بداية قصة
ما ان جلست مريم على المقعد فى القطار حتى تنفست الصعداء وقالت الحمدلله بجوار
الشباك اخير يمنحنى القدر شىء افضله ..اسندت رأسها واغمضت عينيها لتعزل خيالها عن
اى متطفل حولها .. وتحدث نفسها “انها لحظاتى المفضله ان اخلوالى نفسى مع هدير القطار
فوق قضبان السنين ..تترنم بكلمات ” ياعاقد الحاجبين ” لفيروز ..تتذكر .كيف كانت تمس مشاعرها
وتتعجب من دوران الزمن حتى كرهت كل عاقد للحاجبين ….. واخيرا استلقى مصطفى على
مقعده فى القطار و شعر بالدفء… الجو شديد البرودة بالخارج ..سفر طويل ..قطرات المطر
تتساقط على النافذة ..تقطع عليه شروده ..من وقت لاخر ..تذكره باجمل لحظات عمره حين كان
طفلا يلهو تحت المطر فى بلاده الدافئه ..وصوت امه تحذره من نوبات البرد ..
بينما ” مى” تحدث نفسها وتقول ليتنى اتكلم مع نفسى بصوت عال ..اريد ان اسمع صوتى ..
كل الكلام يتضارب داخلى نبرات عاليه واخرى هامسه ولكننى لا اسمعنى ..ماذا لو اصبت
بالصمم ..فلا اسمع صوت القطار ولا ضجيج الباعه ولا صوت المشاكل حين يعلو …
ولكنى سافتقد ضحكه “على “..وصوته وهو ينادينى ماما ..
لا احد يعلم اننى لا املك فى جيبى سوى ثمن التذكرة وقليل من القروش ..تبقت ..ربما ينخدع
الناس فى مظهرى وساعه يدى ..وحذائى اللامع ..صدق من قال لو كان الفقر رجلا لقتلته
ولو استطيع قتل شريكى لفعلت فهوالسبب فيما وصلت اليه ….هكذا كان يحدث احمد نفسه …
ماذا سأفعل لو قال لى الطبيب اننى فى حاجه الى عمليه …كيف سأدبر النقود ..لقد بعت كل
ما يمكن بيعه الفترة الماضيه ..لماذا ابحث عن العلاج ..ولماذا افكر فى الحياة ..انا لا ابن لى
ولا بنت ..وهجرنى زوجى منذ زمن ..لم يتبق لى سوى البيت القديم الذى ارثه عن ابى رحمه
الله …ايجار قديم ..كل شقه فى البيت تساوى ثروة طائله ولكن ..كيف والسكان يتشبثون به ..
هكذا كنت تحدث نجوى نفسها ..
جلس مجدى فى ثقه وكبرياء لا يحاول ان ينظر حوله لانه يعلم ان الجميع ..يتطلع اليه ..
وان نظرات الناس سعيدة انها صادفته اليوم ..وافاق من غيبوبته على صوت يقول له بلهجه
قويه ” عن اذنك يا استاذ ” هذا مكانى ..افاق لينظر حوله ويجد ان الجميع مشغول بنفسه ولا
احد يراه .. مابالهم هؤلاء كيف لا ينظرون الى فى شغف ولا يطلب اى منهم توقيعى الا يتابع
هؤلاء التلفاز ولا يشاهدون برنامجى … ربما توقيت البرنامج هو السبب ..