قلوب تبحث عن خالقها
إن التاربخ البشري مرت عليه قصص أولئك الذين خرجوا من ديارهم باحثين لا عن المال و لا عن السلطة
و لا عن الجاه بل باحثين عن الله ، أخذوا في التدبر و النظر حتي علموا بقلوبهم النقية أن ثمة إله في هذا الكون و هذا الإله تعالي عن وصف البشر الزائف له و أنه ليس له شريك و لا ولد من هؤلاء الباحثين زيد بن نفيل.
زيد بن نفيل
هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة، أبو الأعور القرشي العدوي.
أما عن امه فهي
مهرة بنت سَعْد بن ربيعة بن يربوع بن واثِلة بن دُهمان بن نَصْر بن معاوية بن بكر بن هَوَازِن بن منصور بن عكرمة بن خصفه بن قيس عيلان.
تزوج زيد من فاطمة بنت باجة الثقفية، وأنجب منها ابنهما سعيد الذي أصبح صحابيا جليلا فيما بعد من
صحابة الرسول صلي الله عليه و سلم.
زيد في رحلة البحث عن الله
شك بعقله القويم و قلبه السليم في عبادة الأصنام و لم يرى أن الإله الذي خلق الأكوان يكون صنما ثابتا لا ينطق يصنعه العباد بأيديهم ثم يعبدوه.
أخذ يرتحل بين بلاد الشام و العراق ليجد ضالته و جد من يدينون بالنصرانية و اليهويدية لكنه لم يؤمن بأي منها فظل مستمرا في بحثه ،وعاد إلى مكه بعد رحلة بحثه التي لم تثمر عن شيء. ولقد عاصر الرسول صلي الله عليه و سلم لكن لم يكن الرسول قد أوحي له بعد بالرسالة.
علي الفطرة عبد ربه وأبى أن يركع لغيره
قال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيداً بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول:
«يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري »
ثم يقول: «اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به، ولكني لا أعلم»، ثم يسجد على راحلته.
وجاء في صحيح البخاري: «عن عبد الله بن عمر، رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ
بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ الْوَحْىُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِي سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّي
لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ،وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ.
زيد بن نفيل رجل بأمة
وفي عام 605 م وهو في إحدى رحلاته أغار عليه أهل بعض القبائل من لخم النصرانية لما أنكر عليهم عبادة المسيح، فقال وهو ينازع: ((اللهم إن كنت حرمتني صحبة نبيك فلا تحرم منها إبني سعيداً)) وفعلا كان أبنه
سعيد بن زيد من السابقين الأولين في الإسلام و ذكره النبي ضمن العشرة المبشرين بالجنة.
وقد قال الرسول صلي الله عليه و سلم عن زيد بن نفيل :
دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل درجتين. رواه ابن عساكر وحسنه الألباني
إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده”
رحم الله زيد بن عمرو ذلك الذي عرف الله وحده بقلبه و فطرته رحم الله رجل ب أمة.