إنه لتحول عظيم فى حياة الصحابية الجليلة هند بنت عتبة (رضى الله عنها) فهيا نرى عزيزي قارئ موقع مقالات كيف كانت فى الجاهلية وكيف أصبحت فى الإسلام .
فبعد أكثر من عشرين عاما من بذل الجهد والمال من أجل الصد عن سبيل الله، أصبحت بين
غمضة عين وإنتباهها تبذل أضعاف ماكانت تبذله لنصرة دين الله تعالى.
إن هذا التحول العظيم فى حياة هند بنت عتبة (رضى الله عنها ) كان منحة ربانية من الله
تعالى لها أفاء عليها بها عام الفتح فخرجت بها من ظلام الشرك لنور التوحيد.
لمحة عن حياة هذه الصحابية الجليلة:
كيف كانت فى الجاهلية ؟
هى هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس العبشمية القرشية ،إحدى نساء العرب اللاتى كان
لهن شهرة عالية قبل الإسلام وبعده ، وهى أم الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان (رضى الله عنهما).
كانت هند (رضى الله عنها) تتمتع بصفات يندر وجودها فى النساء فهى فصيحة وجريئة
وعندها ثقة وحزم ورأى سديد وكذلك فهى شاعرة لبيبة وصاحبة مروءة عالية.
قال عنها الذهبى:(كانت هند من أحسن نساء قريش وأعقلهن).
تزوجها فى بادئ الأمر رجل يسمى (الفاكه بن المغيرة المخزومى) وكانت تعانى من سوء
رأيه، ففارقته بعد أن أنجبت منه (أبانا)، ثم تزوجها بعد ذلك (أبا سفيان بن حرب) فولدت له معاوية وعتبة.
وعاشت مع أبى سفيان بعدما أشرقت شمس الإسلام على أرض الجزيرة لكنها رفضته هى
وزوجها فى بادئ الأمر ولم يكتفوا بالرفض بل صاروا من أشد الأعداء له.
وفى يوم بدر قتل سيدنا حمزة (رضى الله عنه ) عمها وأباها فظلت هند تفكر ليلا نهارا كيف
تنتقم من حمزة لتثأر لأبيها وعمها .
وفى غزوة أحد مكثت أياما قبل الخروج للحرب ،ولا عمل لها إلا إفراغ حقدها فى صدر
(وحشى) وتحريضه على قتل سيدنا حمزة (رضى الله عنه) ،ولقد وعدته إن هو نجح فله
قرطها اللؤلؤى الثمين وقلائدها الذهبية ، وصار حبشى نفسه تواقه لقتل حمزة . وبالفعل
لقيه وقتله وفاز بجائزته ،ومثلت هند بجثة سيدنا حمزة ( رضى الله عنه) أبشع تمثيل وقد قالت هند عن ذلك:
نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لى من صبر ولا أخى وعمه وبكرى
شفيت صدرى وقضيت نذرى شفيت وحشى عليل صدرى
كيف أصبحت فى الإسلام ؟
وبقيت هند على الشرك حتى شرح الله صدرها للإسلام يوم فتح مكة ،وبعد عداوة دامت
أكثر من عشرين عاما، إذا بها تقول لزوجها_وكان قد أسلم قبلها_ إنما أريد أن أتبع محمدا.
فقال لها : قد رأيتك تكرهين هذا الحديث أمس.
قالت :إنى والله !مارأيت أن عبد الله حق عبادته فى هذا المسجد قبل الليلة والله !إن يأتوا
مصلين قياما وركوعا وسجودا.
عن عائشة قالت:(جاءت هند إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) فقالت:(يارسول الله !والله !
ما كان على ظهر الأرض أهل خبأ أحب إلى من ان يذلهم الله من أهل خبائك .وأصبحت
وما على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلى من أن يعزهم الله من أهل خبائك .
قال النبى (صلى الله عليه وسلم ):(وأيضا والذى نفسى بيده ).
ولها موقف جليل يوم اليرموك حيث استقبلت خيل ميمنة المسلمين ، فرأتهم منهزمين ،
فصاحت بهم: (إلى أين تنهزمون ؟وإلى أين تفرون؟ من الله ومن جنته؟هو مطلع عليكم).
ونظرت إلى زوجها أبى سفيان منهزما ،فضربت وجه حصانه بعمودها ، وقالت له :
(إلى أين يا ابن صخر؟ارجع إلى القتال ، ابذل مهجتك حتى تمحص ما سلف من تحريضك على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) .
وظلت هند صائمة قائمة إلى أن جاء اليوم الذى أظلمت فيه الدنيا كلها يوم أن مات الحبيب (صلى الله عليه وسلم) فحزنت عليه حزنا كاد يمزق قلبها وحزنت على العمر الذى ضاع قبل أن تسلم.
ولكنها ظلت على العهد عابدة لله محافظة على كل ما بايعت عليه النبى ( صلى الله عليه وسلم) إلى أن لقيت ربها تبارك وتعالى ،غفر الله لها وألحقنا بزمرة الصحابيات أمثالها.