هل الكلب نجس؟ حكم نجاسة الكلب في الاسلام و اللعب معه
كثير من الأطفال و الفتيات و حتى الشباب يتعلقون بتربية الكلاب في المنزل أو حتي من أجل أغراض الحراسة و تأمين المنشآت و هذا الإختلاط بين الإنسان المسلم و الكلب تنتج عنه عدة أحكام يتوقف عندها الشرع الكريم و ذلك تكريما للإنسان و حفاظاً على نظافته و طهارته لأداء النسك فمن المسائل الواجب بيانها في هذا الموقف هو طهارة الكلب من عدمها أي هل الكلب طاهر لا ينجس البيت أو من يلمسه أم أنه يفسد طهارة من يداعبه أو يلعب معه و يوجب عليه تنظيف ثيابه و كذلك عدم الصلاة بذات الثياب ؟
حكم الشرع في التعامل مع الكلب
في الحقيقة هذه من المسائل الفقهية التي أختلفت فيها أهل العلم على عدة أقوال فبعضهم رأي بطهارته
و البعض الآخر رأى بنجاسة الكلب و لعابه بل و شعره أيضاً و هنا سنتناول هذه الأقوال و أسانيد كل
منها وسنبدأ بالرأي القائل بطهارة الكلب.
طهارة الكلب
لقد ذهب لطهارة الكلب و لعابه عدد من أهل العلم من السلف و الخلف و منهم:
المالكية والظاهرية كما ذهب إلى ذلك الرأي أيضاً الإمام الحسن البصري وعروة بن الزبير ومالك
بن أنس وداود والزهري والثوري والشوكاني والإمام الشافعي و ابن المنذر النيسابوري .
وادلتهم في ذلك قوله تعالي في سورة المائدة
” يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ
فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ”
و استدلوا برأيهم من هذه الآية في أن حلة ما يصطاد الكلب دليل علي طهارة فمه و لعابه و إلا لو كان نجساً
لما كان يطهر ما يصطاد و لا يحل بل كان سيفسده بلعابه.
أيضاً استدلوا من السنة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري في صحيحه عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه انه قال ”
كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون
شيئا من ذلك ” و كذلك ما أورده الدارقطني في سننه عن ابي هريرة رضي الله عنه
“سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي تكون فيما بين مكة والمدينة، فقيل له :
إن الكلاب والسباع ترد عليها، فقال : ” لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور ”
أقوال في نجاسة الكلاب
أما عن الآراء التي تقول بنجاسة الكلاب فقد قسمت إلى رأيان منهم من أفتى بنجاسة لعاب الكلب
فقط ومنهم من أفتى بنجاسة الكلب بالكلية.
أقوال في نجاسة لعاب الكلب فقط
وهنا ذهب بعض آخر من أهل العلم لطهارة بدن الكلب و أما لعابه فهو نجس :
و منهم الأحناف و في قول عن الإمام أحمد بن حنبل و كذلك الإمام الأوزاعي و استدلوا علي رأيهم في ذلك
الحديث الذي ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:
” إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعاً، وعفروه الثامنة بالتراب “.
أقوال في نجاسة الكلب بالكلية
و أيضاً هناك بعض من أهل العلم من أفتى بنجاسة الكلب بالكلية سواء كان لعابه أو جسده و منهم قول
آخر للإمام أحمد بن حنبل و قول الشافعية و هو قول بعض العلماء المعاصرين مثل ابن عثيمين و بن باز
و هو قول أيضاً لبن حزم في المحلي حيث قال:
قال ابن حزم الأندلسي: “وَأَمَّا وُجُوبُ إزَالَةِ لُعَابِ الْكَلْبِ وَعَرَقِهِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ كُلَّ ذِي
نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَالْكَلْبُ ذُو نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، فَهُوَ حَرَامٌ، وَبَعْضُ الْحَرَامِ حَرَامٌ بِلَا شَكٍّ، وَلُعَابُهُ وَعَرَقُهُ بَعْضُهُ
فَهُمَا حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ فُرِضَ إزَالَتُهُ وَاجْتِنَابُهُ، وَلَمْ يُجْزِ أَنْ يُزَالَ مِنْ الثَّوْبِ إلَّا بِالْمَاءِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَقَدْ قُلْنَا إنَّ التَّطْهِيرَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَاءِ، وَبِالتُّرَابِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ”
لذا فإن طهارة الكلب و لعابه أو نجاسته من المسائل التي أختلف فيها أهل العلم و يجب علي من يقتني كلبا أن يستفتي أحداً من أهل العلم الذين يثق بهم و يسير على نهجه في هذه المسألة حتي يكون مطمئن البال لطهارته و صلاته و تعبده .