في بعض الأحيان تطرح علينا بعض الأسئلة التي لا يكون لدينا لها جواباً جازماً بقدر ما يكون لدينا فيها
إيماناً يغني عن الجواب .
إن إستطعنا إيصال هذا الأيمان لمن سألنا فكأننا أجبناه بما أراد و أكثر، فبعض الإجابات تكون فقط إجابتها
” إيصال المشاعر ” مشاعر السكينة مشاعر الطمأنينة مشاعر الللطف و الأنس.
قل شيئا يجعلني أتمسك بالحياة ؟
في مرة إستوقفني سؤال أحدهم لي و أصابني بذهول بقدر ما حرك لدي مشاعر الإشفاق عليه و الخوف
من إهلاكه لنفسه.
كان سؤاله لي: قل شيئا يجعلني أتمسك بالحياة ؟
قالها و اظنه كاد يمسك بزمام روحه قبل أن تنفلت منه ، قالها و هو يبحث في حياته عن سبب يجعله لا يتركها و لو حتي كلمات علي لسان غريب تضيف لحياته بعض “الحياة” و بعض المعني.
وجدت نفسي أبحث عن كل ذرة أمل لكي أمنحها له، كل كلمة يمكن لها أن تخلق في اليائس أملاً، كل موقف
صعب تعرضت فيه لصعاب و صلت لأن أكون مشرفا علي الموت و لكن معية الله تنجيني.
تذكرت كل لحظة إنقطعت فيها أسباب الحياة عني لكن رب الحياة أوجدها في فحييت رغم أنف أعداء الحياة.
إستحضرت كل هذا لإعلم السائل أن الحياة ليست أسباب تبقينا أحياء بل هو إيمان يخلق فينا الحياة وإن غابت أسبابها.
كيف كان حال أنبياء الله مع الحزن؟
فوجدتني أخبره بحال الصالحين أنبياء الله ورسله وكيف تعاملوا مع الهم والحزن فقلت له:
” نبى أرهقه قومه ويأس من دعوتهم فكان (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي
الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي
الْمُؤْمِنِينَ (88))
ولا شك أن ما كان به لم يكن قلة ايمان او يقين بل حزن الم بنفسه حد ارهقها .
نبى خرج من مدينته يتوعده الناس بالقتل فكان:
(وجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ
يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
ثم كان
( قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين).
ولما ذهب سيدنا محمد إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف فكان جوابهم السب و القذف بالحجارة حد سالت دمائه فكان
(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين ،وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي،أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك”
فكان بعدها قلوب يهديها الله للإسلام و دعوة تشرق نورها على أرض الظلام لتبعث فيها الأمل.
الدعاء يرفع البلاء
لا أرى أصعب من تلك لحظات قد تمرعلى قلب ولكن ماذا فعل أصحابها حينها ؟ توجهوا لمن؟ وبما توجهوا؟
لقد توجهوا لله وحده مخلصين و بيقين. إنه الدعاء يا سيدى السائل أفضل عبادة وكفاك قول ربك:
(وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)
كل ما عليك أن تدعوا كما دعى الأنبياء والرسل وقت الكرب والحزن.
الحياة لا تسير بالمنطق ولا الحسابات
قلت ذلك له و كلي أمل ألا ينظر للدنيا بعين الرياضيات و الحسابات بل بعين الإيمان و الشعور.
لا تحسب مقومات حياتك بل تدبر أن لك حياة أنت أصلا لم توجد سبب خلقك فيها لتحسب سبب بقاءك و قرار رحيلك .
يا سائلي ضع قلبك بين يديك و تدثر بكلمات الله و روحك التي بين جنبيك اجلسها بين سير الأولين لتتعلم
و تري ان الدنيا إيمان و يقين …. يا سائلي رجاءً لا تنتحر.