و لأن شرعنا الحنيف لم يترك شاردة أو واردة في حياة المسلم فقد وجهنا لأدق التفاصيل في حياتنا اليومية و نبهنا لإحترام كافة الحقوق و حفظها بداية من الحقوق العامة نهاية إلى الحقوق الخاصة و من اهم الحقوق و من بديهاتها حق الطريق ، ذلك الحق الذي أصبح مهضوما و كان كل فرد في المجتمع هو صاحب الطريق الأوحد و الحق الحصري في العبور و في اتخاذ ما يريد في الطريق دون مراعاة لأي فرد آخر في المجتمع.
إلى من يهمهم الأمر
إلى كل من أتخذ من الطريق مكان للرزق إلى أصحاب المحال التي تعدت علي أصل الطريق و حق المارة في العبور فيه إلى من اتخذ من الطريق مكان للسمر إلى أصحاب المقاهي و جالسيها من رأوا أنه لا حرمة لمن يمر في الطريق و هم أهل الطريق و أصحاب الحق فيه و أصحاب الحق في النظر و التلميح علي كل من يمر من أمامهم إلى من اتخذوا من الطريق ساحات سباق لسياراتهم الفارهة التي لا ترى ولا تشعر بمن دهس تحت عجلاتها إلى كل من يهمهم هذا الأمر كيف نتسطيع أن نبني حضارة ونحن عاجزين على أن نعرف أبسط حقوق الطريق و دون أن يحترم بعضنا الآخر… إنه في الحقيقة أمر في منتهى الخزي و العار.
حرمة الطريق في الإسلام
و لأن الأمر هام ومؤثر في المجتمع فقد نبهنا رسول الكريم صلى الله عليه و سلم و اورد في ذلك حديثا جامعا دالا على شمولية الإسلام و اهتمامه ليس فقط بالعبادات الظاهرة وفقط بل بالتفاعل مع أفراد المجتمع على إختلاف عقيدته و ألوانه و أول ألوان التفاعل هذا وساحته هو ” الطريق” الذي هو محل البيع و الشراء و السير و التعارف و التداوي و التعلم و غيرها بين أبناء المجتمع فكانت و صيته صلي الله عليه وسلم بإن تكن لهذه المساحة حرمتها و ليكن لهذا السبيل حقه و حدوده التي تحترم من قبل الجميع فقال صلي الله عليه و سلم “عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والجلوس بالطرقات)، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها، فقال: (إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه)، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر) متفق عليه، وفي رواية أبي هريرة عند أبي داود.
الأمر واضح و الحقوق ظاهرة و كذلك مخالفتنا له و كأننا رأينا حقوق الطريق و فعلنا عكسها بالضبط ، أن ترفع آذاك عن الطريق من تضييقه أو التعرض لغيرك فيه ، أن تغض بصرك عن الناس و تحفظ لهم خجلهم وحيائهم ، أن تبعث برسائل السلام و تردها فهذا حق للطريق ، أن يكن في جلوسك خيرا للمجتمع بأن تمنع منكراً بالنهي عنه بالأدب و بالإسلوب الراقي أو تحث علي الخير كذالك بذات الأسلوب فليكن جلوسك مانعا للسؤ و محافظا علي حقوق غيرك و كذلك جالبا للنفع .
الطريق هو أول ما نلتقي فيه
أن الطرقات لم تعد كما في السابق ساحة للمرور فحسب بل أصبحت الآن مكانا لتناول الطعام و الندوات و الحفلات و النقاشات و حتي للعلم لا مانع من ذلك كله و لكن هذا أدعى للحفاظ علي حق الطريق فهو مساحة عامة زاد النشاط فيها و زادت أغراضه فالحفاظ على هذه الحقوق ضرورة إذاً في الإبقاء علي هذا الدور دون خلل أو أن يطغي إحساس الشخص و منفعته علي حساب المجموع . الطريق هو أول ما نلتقي فيه لا يمكن أن ننجز شيئا ايجابيا إن لم نكن محافظين علي ساحة لقيانا و مبتدأ رحلتنا .. الطريق ليس أرضا بل أول الخير .