ع الهوا .. حالة فريدة لم تتكرر
حالة من الصمت، ولمدة شهر، دون همهمات مفهومة أو غير مفهومة، هو شرط الفوز بمليون جنيه. كان هذا مختصر قصة الفيلم العربي ” ع الهوا ” والذي مثل حالة فريدة، حتى أنه صدر في وقت كان مثالي بالنسبة لفيلم حُكم عليه بألا يظل في السينما كثيراً.
أبطال الفيلم، الفكرة، والقصة، والحوار، بساطة ستدهشك لتقرر مشاهدة ” ع الهوا ” لأكثر من مرة دون إحساس بالملل.
فما قصة ” ع الهوا “؟، وكيف كان توقيت عرضه مثاليا؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال الأسطر الآتية.
قصة فيلم ع الهوا
يسرد الفيلم أحداثه بداية باستعداد “المتسابقين” المقبولين في مسابقة ” اسكت تكسب مليون جنيه”، ونرى من خلال عرض رشيق كيف يودع كل منهم أهله، نضحك مرة، ونتأثر أكثر من مرة.
ثم نسمع لرواية مديرة البرنامج عن كل واحد منهم، وكيف كانت حياته، وكيف أصبحت حتى لحظة وصوله. تُملي عليهم شروط المسابقة من خلال شاشة عرض، ثم تخرج منها إليهم لتوزع عليهم عقود الاشتراك، ليوقعوا عليها.
تأخذنا الكاميرا في حركة لطيفة وغير مزعجة بين كادرات مختلفة، إلى حياة كل منهم طوال فترة معينة، وكيف أن “تسخين” المتسابقين يبدأ حينما يأمر صاحب القناة ” والذي لا نعرف من هويته سوى صوته” طوال الأحداث.
ويظهر التحدي عندما تبدأ إدارة البرنامج في التلاعب بنقاط الضعف في حياة المتسابقين، فتساومهم بما أُخذ عليهم مقابل تنازلهم عن المسابقة، وتنازل “من قرروا لها الفوز” عن المليـون جنيه مقابل “أن يجعلونها نجمة”.
القضايا التي ترصدها أحداث الفيلم
اكتسب الفيلم قدره من تقديمه لمجموعة عمل من الوجوه الجديدة حرفياً وقتها، ليكون الظهور السينمائي الأول لهم “تمثيلاً صامتا”. حتى وإن استمر دور الصمت قبل منحنى النهاية.
بدا استعداد الممثلين واضحاً للقيام بأدوارهم، والتي وإن اختلفت اختلافاً كاملاً، إلا أن السيناريو نجح في ربطهم من خلال رغباتهم، أو نقاط ضعفهم والتي قامت إدارة البرنامج بالتلاعب بهم لـ”تسخين” المسابقة عن طريق استغلالها.
نرى الفيلم يوضح قضية التنافس وكيف يكون مشروعاً وكيف يصبح غير مشروع، وما الذي يجعل الانسان قد ينساق في كلا الحالتين على الرغم من اختلاف مجموعة متسابقين عن بعضهم.
ونرى كيف أن المؤازرة قد تختفي في لحظات، إذا تعرض من تقوم بمؤازرته في وقت كالمسابقة إلى تأييد شعبي من المصوتين.
كما يعرض الفيلم قضايا مثل مفهوم التنازل وكيف يكون نسبياً عندما يتعلق الأمر بالنجاح بأي شكل،
ويعرض أيضاً قضايا أخرى كأسباب تعطيل الزواج، وأسباب العزوف عنه، أو الأسباب المؤدية للانفصال.
ويكشف الفيلم عن أحد وجوه “الميديا” والذي تلجأ إليه عندما يتعلق الموضوع بالتحكم في مجريات
الأمور بالنسبة للمشاهدين، وأن برامج المسابقات من هذا النوع قد تحمل في الغالب كذبة كبيرة
لأن النزاهة تنتفي في بعض الأوساط الإعلامية.
فيلم ع الهوا 2006
يحمل توقيت عرض الفيلم المصري “ع الهوا” أهميته، في الوقت الذي كانت فيه البلاد تعيش حالة
من الصمت الذي ينذر بالخطر، خاصة أنه سبق قيام ثورة يناير 2011 بأربع سنوات مثلاً.
كما أن الفيلم والذي مر عليه ثلاثة عشر عاماً يرصد في حركة بسيطة ومباشرة لأدق التفاصيل
المتعلقة بالبيئات المختلفة، فنجد حركة الكاميرا تتجول بنا في منزل “رشيدة” الراقي، وبيت
“إبراهيم” المتواضع بالحي الشعبي. ونجدها أيضاً تكشف لنا حجرة البواب حيث تقطن “وفية”
مع أبيها، ونرى من حياة “أشرف” المطعم الذي كان يعمل به مع روحية حبيبته، ومنزل روحية فقط.
كذلك فإننا نرى أن كل متسابق من أبطال المسابقة الأربعة قد تعرض للقهر بشكل يختلف نسبياً
عن نظيره؛ بحكم البيئة مرة، وبحكم الظروف الاقتصادية مرة، وبحكم الطموح والحلم مرة.
الفيلم راقي، وربما هذا سبب آخر للاستمتاع بمشاهدته، فلم يوجد تجاوز لفظي، وحتى مشاهد
الإغراء فيه لم تخلق استفزازاً بقدر ماعمقت قضية، كقضية تحريض الإعلام ضعاف النفوس
على الفوز مهما كان الثمن على حساب الـ”Show”، والمشاهدات، ومنافذ المكسب للمسابقة، وهكذا.
لم يُعرض الفيلم المصري “ع الهوا” على شاشات التليفزيون بعد خروجه من السينما كثيراً،
ورُغم ذلك فإنه من الأفلام التي تستحق المشاهدة.
فريق عمل الفيلم
فيلم ع الهوا من تأليف ، وإخراج أ/ إيهاب لمعي، وإنتاج شركة سوتير للإنتاج الفني، وتوزيع الأخوة المتحدين للسينما.
البطولة في الفيلم جماعية، وهي للفنانين : حسام داغر، عمرو يوسف، فاطمة ناصر، مؤمن نور،
مي القاضي، شادي خلف، أحمد جمال، مشيرة محمد، رانيا ملاح، شيرين الطحان، ميريهان صالح.