ثقافة الإعتذار…أنت تنقذ نفسك
ثقافة الإعتذار منهج قرآني و سلوك قويم
ثقافة الإعتذار منهج قرآني و سلوك قويم يدل علي إنابة الشخص و إستواء فطرته مرة أخري إما بعد زيغ أو سؤ التقدير و الحسبان من الشخص فيعود عن ما اساء تقديره.
وهو أيضا يعتبر من نوع رد الحقوق لأصحابها في الحقيقة أنت قمت بإذاء الشخص إما ماديا أو معنويا دون سبب ودون وجه حق فعليك رد حقه بشتى أنواع الإعتذار لأنك إن لم تبادر بإعطائه حقه في الدنيا برغبة منك وندم على ما فعلت به سيأخذه منك هو في الآخرة.
في الإعتذار قوة
وعلى عكس ما يعتقد بأن في الإعتذار إهانة وضعف ،بل فيه قوة وقدرة على ٌإقتياد الشخص لنفسه وتطويعها على منهج الله ضد تيارا الهوى والشيطان ،فثقافة الإعتذار تحتاج الى شخص قوي سمح يخاف الله وعنده من العقل والحكمة ما يتخطى به حاجز النفس المتعالية والعودة الى السلوك القويم.
كما في حال أخوة يوسف
” قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ” هؤلاء الذين يوما ما اتفقوا علي قتل أخيهم يوسف
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ “
او سؤ التقدير و الحسبان كما في حال سيدنا موسى مع الخضر الذي اتفق علي اتفاق ثم نقضه ” قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا “_ الكهف فلما احس من نفسه مخالفة لما اتفق عليه علي الفور كانت عودته و اعتذاره قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا”
الإعتذار عن خطأ لم نرتكبه
تحدثنا عن وجوب الإعتذار و أنه حق يرد لصاحبه مادمت أنك أخطأت في حقه فعليك رده ،لكن ماذا عن الإعتذار عن خطأ لم نرتكبه هل هذا واجب أيضا؟ هل هو شيء لابد منه؟
في الحقيقة لا يمكن أن نعتبره واجب وحق ولكننا يمكن إعتباره نوع من جبر الخواطر والإبقاء على الحب والمودة بين الأفراد حتي و إن إعتذرنا عن خطأ لم نرتكبه فطالما بيدنا جبر الخواطر و إصلاح ما افسده الغير فلما لا ؟!
أحيانا علينا تقبل رغبة الناس في إحساسهم القيمة و رغبتهم في تحصيل الإعتذار لإختبار كم هم مهمين لدينا فتجد نفسك تعنذر لشخص لم تخطئ فيه أبدا سوي أنه قرر إنك تحمل مسؤلية ما تعرض له من سؤ.
و اسأل الله دوما
“فاللهم كما جبرت قلوب عبادك بنا ، هئ لنا من لطفك جبراً يليق بك “
و ستجد ثمرة ذلك عاجلاً أو آجلاً ففي عز الظلام و عندما تنقطع عنك كل أسباب النجاة ستجد نفسك نجوت لدرجة تحسب نفسك فيها ً ” شيخ و ليك كرامات ”
لكن كن علي يقين حينها من ان سبب هذه النجاة ان لعل ” اشعث اغبر ” من لطف الله بك ان جعلك سبباً لجبره يوماً ما فدعا لك فاصابتك دعوته بغير حول منك و لا قوة
و ما ألطف قول الإمام محمد بن ادريس الشافعي عندما تكلم عن جبر خواطر العباد و قضاء حوائجهم و فضل ذلك و نعمة ذلك علي المرء و ما فيها من اثر طيب و انه لحال عظيم ان تكون بيدك سعادة غيرك و جبره ولو اعتذارا
يقول محمد بن ادريس الشافعي
النَّاسُ بِالنَّاسِ مَا دَامَ الوَفَاءُ بِهِم وَالعُسرُ وَاليُسرُ سَاعَاتٌ وَأَوقَاتُ
وَأَفضَلُ النَّاسِ مَا بَينَ الوَرَى رَجُلٌ تُقضَى عَلَى يَدِهِ لِلنَّاسِ حَاجَاتُ
لا تَمنَعَنَّ يَدَ المَعرُوفِ عَن أَحَدٍ مَا دُمتَ مُقتَدِرًا، فَالسَّعدُ تَارَاتُ
وَاشكُر فَضَائِلَ صُنعِ اللَّهِ إِذ جُعِلَت إِ لَيكَ، لَا لَكَ عِندَ النَّاسِ حَاجَات
قَد مَاتَ قَومٌ وَمَا مَاتَت فَضَائِلُهُم وَعَاشَ قَومٌ وَهُم فِي النَّاس أَموَاتُ!.