لم يعتبر ” سكر مر ” حالة درامية عادية،
بل كان توليفة سينمائية مميزة من اتحاد عناصر متعددة ساهمت في نجاح عمل فني غير عادي، لمخرج عُرف بالجرأة في طرح القضايا العاطفية والإنسانية مثل هاني خليفة.
ربما لأنه اعتمد طوال الوقت على ثيمة “الفلاش باك” لرواية القصة،
أو لأن الأحداث ظهرت كما حدثت بالفعل، بنفس الصورة التي لايمكن تخيل الأمر بدونها.
بل لقد نجح صناع العمل في تقديم صورة سينمائية ذات مضمون تم الوصول إليه ما جال بخاطرنا جميعا.
عن تلك الصورة السينمائية، نتحدث فيما يلي في موقعنا موقع مقالات عن فيلم ” سكر مر “.
أبطال فيلم ” سكر مر ” والقائمين عليه
اعتمد الفيلم على توليفة شبابية جذابة ومميزة، ويعد ذلك من أقوى أسباب نجاح ” سكر مر “، وهم :
- أحمد الفيشاوي
- كريم فهمي
- نبيل عيسى
- هيثم أحمد ذكي
- عمر السعيد
- آيتن عامر
- ناهد السباعي
- سارة شاهين
- أمينة خليل
- شيري عادل
ولا نستطيع أن نغفل عن أدوار ربما ظهرت لمشهد أو اثنين أو اكثر ولكنها كانت ذات تأثير أصيل في الأحداث مثل :
- عارفة عبد الرسول في دور والدة مريم
- وفاطمة ناصر في دور هانيا
- ودينا وشاحي في دور دينا
الفيلم من تأليف، سيناريو وحوار:
محمد عبد المعطي
إخراج :
هاني خليفة
موسيقى الفيلم كانت إضافة الرائع:
مصطفى الحلواني
الصورة السينمائية كانت :
للاستاذ أحمد عبد العزيز
” سكر مر ” حالات يشتبك فيها الحب مع الاستقرار
تعرض هذه الملحمة العاطفية بطريقة الفلاش باك تطور الارتباط في حياة خمسة شباب هم ( حسام، نبيل، سليم، علي، مروان) من أقسى حالات البوهيمية حتى أولى درجات الاستقرار والعكس.
ينتقل الفيلم في الأحداث التي شهدتها مصر في الفترة من 2009 وحتى 2015 (وهي سنة عرض الفيلم) وما حدث من تطورات جذرية،
حيث كان لها أثر دائماً في تطور شكل الحب بشكل ما بين مختلف الاتجاهات، والأفكار، والمعتقدات.
ورغم أن الخطوط التي تتحرم وفقاً لها شخصيات العمل ثابتة وواضحة،
إلا أن هذا لم يؤثر أبداً على “بناء الشخصية” أو “اللون” الذي تمتع به كل منهم.
هذا بالإضافة إلى أن القصة والتي تم التوقيع عليها بجملة غنائية شهيرة في أغنية “مفترق الطرق” والتي ألفها صلاح جاهين، وقامت بغنائها ماجدة الرومي في فيلم (عودة الإبن الضال) .
ولعل في اختيار المخرج لاسم الفيلم دليل مباشر على منظور التناقضات التي تسير الأحداث وفقاً له، ولهذا لم نشعر بالإزعاج أبداً،
فقد بدت التوترات التي شهدتها العلاقات العاطفية في بداية الفيلم، ووسطه وحتى نهايته أمراً طبيعياً، ومتصلاً بما يحدث في حياتنا أو حياة من حولنا.
وهو أمر مهم جدا أن تتصل قضايا الفن بحال الواقع فتضع العقدة، وتوضح سببها، وتعرض كيفية حلها.
جاء الحوار صادقاً وحقيقياً بدرجة كبيرة، وبشكل قطع ذلك الخيط الرفيع بين ما كنا نتمنى حدوثه، وماحدث بالفعل.
كما أنه أمحى تلك المرآه الباهتة بين ما ندعى قوله وبين ما نريد قوله فعلا في التو واللحظة.
أدخلنا الفيلم لعرض السبب والعقدة بمشاعر الرجال وتخبطاتهم،
وتطور شخصياتهم بالنسبة للاستقرار أو غيره من علم أو عمل، وكذا بالنسبة للشخصيات النسائية.
ادوار الرجال بالفيلم :
فيمكننا مثلاً اعتبار شخصية (علي) تنتمي للتيار الشرقي الذي يعاني نقصاً كبيراً وخواءاً بداخله،
لهذا في الوقت الذي يظن فيه أن كل شيء مباح لأن هذا هو “الظاهر” يستقبله المجتمع حوله بصفعة لتفيقه وتضعه صغيراً وفي آخر الطريق؛ لأنه كان دائماً بعيداً عن “الطريق”.
هذا بالإضافة إلى شخصية حسام أو الشيخ حسام، والذي يعيش حياة التدين الظاهري، والذي يكتسب بفضله وضعاً إجتماعياً، وقبولاً، وهيبة بدرجة ما،
ولكن كل هذا يضيع عندما يتعرض لمواجهة حقيقيه، تعريه مما به من زيف.
وننتقل إلى شخصية نبيل الشاب المسيحي ،
والذي يتزوج عن حب بني في الأصل على “الاحتياج” فما لبث أن اختفى هذا الحب بعد الزواج من رفيقته المسيحية مريم وقت أن تحقق”الضمان” لوجود الشريك.
