الثراء و السعادة : ما أهم شيء يمكن ان يحققهما لك؟
هل سألت نفسك هذا السؤال؟ هل حقا هناك أشياء تحقق الثراء و السعادة . نبحث كثيرًا في دروب الحياة عن السعادة… فهي هاجس دائم و شعور منشود بشدة لدى البشر. و أغلب الناس يعتقد أن السعادة في إمتلاك المال الذى يتيح له أن يفعل كل ما يخطر بباله، فبالمال يستطيع السفر و التجول أينما أراد و مشاهدة العالم من حوله، و به يستطيع أن يمتلك أجمل البيوت، و به سيمتلك أفخر السيارات و الملابس و الماركات، و به سنكون محل اهتمام الجميع وننال إحترام و هيبة لن ننالها بدونه. و هؤلاء ينظرون للمال علي إنه هو العصا السحرية التى ستجلب لهم الدنيا. لكنا نجهل أنه دائما ما يكون إفتقاد الشيء مضللا لحقيقته ووزنه الفعلي في الحياة. فما نلبث ان نمتلك هذا الشئ حتى نكتشف أنه لا يحوى أى قيمة مما كنا نعتقد و لا يحوى شيئا بالمرة و لا يكد يشبع شيئا داخلنا.
إمتلاك المال لا يعنى الثراء و السعادة
فكم من أثرياء لديهم أجمل القصور و السيارات الفارهة و يأكلون أفخر الطعام و يرتدون أفخرالملابس
ويقتنون المجوهرات النادرة، و لديهم من الأملاك ما ينتشر في كل بقاع الأرض. و لكنهم ليسوا بسعداء.
وكم ممن جابوا العالم شرقه وغربه، شماله و جنوبه و ليسوا بسعداء. وكم ممن تمنى أن يكون ثريا فلما أصبح ثريًا تمنى يوما واحدًا من أيام فقره أن يعود. إذن فالثراء بالمال لا يؤدى بالضرورة للسعادة، فالسعادة هدف الجميع و المال أحد الوسائل فقط، و لا يصلح أن يكون هدفا في حد ذاته، لإنه يفقد معناه إن لم يكن من اجل هدف يستحق. فهو وسيلة قد توصل الي غاية السعادة احيانا ان استخدمت بشكل صحيح فقط.
ما الذى يجلب السعادة إن لم يكن المال ؟ وهل الثراء و السعادة مرتبطان ؟
قد يتصور المرء أمور أخرى كثيرة يمكنها أن تمنح السعادة غير المال و قد يحدث بالفعل و لكنها سعادة
سطحية ووقتية جدًا، لاتهز كيانك ووجدانك، و لا تضيف إليك هذا الشعور القوى الطاغي الذى يملأ كل
نواقص النفس و يثريها بشدة حتى يشعرك أنه لم يعد لينقصك شئ في هذه الدنيا.
المقصود بللنفع هنا هو نفع النفس و الغير.. لا تندهش.. عزيزى القارئ، فحيث يمكنك تحقيق فائدة قيمة للنفس و إفادة من حولك و نفعهم فوجودك أصبح له معنى و قيمة كبيرة و غيابك مؤثر.
ان أجمل الأشياء التى تجلب السعادة العميقة و الحقيقية هي النفع ََ.. نعم النفع!!!.
فأنت مثلا حين تقرأ كتاب شيق و تجد فيه من الفكر المختلف الذى ينفعك و يضيف إليك ما لم تكن
تتصور، أو يغير قناعات خاطئة كانت لديك فتصحح من نفسك و تغيرها للأفضل، أو يفتح عقلك علي أفكار مختلفة كانت بعيدة عن ذهنك فترى نورا يمكنك من إستكشاف نفسك من جديد وإستكشاف طاقاتك و قدراتك الكامنة و التى لم تكن لتخرج من قبل. ألا يملأ كل هذا نفسك سعادة و طاقة لا حدود لهما.
كذلك حين تؤدى عملا حتى و إن كان بسيطا لكن تفاجأ بأنه قد أفاد احدا حولك إفادة عظيمة لم تكن تتوقعها أو تنشر وعيا لم يكن يدركه من حولك وكأنك اضأت دروب الكثير بفعل بسيط لم يكلفك كثيرًا و حتى إن
كلفك من الجهد و التعب الكثير فمجرد شعورك أن هذا ينفع أو يفيد غيرك و يسد حاجة شديدة لديه لعلم أو مساعدة أو فائدة كان يرجوها فستجد هذا كافي و مشبع و ممتع للنفس التى ترنو لتعظيم قيمة و جوهر وجودها في الحياة وترك أثر لا يمحى في الدنيا و الاخرة. وهذه مجرد أمثلة بسيطة .. فما بالنا لو اتسع نطاق الإفادة لمجموعات كبيرة… تُري كيف سيكون شعورك .. هل يمكنك تخيله.
إنك ستشعر بسعادة بالغة لملأ فراغ كبير بداخلك لم تكن تدرك وجوده من الاساس .. و ستدرك بالفعل أن “خيرالناس أنفعهم للناس” و صدق رسول الله صلي الله عليه و سلم.
دائرة السعادة الساحرة !
