هي امراه عجوزه تسكن في ذلك الحي الذي كان في وقت مضي عريق ملئ بالبيوت الراقيه التي يسكنها الباشوات ،عجوزه وجهها ملئ بالتجاعيد ولكنها دائما مبتسمه ،تنظر عيناها بحب للجميع ،تحمل هم الجميع وتسأل عنهم ان غابوا ،فهي تقطن هذه العماره منذ اربعين عام تزوج البعض وانجب وكبر اولادهم وتزوجوا ولازلت كما هي ،تفتح باب الشقه لتري الجميع من يصعد ومن يهبط ،البعض يطلب منها الخدمات ان حضر البوسطجي تستلم رسائله ،اذا حضر ابني من الحضانه يجلس معها حتي انتهي من عملي ،ويسأل عن العناوين التي تحفظها عن ظهر قلب فهي بوصلة الحي العمده كما يلقبها الجميع ،تجتمع مع من تبقي من صديقاتها يوم السبت فيوم الجمعه للاحفاد ،ولكن هي ليس في حياتها احفاد توفي ابنها في حرب اكتوبر وابنتها توفيت وهي صغيره تركتها مع امها لاحضار لوازم البيت فهدم المنزل وكانت اول صدماتها ،وبقي ابنة هاجرت هي و اولادها خارج مصر ،ولم يبقي لها سوي السؤال كل فتره بالتليفون،تجتمع هي وصديقاتها يتذكروا ذكرياتهم في المدرسه الفرنسيه العريقه والحروب التي مرت عليهم ،واغاني ام كلثوم البن اليمني و قهوه صديقتهم” متيلدا اليونانيه “التي توفيت بالمرض اللعين ،ترقرق الدموع في عيناها وهي تنظر للصور والالبومات وتستمع للاسطونات القديمه لعبدالوهاب فتي احلامها وشبيه زوجها ،تحكي دائما لصديقاتها انها كانت تراها من التراسينه اي البلكونه ولكن لازالت تحتفظ بالكلمات والمصطلحات القديمه ولا تريد تغيرها ،رأت زوجها وهو يمر مع والدته ويمسك يديها برفق فقالت :ياله من حنون ،تعرفت علي والدته و علمت الكثير عنه وعن طباعه واحواله ،وعندما حضر في يوم ليطلب من والدته اختيار عروس رشحت له فيفي ،وتم الزواج دائما تحكي عن تعاونوه وحنانه وفي رايها عيبه الوحيد القهوة التي كان يفضل الجلوس مع اصدقائه فيها ،وكان يقول وهو يضحك :حتي تشتاقي لي وتتلهفي علي رؤيتي ،كان رجل مثل الجنيه الذهبي ،هذا رأيها فيه رجل بيت من الطراز الاول، كان دائما يقول لي :ياست الستات ياهانم وأذا نظرت لعيناها تجدها تقول كلماتها وعيناها ملئ بالشوق كابنة العشرين من عمرها ،وفي يوم وفاتها حزن الجميع وتركت سيرتها الطيبه وكانت الجميع يتذكرها عندما يري الباب مغلق فيترحمون عليها .