أسمه ونسبه ومولده
هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بنيام بن عنس بن مالك ينتمي نسبه إلى قبائل اليمن.
ولد عمار بن ياسر قبل عام الفيل بأربع سنين أي قبل ولادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، وكان يحب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأخلاقه وأمانته وإنسانيته.
عمار وأسرته رمز الصبر والإيمان
جاء والده ياسر مع أخويه الحارث ومالك إلى مكة يبحثون عن أخيهم الذي انقطعت أخباره
ولم يجدوه، ثم قرر الحارث ومالك العودة إلى اليمن، ولكن ياسر فضل البقاء في مكة قرب
بيت الله الحرام, ولجاء ياسر إلى قبيلة بني مخزوم وتزوج جارية أبا حذيفة بن المغيرة
المخزومي أسمها سمية وأنجب صبياً أسماه عمار، وعندما سمع أبو جهل بإسلام عمار
ووالديه قاد جماعة من المشركين متوجهاً إلى بيت ياسر وكانت في أيديهم المشاعل فأحرقوا
الدار واقتادوا الأسرة جميعها إلى الصحراء خارج مكة؛
وبدأوا بتعذيبهم أشد العذاب من ضرب بالسياط ووضع الصخور على صدورهم وتركهم في
أشعة الشمس الحارقة ولكن ظلت الأسرة المؤمنة ثابتة على إيمانها ، وعندما مر عليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم مقولته الشهيرة التي دائماً ما نرددها كناية عن التحمل
والصبر قائلاً لهم : ” صبراً يا آل ياسر إن موعدكم الجنة ” فقالت سمية والدة عمار وقد ملأ
قلبها بالإيمان : ” أشهد أنك رسول الله وأن وعدك الحق ” ،
فشعر أبو جهل بالحقد فرفع الحربة وسددها إلى بطنها حتى قتلها فكانت سمية أول شهيدة
في الإسلام، كما قتل أبو جهل والد عمار أيضاً فبكى عمار كثير لفراق والديه، وطلب أبو
جهل من عمار أن يذكر ألهتهم بخير فذكرها لكي يكفوا عن تعذيبه، وذهب باكياً إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ” لم يتركوني يا رسول الله حتى اكرهوني فذكرت آلهتهم بخير
” فقال له صلى الله عليه وسلم : “كيف تجد قلبك يا عمار؟” رد عمار قائلاً: ” قلبي مطمئن
بالإيمان يا رسول الله”. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا عليك يا عمار لقد أنزل الله فيك
قوله تعالى ” إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان”.
جهاد عمار بن ياسر (رضي الله عنه)
كان عمار بن ياسر من طليعة المقاتلين والمجاهدين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته فشهد بدراً وقام بمهمته خير قيام وكان شجاعاً جريئاً اقترب من معسكرات المشركين لجمع المعلومات، وكان يقاتل بحماس مع المسلمين ، وعندما بلغ عمار ستين سنه كان يفوق الشباب حماسة من أجل الجهاد في سبيل الله. وقال عنه صلى الله عليه وسلم : ” عمار مع الحق والحق مع عمار يدور معه كيفما دار” . وظل عمار بن ياسر وفياً للإسلام ومجاهداً في سبيل الله حتى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان محباً لعلى رضي الله عنه واشترك معه في معارك الفتح الإسلامي هنا وهناك وفي خلافة عمر بن الخطاب عين والياً على الكوفة فحكم وعدل وفي خلافة على بن أبي طالب رضي الله عنه كان عمار في جيش على وكان آنذاك شيخاً قد تجاوز التسعين من عمره ومع ذلك كان يقاتل بحماسة الشباب .
استشهاد عمار بن ياسر (رضي الله عنه)
وذات يوم حمل عمار ومعه مجموعة من المؤمنين وراح يقاتل ببسالة وهو يتذكر أيام الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر وأُحد وحنين ومعارك الإسلام الأخرى وكان عمار صائماً وعندما غابت الشمس وحان وقت الإفطار طلب عمار ماء يفطر به فجاءه أحد الجنود بإناء به لبن فتبسم عمار وقال مستبشراً : ربما أرزق الشهادة هذه الليلة. فسأله البعض عن السر فأجاب. لقد اخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً : يا عمار تقتلك الفئة الباغية وآخر زادك من الدنيا ضياح من لبن.
شرب عمار (رضي الله عنه) اللبن وتقدم يقاتل ويقاتل حتى هوى على الأرض شهيداً.
بعض الدروس المستفادة من ذكر سيرة هذا الصحابي الجليل ( عمار بن ياسر رضي الله عنه )
- أن الإيمان محله القلب ويصدقه اللسان والعمل وإن أخطأ اللسان مرغماً فالأصل إيمان القلب.
- الصبر عند المحن والشدائد واللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء أن يفرج عنا تلك المحن.
- الجهاد في سبيل الله حتى الموت فإما النصر أو الشهادة.
- أن الشباب لابد أن يأخذوا من حياته العديد من العبر فقد كان يجاهد مع على بن أبى طالب (رضي الله عنه) وقد تجاوز التسعين من عمره فأين شبابنا وشيوخنا الآن ؟.