لم تخبرنا الفيزياء فى القرن العشرين انه من الممكن ان ننجح او نفشل فقط ولكنها اخبرتنا ايضآ ان كلآ من الفشل او النجاح قد يرجع سببهما الى كل منهما!
الفكرة هى أن الشخصية تتشكل بنسبة كبيرة بسبب التفاعل بين الخبرات الفردية الخفية وبين ما يشعر به الآخرون تجاه هذة الخبرات وهذا ما اقصده حينما اقول ( الشخصية والادمان وفيزياء وصمة العار والقوالب النمطية).
وكما يوجد أنواع مختلفة من الادمان كذلك يوجد انواع مختلفة من المدمنين،ويتم التعرف على المظاهر التى يمكن ان يكون لها عمق او اثر داخلى عميق قى سلوكيات المدمنين فقط بالنظر الى الشخص وكيف يتصرف عاطفيآ او انفعاليآ سواء كان رجلاو امرأة فى الموقف او التجربة ذاتها ومع القرن الحادى و العشرين وجد المتخصصون فى علاج الادمان انه يجب الابتعاد عن الطريقة العقلية الواحدة النمطية فى علاج المدمنين والنظر اليهم والتفاعل معهم باعتبارهم نموذج مرضى واحد،حيث وجدوا انه يمكنهم بدلآ من ذلك النظر الى الديناميكيات التى تحرك عواطف الافراد كلآ على حدة والى العلاقات العاطفية لكل فرد.
هذة هى طبيعة العواطف المتحركة والتى تجذب الناس لتكرارها، انه ليس ادمان فردى ولا ادمان مخدرات،ومن خلال هذة العلاقات بين العواطف وبعضها يمكننا تحديد مفهوم الادمان،متى يمكن للشخص المتعرض للضرب او للركل ان يأخذ حيز او جانب من اهتمام المجتمع؟
وقبل أن تجيب انت او انتى باحباط ويأس دعنى اقول لك انه الادمان.
يوجد الادمان فى محنة المدمن وهو انعكاس عنف فى المجتمع،حيث نعانى فى المجتمع من مأزق اجتماعى مزدوج،يعبر المجتمع الملىء باعراض الانفصام عن نفسه،حيث يعامل هؤلاء بقسوة من قبل المجتمع ،ففى الانظمة القائمة على الخوف والتعذيب يناضل ويقاتل المدمن الرجل او المرأة من اجل حياته او حياتها.
ولقد عرف عالم النفس ايرفن غوفمان (وصمة العار) بانها العملية التى تحدث كنتيجة لردود افعال الآخرين وكنتيجة لاستمرار الانسان بهويته وشخصيته العادية.
وكلمة وصمة عار (stigma) هى كلمة انجيلزية لها اصل يونانى وهو (tatto)بمعنى وشم.
تاريخيآ ،كان يتم حرق الوشم على جلود المجرمين او العبيد كنوع من التحديد او التمييز السلبى لهم بشكل واضح بحيث يشير ذلك الى انهم اقل درجة من باقى البشر.
ولكننا لا نحتاج اليوم الى شىء واضح مثل ذلك بقوة، فيكفينا قوة الثقافة السائدة فى عصر المعلوماتية الذى نعيش فيه وذلك عبر الكلمات الشفهية وعبر وسائل الاعلام.
ومدمنى هذة الايام او الاشخاص الذين يتم القاء القبض عليهم لارتكابهم جرائم يتم تعريفهم وتحديدهم على اساس انهم اشخاص لا يحبون الآخرين او دائمآ ما يسببون القلق و التعب لباقى افراد المجتمع.
وان الطريقة التى يتعامل بها المجتمع مع هؤلاء الناس هى نفس الطريقة التى سيتصرفون بها.
على سبيل المثال: لو ان فردآ شاب او شابة يبلغ الثلاثين من العمر وقد خرج لتوه من السجن ولابد ان يذهب ويقدم نفسه او تقدم نفسها لمكتب الافراج المشروط او للاختبار والتأكد من عدوله عن ارتكاب الجرائم.
ونتيجة لذلك، عندما يذهب او تذهب الى مكتب الافراج المشروط سيجدون هناك نوعين من الظباط المسئولين فى مكتب الافراج المشروط: واحد ربما يعاملهم بآدمية ويشعر ان بامكانهم ان يصبحوا اعضاء فعالين ومنتجين ومفيدين للمجتمع، بينما النموذج الآخر من الظباط يعاملهم كما لو انهم ادمنوا الجريمة واصبحت تجرى فى عروقهم واصبحوا مدمنين جرائم وانهم لن يصلوا الى اى شىء فى حياتهم.
وفى كلآ من هذة الخبرات والتجارب سيتصرف هؤلاء البشر(ممن ينظر اليهم انهم مدمنى جرائم او غير صالحين) طبقآ لكل موقف وما حدث فيه.
حيث يقوم هؤلاء الافراد بتحميل او تخزين هذة التجارب انفعاليآ وداخليآ فى نفوسهم وهذا فى حد ذاته كافى للتأثير عليهم وعلى نفوسهم وسلوكياتهم وجعلهم دائمآ كالوقود المشتعل او كالرياح والاعاصير التى تهب غاضبة منفعلة .
وهذا يفسر ما ذكرناه سابقآ فى ان الطريقة التى ينظر بها المجتمع الى الافراد الذين ادمنوا او بالاصح اعتادوا على ارتكاب الجرائم ومن ثم الطريقة فى التعامل معهم بقسوة ونفور وازدراء والتقليل من شأنهم ستعود على المجتمع بمزيد من الحقد والغضب والكراهية والانتقام من قبل هؤلاء الاشخاص.
ومن هنا تأتى اهمية التقدير الاجتماعى للاشخاص المدمنين لهذة النوعية من الادمان والوعى الاجتماعى اثناء التعامل معهم والتى قد يطول تأثيرها السلبى والايجابى المجتمع باسره.