سرقة هوية
لعل ما نشهده الآن يثير الحزن أكثر من الضحك. لأنه حقا يستحق الحزن .
منذ الوهلة الأولى كان علينا أن ندرك أن مشكلتنا مع النظام الحالي والقوى السياسية عموما ليست مشكلة سياسية
بالمعنى المعهود إلا أنها مشكلة هوية من الدرجة الأولى .
مشكلة ماضي مرفوض وحاضر أبكم ومستقبل لم يتجاوز أربعينه الضيّ حتى الآن.
حينما تُسرق نحرف التاريخ ونحول خالد الإسلامبولي إلى البطل الشهيد المغوار.
حينما تنتقب أم كلثوم عنوة, أعزائي المنتقبون عن الحقيقة .. هل تقوون على تنقيب صوتها
ومحوه من القلوب قبل الآذان ؟!!
حينما يُسرق رأس المفكر عميد الأدب العربي طه حسين .. أهل كان الهدف هو محو نتاجه الفكري أم الاستهزاء به؟!!
أم محو التفكر من العقول والمغزى الأصلي هو تشجيع مبدأ (السمع والطاعة)
أم تجاهل دعوة الله جل جلاله في كتابه العزيز للتعقل والتفكر ؟!!
حتى وان لم تثبت التحقيقات التي في الأغلب سوف تقيد لمجهول ولجان تقصي الحقائق إن تم عقدها من الأساس
علاقة من ينتمون للتيار الحاكم لحادث سرقة الرأس المفكرة .. فأنا أدين النظام الحاكم مسبقا
الذي سيتهاون في التحقيق في مثل ذلك الحادث , لأنه لن يعرف قدر هذه القيمة من الأساس
حيث أنها ربما تخالف معتقداته وهويته … إذن فما جدواها بالنسبة إليه ؟!!
أما المثير للحزن حد الضحك سرقة منبر مسجد قايتباي في غفلة من كل مسؤول عن تأمين تراثنا وهويتنا الغالية.
نظامنا العزيز ليس منا من يستأنس مبدأكم ويفعل ما يؤمر دون تفكر فلم تقم ثورتنا لإقامة فاشية متأسلمة جديدة
أو لنغير هويتنا الاجتماعية فإذا كنتم قد استترتم خلف عباءة السياسة هذه المرة وليس الدين لتحقيق أهدافكم التي
تنتهك الهوية المصرية حيث الاستئثار على مقاعد البرلمان والاستحواذ على الرئاسة رغم أنها لم تكن في النية
كما تزعمون إلا أنها وجبت حيث أصبح البرلمان على كف عفريت … ثم تأسيسية الدستور الفاشي الغير متأسلم
ثم الانتخابات البرلمانية القادمة بالطبع ..
إلا أنكم اكتشفتم أن كل ذلك لا يؤتي ثماره بتغيير الهوية الاجتماعية ولم تحصدوا من قنصكم إلا كره الشعب ..
فلوحتم بعنف أحمق يهدف إلى اغتيال هوية الدولة إلا أن أملي فيه أن يوقظ المجتمع على ثورة فكرية
إذا كنا مازلنا نملك أن نثور ولن يخمل البركان ثلاثين عاماً أخرى .
حينما يتعلق الأمر بالهوية .. فلا يمكنك عزيزي الجائر طمسها من العقول .. من القلوب .. من البشر ..
وعلينا أن نقاوم ….