فكل جهد تبذله يعود عليك بفائدة و قيمة عظيمة تثري نفسك و تستشعر بعدها لذة خالصة وسعادة عميقة
من نوع خاص جدا، لا تجدها إلا حيال فعل مماثل، وإذا استشعرت هذا الإحساس القوى بالفعل .. فلن
يسعك إلا الحرص علي تكرار ذلك، ثم تكراره مرارا .. الي ان تستمر في دائرته و فلكه، و لا يمكنك.. بل
و لا تحب الخروج منها لإدمان هذا الشعور الرائع بالثراء و القيمة وستظل تتنقل في دائرته و هى
دائرة ساحرة ينشدها كثير من الناس و لا يعرفون كيفية الوصول إليها … دائرة الفالحين و ليس الناجحين
فحسب و ليس النجاح بمساو للفلاح …
- أقرأ ايضًا:
الفرق بين النجاح و الفلاح
فالنجاح يكون بتحقيق شئ محدد كالنجاح في الدراسة .. النجاح في نيل وظيفة .. النجاح في كسب المال.. الى اخره. أما الفلاح فإنه يتضمن النجاح في شتى الأمور مجتمعة معا… و الأهم أن الفلاح هو النجاح فيما أراده الله من خلقنا و حمل الأمانة. إذن الفلاح لهو النجاح في الدنيا و الفوز في الآخرة معًا. فحيثما تنشد نفع نفسك و نفع الناس و تبتغي الجنة في الآخرة فأنت تحقق غاية الله و استحقاق الجنة.
نفع الناس يجعلك أثرى الناس
فجميل أن نفع النفس بكل ما هو طيب يؤدى إن أردنا لنفع الناس … و لكن العجيب و الرائع في الامر
أن نفع الناس ينفعك أنت ذاتك بالضرورة ويعود إليك و يسعدك بشدة و يزيد من إحساسك بالقيمة و
الجدوى و يزيد من ثرائك الذى لا يعادله أى نوع آخرمن الثراء فى الدنيا مهما بلغ.
كيف يمكنني تحقيق الثراء و السعادة ؟
الكثير و الكثير من الأفعال يمكن أن تحقق لنا هذة السعادة، ففتش في نفسك و قلبك وعقلك عما يمكنك تقديمه… وأبرز الافعال التى يسهل القيام بها هى :
١. جبر الخواطر من اجل تحقيق الثراء و السعادة
لا تتوانى عن جبر خاطر من يحتاج الي الجبر و مد يد العون و لو بكلمة طيبة و لا تترك يوما يمضي بك دون أن تجبر خاطرًا.
٢. طلب العلم من اجل تحقيق الثراء و السعادة
تعلم علما لست مجبرا علي تعلمه.. تعلم ما يفيدك و ما تحبه و ما يمكنك أن تنفع الناس به بالفعل إلي جانب استمتاعك به.
٣. تعليم العلم من اجل الثراء و السعادة
لا تبخل بأى علم تملكه مهما كان بسيطا -او ظننته هكذا- أن تعلمه لغيرك ولا توارى منه شيئا تعتبره سرًا لتحتفظ بتميزما فيه، و أخلص النية لله في تعليمه لغيرك.
٤. وجه جهد لمن يحتاج حسب مهنتك او مهارتك من اجل الثراء و السعادة
أيا كانت مهنتك سواء معلم أو مهندس أو طبيب أو محامى أو فنى أو عامل أو غيره فقم بتخصيص وقت توجه فيه عملك بلا مقابل لوجه الله لمن يحتاج. او استغل أى مهارة لديك في إفادة الغير او تعليمها للغير دون مقابل و حتى لو كنت طالبًا، صغيرًا أو كبير السن.
٥. اجعل نصيبًا من كل نعمة رزقك بها الله توجهه لوجهه الكريم لتنجح في تحقيق الثراء و السعادة
احرص علي استقطاع جزء من وقتك لتساند شخصا يتألم او عيادة مريض و الدعاء له، و من مالك لمن يحتاج، و من عملك لتعليم او مساعدة غيرك ، و من كلامك ذكرا لله و كلما طيبا لمن حولك، ومن سكونك تأملا ، و من تبسمك تصدقًا و غير ذلك كثيرمن كل أنشطتك الحياتية. و اجعل ذلك كله بلا أى هدف شخصي آخر و بلا مقابل و خالصا لوجه الله، مهما كان انشغالك و مهما كانت ظروفك واحرص على دوام ذلك و إن قل. و هذه مجرد أفكار و لكن يمكنك التفكير في بدائل غير محدودة تستطيع أن تقدم بها نفعًا و افادة للناس.
فإن استطعت تحقيق ذلك أو جزءًا منه فهنيئا لك الدخول الي هذه الدائرة الساحرة و التى لن تستطيع التوقف عن الدوران فيها بكل رضا و حب و استشعار هذا الشعور العجيب و تذوق لذة أن تكون نافعا فالحًا سعيدًا و ثريًا، و ليس ذلك فحسب، بل ستستشعر بركة الخالق في كل شي تفعله أو تملكه. و سترى كيف يسبغ الله عليك النعم في الدنيا و ليبقي حظك في الآخرة الجنة إن شاء الله.