بدأت محاضرات الدراسات العليا بالكلية وكان يجب علي الحضور بانتظام..كان الجدول الخاص بتخصص الأطفال يخلو تماما من الحكمة..فمن المعروف أن الأطباء المقبلون على مثل هذه الدراسات هم يعملون في أماكن أخرى يلتزمون فيها بالحضور سواء اكان للعيادات أو الطوارئ..فنحن لم تعد حياتنا كحياة الطالب بأي حال من الأحوال..ومن لا يعمل منا مؤكد ان ما منعه ظرف عائلي مثل ظرفي ومثل زميلات عدة لي أنجبوا طفلهم الذي لم يتجاوز عامه الأول وانخرطن في رعايته ولا يستطعن تركه كل يوم وحتى وان كان تركه حلا فلا نستطيع ترك أطفال رضع لفترة طويلة تتخطى الثمان ساعات..
كان جدول الحضور صادم للجميع..فقد بت أنزل كل يوم عدى يومي الخميس والاثنين من كل أسبوع ولفترة ليست بالقصيرة..فمن التاسعة صباخا تبدأ المحاضرة الأولى وحتى الخامسة مساءا تنتهي آخر محاضرة لنا..
كان عزائي أنا وهاني وماما سومه والتي أصبحت ليلو تشاركها يومها لفترة ليست بالقصيرة أن الاستفادة لم تكن قليلة..ولكن ليس هذا ما أريد..أنا لست طالبة جامعية تدور حياتها بالكامل في فلك الدراسة فقط..
وبدأت استوعب حجم التخصص الذي أخترته بارادتي الكاملة..انه تخصص صعب لدرجة كبيرة..فهو ان جاز التعبير ليس تخصص..بل هو دراسة للطب من جديد وتطبيقه على طفل صغير ليس الا..على العكس فهناك أشياء تختص بالأطفال فقط تضاف الى تلك الاشياء العامة التي تخصنا ككبار..فلا شيء محذوف لان كل شيء وارد في هذا التخصص ولا يوجد شيء أستطيع أن أقول انه يندرج تحت تخصص آخر..فالاطفال بها قلب وباطنه وأوعية ونفسية وعصبية ومخ واعصاب وجلدية ومسالك وغدد و….و….
لقد أخترت دراسة الطب من جديد..ولكن ليست مشكلة فأنا أحب الطب ولا أرى في ذاتي المهنية سوى تلك الطبيبة..
وفي يوم من ذات الأيام التي كنت أحضر فيها محاضراتي كعادتي اذا بهاتفي يرن برقم لا أعرفه..
وكانت المفاجأة !!!