بلا غد
نظر اليها طويلا حتى أصبحت بلا هوية تحدث اليها ليلا نهارا ثم لم يعد يسمعها أمسك يدها حتى مل لمساتها استنشق عطرها الى أن نفدت رائحتها تلاشى كل ما رأه يوما فيها لم يعد يتذكر أنه من ابداعها وأن حريته أهداء منها وأنه نمى تحت أظافرها , نظرت اليه باحثة عن نظرات اللهفة التى كان يغدقها عليها تلك النظرات التى تميز العاشقين عن المدعين فلم تجدها فتشت عن جمالها فى مرأة عينيه فلم تجد سوى بعض التجاعيد , لص فى ثوب عاشق سرق عمرها وأشترى به أياما لنفسه وخططا لغد لا مكان لها فيه وأبتسامات لن يقتسمها معها , كيف أستطاع انكارها أمام أصدقاءه تلك الليلة وقال عنها أنها صديقة والدته فى ليلة أخرى كيف تمادى أمامها فى مغازلة تلك الصهباء المتأنقة كأنما خرجت لتوها من علبة قطيفة وكيف ستنافسها وهى مسلوبة المستقبل مستهلكة المشاعر مخذولة القلب دامية الجراح ..وهاهو لا يشعر بوجود تلك التعيسة الشاحبة الوجه المتجمدة الأطراف, سقطت, فوثبا فوق أخر أمالها لينطلقا سويا تاركين عالمها لينغلق عليها وتهوى الى سرير يبتلعها ثلاث ليال لا تشعر بمرورها تستيقظ لاهثة الأنفاس .. ظلام يلفها, تكاد تختنق ..تبكى ..تصرخ ..تتألم لا يشعر بها أحد تغمض عيناها وتفتحهما مرة أخرى لا شىء هل فقدت بصرى ياألهى ! تتحسس ما حولها هذا ليس سريرى ما هذا ؟؟ وكأنه صندوق خشبى .. لما أنا فى صندوق ! تضربه بقدميها وتصرخ أخرجونى ثم تصمت فجأة وقد تذكرت ماجرى وتهمس ..لمن أعود وهو لن يكون بأنتظارى ولن يحيطنى بذراعيه مرة أخرى بل أفضل أن يحيطنى القبر بذراعيه الباردتين الى الأبد فأنا بدونه جثة بلا مشاعر فلما أسكن بيتا بين الناس ومكانى هنا بين بقايا قصص حزينة وذكريات منسية وشواهد متأكله , تسمع بالخارج من يقول أنه سمع صوتا هنا , تصمت ولا تحرك ساكنا يبقى الرجل قليلا ثم يجذبه أخر من ذراعه مبتعدا مؤكدا له أن ما سمعه مجرد وهم..فتغلق عينيها للمرة الأخيرة مودعة أوجاعها لتستقر بين ثنايا ثوبها الأبيض الفضفاض وبيدها صورة جمعتها به مكتوب خلفها الى نهاية العمر!