هل القراءة أصل المعرفة حقاً؟
أي شخص يود أن يكون إنساناً مدركاً لعالمه و محيطه واعياً لما يدور حوله ذو معرفة بحقيقة الأشياء و بواطنها
تكن النصيحة الأولى له أن عليه أن يقرأ كثيراً و يحصل معارف كثيرة لكي يتمكن من الوصول لهذه الحالة من المعرفة و الإدراك و الإستواء لكن هل هذا صحيح حقا ؟
هل يقتصر الإدراك على العقل فقط؟
هل أمر الإدراك و أن تكون إنساناً سويا متعلق بالعقل فحسب ؟ و أن ليس للقلب أي دور في هذه المعرفة ؟
يقول السيد علي عزت بيجوفيتش رحمه الله :
“القراءة المبالغ فيها لا تجعلنا أذكياء, بعض الناس يبتلعون الكتب و هم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير،
و هو ضروري لكي يُهضم المقروء و يُبني و يُتبني و يُفهم .
عندما يتحدث إليك الناس يخرجون من أفواههم قطعاً من هيجل و هايديجر أو ماركس في حالة أوليه غير
مصاغة جيدا , فعند القراءة تكون المساهمة الشخصية ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي
و الزمن ، لكي تحول رحيق الأزهار المتجمعة إلى عسل.”
“هذا الكم من القراءة و البيانات لابد له من مدخل آخر عليه يولد فيه الحياة و يخلق فيه النور و العقل
الإنساني لا يستطيع القيام بالمهمتين معا التحصيل و التحليل و كذلك إضفاء الروح علي الكلمات هذا شأن القلب.”
العلم يُنير المشاعر
اؤمن أن القراءة لا تصنع إنسانا سويا وحدها و لكن هي العاطفة أثر الوجدان و الشعور المتسرب من
قلوبنا إلى الكلمات يفعل ذلك ، العلم يُنير المشاعر فحسب ، و لكنها هي التي تحيي العقل و تزهر به
المعاني ،ستري أن العلم بدون عاطفة نحو الخير تلتمس اللطف و تستشعر الصلاح يقود صاحبه للتهلكة
” وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ …”
فالسعي المعتمد علي العلم المجرد و التحليل المادي دون إدخال الجانب الشعوري و الوجداني علي ما
نحصله هو أشبه بترتيب كلملت متقاطعة تصنع كلمات لكنك لا تصنع جملة مفيدة يستحيل مع هذا الحال
أن يصل صاحبها للوعي الصحيح و الإيمان السليم و المعرفة الحقّة و هذا ليس إنكارا للتحصيل و المعرفة
اعتمادا كليا على أمر الشعور في بنيان الروح الواعية و القلوب العاقلة فكذلك العاطفة الجاهلة تضل الطريق
و لا تستقيم و لا تهدي “وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ..”
القراءة يجب أن تكون بقلب يستشعر وعقل يبحث
فالأمر إذا ليس كماً للمعرفة و لا فيضاً من المشاعر بل قلبا يستشعر أين الخير و عقل يبحث و يهتدي إليه بنور الفهم .
كل محاولاتك لإدراك واقعك بعين عقلك فقط لن تفيد و كل تجاربك المعتمدة علي عاطفتك و شعورك لن تصل بك إلى ما ترنو إليه من سعة أفق و سداد منطق .
إذا ما السبيل للتوازي العاطفة مع العقل ليتم سليم الإدارك ؟
يكون ذلك بتهذيب النفس و تأديبها و كذلك بسلامة النفس و طيبها بتجديد النوايا في المعرفة و جعل الحق نصب العين حتي يكون أعمال عقلك في مسار محدد و مسلك منتظم لا يحيد بك و يضل عن الخير .
و أنت تبحث في المكتبة عن كتاب تطلع عليه في علم من العلوم أو في مشرب من المشارب عليك حينها أيضاً أن تبحث عن مسبحتك تطيل الجلوس معها ذاكرا لله بقلبك و نبضك داعيا الله أن يسلم عقلك حسن الفهم و سواء السبيل حينها ستري الإشارة و النور أن الطريق من هنا فاعبر بسلام ..