شاعر الخضراء
هو الشاعر الذي تشعر وأنت تقرأ في أشعاره برحيق النفحات الأندلسية في الشعر وأبرز مَن ظهرت في
أشعاره ظاهرة الجُمَل المتوازية في الشعر، وهي ظاهرة قديمة في التراث العربي وقد جُدِّدَت دماء هذه
الظاهرة في ذاكرة التراث العربي حينما ظهرت في أبيات الشَّابي، وكان لنشأته فى ربوع تونس الخضراء
أثراً واضحا في أشعاره والتي تفتخر بأن أبا القاسم من أحد ابنائها.
مولده ونشأته
وُلِدَ أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن إبراهيم الشَّابي في 24 فبراير عام ١٩٠٩م في بلدة الشَّابة التابعة
لولاية توزر بتونس، وهو الإبن البكر للشيخ محمد الشَّابي الذى كان يعمل في مجال القضاء متنقلا بين المدن
المختلفة بتونس وقد اتّصف الشيخ محمد الشّابي بالتقوى والصلاح، وكان يقضي ُمعظمَّ وقته بين المسجد والمحكمة والمنزل، وقد كان لهذه النشأة أثرٌ واضحٌّ في حياة الشابي؛ حيث حفظ القرآن الكريم، ثم إ لتحق بجامعة الزيتونة
عام ١٩٢٠م، وتخرَّج فيها عام ١٩٢٨م. ثم بعد ذلك التحق بمدرسة الحقوق بجامعة الزيتونة بتونس، وحصل
منها على ليسانس الحقوق عام ١٩٣٠م.
حياة الشابي الأدبية
و قد كتب أبو القاسم الشابي العديد من القصائد و المقالات الأدبية التي نالت إهتمام الساحة الأدبية المصرية
التي كانت وقتها تضم كل فطاحل الشعر و الأدب و التي حصل منها الشابي علي إعجاب شعرائها وكتابها.
وقد كان الشابي من شعراء مدرسة أبولو في مدينةِ القاهرة، و ابوللو كانت هي مدرسة ابو القاسم الشابي
الشعرية و التي كان مقرها في مصر فتلك الفترة كانت تشتهر بمدارسها الشعرية التي كان ينتمي لها أهل الشعر
و لكل مدرسة طريقتها و ما يميزها و اركانها في وضع الشعر و كان بينهم صولات و جولات و كانت له
منشورات أدبية في مجلة ابولو حتي انها نشرت عام 1933 قبل وفاته بعام واحد و هذه المنشورات الأدبية كانت
قد حققت رواجا له و شهرة في أوساط الأدب و المهتمين به في الشرقِ العربيّ بأكمله.
ما قدمه الشّابي للمجال الأدبي
كان ابو القاسم الشابي أحد مؤسسي جمعية الشبان عام 1929 غير دوره و نشاطه في مدرسة الخلدونية
و النادي الخاص بقدماء الصادقسة و الذي كان له نشاطا أدبياً و كان للشابى دورا متميزا فى مجال الأدب
حيث ألقى الشابي الكثير من المحاضرات في نوادي العاصمة بتونس وولاية توزر، وقد امتلئت ذاكرة الأدب
العربي بما قدَّمه لها من قصائد منها: «إرادة الحياة»، و«صلوات في هيكل الحب».
العملاق ابن تونس الخضراء.
وعرف أن ابو القاسم الشابي بإنتمائه لمدرسة أهل التجديد في الشعر و تغيير كل ما هو نمطي و معروف في
طريقة و ضع الشعر و هذا كان له ثمنه أيضاً فقد عرضه لإنتقادات واسعة من العديد من أهل الأدب في وقتها المحافظين علي تراثهم في نظم الشعر و كان هذا السعي من ابو القاسم الشابي نتيجة تأثره بالحركة الغربية في
الأدب و هو كذلك لم يقف مكتوف الأيدي أمام محاولات انتقاده و مجابهة طريقته الجديدة بل كان يدافع عنها
و يهاجم منتقديه من أصحاب التقيد بالطرق القديمة و الحفاظ عليها من المحافظين لكن بطبيعة الحال و كطبيعة
أي أديب أو كل من لديه حس فني و أدبي كان انتقاد المخالفين له مؤثرا عليه جدا و لكن هذا لم يقلل من حماسته لفكرته في التجديد و التغيير بل و كان له أثراً واسعا و ملحوظا في الشارع الأدبي .
مؤلفات ابي القاسم الشابي
أخرج لنا أبو القاسم الشابي أعمالاً عظيمة في المجال الأدبي كانت علامة بارزة رغم قصر عمره الأدبي
ومن أشهرها ديوان أغاني الحياة، والخيال الشعري عند العرب، و كما كتب أبو القاسم الشابي الكثير من
القصائد الوطنية و الشعرية ويمكن أن يكون أهمها في الجانب الوطني
النشيد الوطني التونسي الذي ساهم فيه بتلك الأبيات
إِذَا الشَّعْبُ يَوْمًا أَرَادَ الْحَيَاةْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَدَرْ
وَلَا بُدَّ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِي وَلَا بُدَّ لِلْقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِــرْ
حُمَاةَ الْحِمَى يَا حُمَاةَ الْحِمَى هَلُمُّوا هَلُمُّوا لِمَجْدِ الزَّمَــنْ
لَقَدْ صَرَخَتْ فِي عُرُوقِنَا الدِّمَا نَمُوتُ نَمُوتُ وَيَحْيَا الْوَطَنْ
ومن القصائد التي تم غنائها:
عذبة انت …غناها محمد عبده
قصيدة الراعي ..وغنتها فيروز
لا انهض وسر ..غنتها ماجدة الرومي
وفاته
وقد أصيب بمرض في القلب منذ ولادته، وكان يشكو من تضخُّم في القلب فارق على أثره الحياة وهو في
ريعان شبابه، حيث توفى الشابى عام ١٩٣٤م، ونُقِل جثمانه إلى مدينة توزر ليدفن بها هذا الشاعر