إن الإسلام هو دين جعل لحياة الناس و معاشهم و علاقاتهم جانباً مهماً في تعاليمه و دعوته و رسالته و لم يهتم فقط علي الجانب الروحي و ما يثريه من طقوس و نسك تعبدية و صلوات و أن وجدت هذه أيضاً لهدف التزكية و تنقية النفوس و الأرواح و ربط قلب العبد بربه ليصبح موصولا به راضيا بقضاءه و قدره مسلماً به ، لكنه لم يجعل هذه العبادات و النواحي الروحية أساسا له و لا دلالة علي تقوي من يؤمنون به بل أوكل للعلاقات بين الأفراد إهتماماً بالغاً و دعى إلى تحسين المعاملات و السلوك الإنساني بل ربطه بالإيمان و التقوى
السلوك الإنساني وربطه بالإيمان
“إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ” _ الحجرات
و ها هو يمدح الصحابة الكرام رضي الله عنهم عندما غضوا أصواتهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم
و هو فقط سلوك إجتماعي و أدب من الآداب لكنه دلالة علي التوقير و الإحترام و التقدير و كذلك تواجد
التقوي و الإيمان في قلوبهم
و كذلك نجد هذا في العلاقات المنتهية و النهايات التي تكتمل حكايتها فها هو يدفع لحسن الخاتمة في الوصل
و أن الله يعوض كل خسارة و أن العلاقات لابد أن تنتهي بنبل و شرف و تقدير و إحترام بغض النظر عن
المخطئ فيها و المصيب و إن شئت فاقرأ “إِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا “_النساء
حفظ اللسان
فهنا حيث النظر للبدايات الجديدة و عدم التعلق بما مضى و عدم التجريح و عدم الإنشغال بإظهار عيوب
الآخر و هتك ستره فقد كان يوماً منا و نحن منه .
و نجد هذا أيضاً في مصدر التشريع الثاني السنة النبوية الشريعة المطهرة حيث كلام سيد الخلق أجمعين
النبي صلي الله عليه و سلم حيث قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء.
رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني.
فها هو النبي صلي الله عليه و سلم يحذر من سؤ السلوك و سؤ الكلام و سؤ اللسان و سؤ التعامل بل و يحذر كل
مؤمن يود أن يكون إيمانه إيماناً صحيحاً بأن يكون أسلوبه في التعامل مع غيره بسؤ في اللفظ أو الفعل مهما كان مصلياً مزكيا قائماً فهذا وحده لا يجدي دون حسن التعامل مع الخلق و العباد .
و أغلب آيات القرآن تحث على حسن التعامل مع بعضنا و أن نغفر ونتجاوز ونكظم غيظنا ونعفو فهو خير لنا
و أن المسلمون أخوة ودائما ما ينهانا قرآننا الكريم عن سوء التعامل فيما بيننا حتى ولو بالكلمة.
كيف يكون المسلم سويا؟
و هنا في هذه الآية بالتحديد تجد اختصاراً لدعوة الإسلام و تنبيهاً علي ما يجب للمسلم فعله لكي يكن سوياً
مستقيماً معطياً لحق الله و حق عباده
و”َالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ
يَلْقَ أَثَامًا “_ الفرقان
بداية التسليم لله وحده لا شريك له و ثانياً أن يدفعك هذا التسليم لحفظ أرواح العباد جميعاً ” النفس” اي نفس
كانت مؤمنة أم لا يكفي أنها نفس لها حق في الحياة بما لهذه النفس من حقوق و أموال و أخيرا سلوكاً أخلاقياً
تقياً عفيفاً يدفع للزهد عن كل منكر و كل رذيلة و إن حدث تكن التوبة و الإقلاع و الله غفور رحيم و علي
الله قصد السبيل .