وعن شخصية مروان، تلك التي أثارت الجدل،
وتميز الفنان نبيل عيسى بأدائها بهذا الشكل العفوي والصادق،
فتجده يحيا حياة التحرر حتى يصطدم بآخر حدودها مع نازلي والتي كانت الصديقة المقربة لرفيقته السابقة، ويتزوجها،
ويبدأ اتجاهه حينها في التغير، ويكتشف كلا منهما أن قرار الزواج قد كشف لهما الحقيقة التي طالما ادعى كل منهما غيرها طوال الأحداث، أو لنقل أنه لم يرها بسبب إيقاع الحياة الصاخبة لكل منهما.
أما بالنسبة لسليم فهو يعتبر من أكثر شخصيات العمل صدقاً،
قرر التصالح مع نفسه، والعزم على بداية جديدة مع علياء، فتختلف الحياة كلية بينهما بعد الزواج،
ففي الوقت الذي يقاسي فيه سليم ليشعر بالاستقرار، تأخذ الحياة بعلياء إلى منحني آخر من الاستقرار،
ذلك المنحني الذي لا نرى في نهايته سوى أن سليم رغم حيرته التي لازالت تتردد حول الحبيبة والزوجة التي يطمح أن تشاركه كل شيء، ويستطيع الاعتماد عليها في أي شيء، فهو يكمل طريقه، بشكل ناضج إلى حد كبير.
ربما نستطيع أن نقر أنه من أخذ بيد علاقات الحب المضطربة إلى الطريق الصحيح لأنه “يواجه نفسه دائماً بمنتهى الصدق” ، ولا يتواني عن فعل نفس الأمر مع من حوله.
دور الشخصيات النسائية بالفيلم :
ولم تختلف الشخصيات النسائية في قيمتها أو مضمونها عن نظرائها من الشخصيات الذكورية،
فنجد أن نازلي وهي أكثر الشخصيات صخباً تنتقل من البوهيمية الصارخة في اسلوب الحياة إلى التخفي والتدين إلى درجة التزمت وتمر بين هذا وذاك بفترة زواجها بمروان والذي كان رفيق صديقتها المقربة شيري.
أما عن شيري فهي صادقة لأبعد الحدود، لا تريد ان تخدع نفسها،
وتقرر الصمود وحدها فيما يعتري حياتها من ضعف، وتمر بتجربتين مريرتين أولهما مع مروان، والأخرى مع علي، حتي يستقر بها المطاف زوجة لسليم.
بالنسبة لعليا فهي تلك الفتاة التي تبدأ بها الأحداث متحفظة،
وتنتهي بها الأحداث وقد فقدت كل شيء نتيجة سعيها وراء طموحها دون النظر إلى ما في يدها،
فتنفصل عن زوجها سليم، وتبدأ في الدخول إلى مجال البيزنس، وما يقتضيه!
و تقترب شخصية علياء كثيراً من مريم،
رغم أن مريم كانت ذات قضية مختلفة، فرغم اتحادها في البداية مع نبيل باسم الحب لتتزوج، تتحد معه للوقوف أمام أهلهما واتفاقهما على الانفصال،
الأمر الذي يحررها من تلك الحياة الطويلة التي عاشتها وراء ستار، واكتشفت بعد الزواج أن أموراً كثيرة فاتها أن تحققها.
و بالنسبة لشخصية ملك وهي الفتاة التي تلتزم بعد وفاة والدتها صباح عيد ميلادها،
وتقرر الزواج من حسام “المتدين” بعد فشل علاقتها بعلي أستاذها بكلية الفنون الجميلة، وذلك بسبب تعليقه على أسلوب حياتها الذي تغير، وانتقاده لحجابها.
تعقيب أخير على ” سكر مر ” كفيلم سينمائي
لقد ترك الفيلم بصمة مميزة، رغم أنه لم يستمر كثيراً في دور العرض،
وانه لم يحثث سوى 2 مليون وتسعمائة ألف كإيرادات. ولعل السبب الرئيسي في ذلك كان توقيت عرض الفيلم والذي لم يتبع فيه موسما لعيد مثلاً أو إجازة.
وربما يرد السبب إلى الفئات الغالبة لجمهور السينما الآن، والتي أصبحت تفضل الأفلام الكوميدية أو أفلام الأكشن والإثارة والغموض.
ولعل من أبرز الانتقادات التي وُجهت للفيلم أنه يمثل امتداداً للحالة الأولى التي أخرجها هاني خليفة وهو فيلم “سهر الليالي” والذي تم إصداره في عام 2003
غير أن الأمر شهد تطوراً أضافه هاني وهو الربط الزمني، وأسلوب الإخراج المميز، ووجوه جديدة بمدارس مختلفة في التمثيل.
هذا بالإضافة إلى تميز عناصر أخرى كموسيقى الفيلم الناعمة، والصور السينمائية الواضحة والجذابة،
فضلا عن الدعايا الرشيقة والتي لم تكن مزعجة على الإطلاق.
وربما سيكون ما سبق بمثابة مجموعة مؤشرات تجدد الفرصة أمام حبيبي سكر مر لامتداد أقوى في زمن لاحق في صناعة السينما.
ومن هنا يمكنك معرفة المزيد عن الدراما والافلام المصرية .