غريب فى زمن الغربة
غريب فى زمن الغربة
إذا كتب عليك أن تكون فى زمان قد أصبح فيه كل شئ عكسه ، وقد أضحت فيه موازين البشر مقلوبة ،
والتعريفات مبهمة، والمسلمات متغيرة ،والضروريات رفاهية، والمعانى متباينة، فلا تبتئس!
فقط يجب أن تدرك أنك ( غريب فى زمن الغربة ) .
حين تجد نفسك عزيزي قارئ موقع مقالات فى زمن تاهت فيه الأوصاف، وتضاربت معانيها،
وصار لكل قاموس قاموسا آخر يغايره ، فحتما ستشعر بالغربة ، و ستشعر أنك غريب
كلما إختلفت مع من حولك فى فكر أو مفهوم أو رأى يقره الوجود
ويذعن له الحق بالأحقية. لكن لا تبتئس!
فقط تفهم الموقف إن من حولك لهم قاموسهم الخاص الذى يفسرون به ما يواجههم .
غريب فى زمن الغربة
لذا حين تخاطبهم يجدوا صعوبة فى فهمك وحين تعاملهم يجدوا غرابة فى فعلك.
فحين تتصرف بطيبة قد يصفك البعض أنك ساذجا.
وحين تلازم الحياء قد يصفك البعض أنك متخاذلا.
وحين تحب التدين قد يصفك البعض أنك متشددا.
وحين تكون حسن النية قد يصفك البعض أنك مغفلا.
وحين تكون صادقا قد يصفك البعض أنك معقدا.
وحين تلتزم الصمت قد يصفك البعض أنك إنطوائيا .
وحين لا تجرح أحدا قد يصفك البعض أنك ضعيفا.
لا تبتئس
لكن لا تبتئس! دعهم يصفونك كما يحلو لهم ،فهكذا وجدوا معانيك فى قاموسهم.ولا تلم نفسك لأنك لم تعد مثلهم ،
فقط ابحث فى الحياة على شركاء قاموسك وحينها ستجد الكثيرين أيضا ممن يبحثون عنك.
إبحث عن غرباء زمانك فى كل مكان ثم عض عليهم بالنواجذ، ولا تدعهم يتركونك وحيدا فى هذا الزمن،
وإلا أضيف إلى غربتك وحدتك، فحينها لن تستطيع دفع عجلة الحياة وحدك .
استمسك بقاموسك مادام على حق فمهما كان للحق خصوم فسيظل حقا وسيظلوا خصوم.
دافع عن معانيك الجميلة الندية، وزينها بأفعالك البهية ،وإقتسم حياتك مع من يشاركك فى معانيها،
مع من لا يجعلك وحيدا ولا غريبا ،فهو الوحيد القادر على تفهم معانيك وتقدير تفانيك ،
هو الوحيد الذى سيعذرك فى قولك وفعلك ،فما تقوله وما تفعله ليس غريبا عليه
لأنه سيجد تفسيره عنده فى توأم قاموسك.
فجميل أن يختلف الناس معك وألا يتشابه البشر لتتعلم كيف تفاضل بينهم، والأجمل أن تعذر إختلافاتهم ،
فأصابع اليد الواحدة مختلفة.
ولا تبتئس إذا كنت غريب فى زمن الغربة فى هذا الزمان فالحق بدأ غريبا وسيعود غريبا ، فطوبى للغرباء.