أمواج الترحال.
أنت
أنت المسافر بين لحظة الميلاد والموت
أنت حين تنزل وحدك متجردا لقبرك
وأنت حين تُبعث لتقف بين يدي ربك .. أنت ”
تتلخص إجابة السيدة الجميلة و تلخص الحياة قبل أن تلخص الفرد تلخص الحياة في كونها رحلة في كتاب.
و أنت أيها المسافر تسطر بخطواتك من أعمال صالحة أو طالحة سطور هذا الكتاب ،
الكتاب الذي في لحظة ما سيقفل و يتم قراءته لذا فأي قيمة للفرد إذا جاء في نهاية الرحلة و كان كتابه محض ” هوامش” لا موضوع فيه و لا قصة تستحق أن تروي ؟!
هوية المرء
المرء ما هو إلا تلك الأنفاس التي تخرج للعالم تلقي فيه تسبيحات الله أعمالا و قولا … تشهد بألوهيته عبادة و نسكاً و كذلك تقدس أحكامه متي حلت و رحلت في عملها و علمها … أنت بمقدار ما كانت لا اله إلا الله فيك لا أكثر و لا أقل .. يا” أنت” كن لله تعرف من أنت.